سيناريو جلسة الانتخاب الرئاسي في 23 نيسان
د. جواد شاهين
يقترب عهد الرئيس ميشال سليمان من الانتهاء، من دون وضوح في الصورة حول مصير الانتخابات الرئاسية المنتظرة. ففي حين تتساقط الأوراق الأخيرة من روزنامة الولاية الرئاسية الراهنة، معلنة انتهاءها في 25 أيار المقبل، حال الانقسام العمودي الحادّ بين طرفي اللعبة السياسية في لبنان دون اتفاقهم على مرشح توافقي لخلافة الرئيس سليمان، كما زادت الشروط الدستورية لانتخاب الرئيس من غموض الموقف. وإذا كان رئيس مجلس النواب نبيه بري قد دقّ ناقوس الدعوة لانعقاد مجلس النواب في 23 نيسان كهيئة ناخبة للرئيس الجديد، استناداً إلى نص المادة 73 من الدستور التي تلزم المجلس بالانعقاد بناء لدعوة من رئيسه خلال مدة أقلها شهر وأقصاها شهران قبل موعد انتهاء الولاية الرئاسية، ما هي السيناريوات الدستورية المطروحة لجلسة 25 نيسان وما يليها؟
استناداً الى نص المادة 49 من الدستور، «ينتخب رئيس الجمهورية بالاقتراع السري بغالبية الثلثين من مجلس النواب في الدورة الأولى، ويُكتفى بالغالبية المطلقة في دورات الاقتراع التي تلي». يُفهم من هذه المادة انّ الثلثين المطلوبة – أي 86 نائباً من أصل 128 يتكوّن منهم مجلس النواب – هي نصاب انعقاد وأغلبية انتخاب في الدورة الأولى، وهي فقط نصاب انعقاد في الدورات التالية في حال تعذّر الانتخاب في الدورة الأولى.
أفضل سيناريوات الجلسة الأولى في 25 نيسان هو توافر نصاب الانعقاد، ويبدو ذلك مؤمناً حتى الساعة، طالما أنّ أياً من الكتل النيابية لن تتحمّل اتهامها بـ»تطيير» جلسة انتخاب الرئيس، وحصول أحد المرشحين على 86 صوتاً فيتبوأ سدة الرئاسة، وهو أمر مستحيل في غياب التوافق بين التيارين الرئيسيّين، 8 آذار و 14 آذار. فكلّ من التيارين يملك نحو 57-58 صوتاً، مع الاحتفاظ بنحو 12 صوتاً الباقية للكتل الوسطية. والمفارقة أنّ ميل الكتلة الوسطية الى أيّ من طرفي التنافس غير كاف لانتخاب رئيس من الدورة الأولى، وبالتالي فإنّ تأثير الكتلة الوسطية منعدم في الدورة الأولى، سواء تمّ التوافق بين التيارين الرئيسيين أو لم يتمّ.
هذا الدور المنعدم للكتلة الوسطية في الدورة الأولى، وإنْ استمرّ غائباً في الدورات اللاحقة على صعيد تأمين النصاب، فإنه يصبح الدور الأهمّ في تأمين الأغلبية اللازمة لانتخاب الرئيس، وهي الأغلبية المطلقة أي 65 نائباً، وهنا يكفي أيّ من التيارين الرئيسيين استمالة 7 أو 8 نواب وسطيّين لتأمين انتخاب رئيس من هذا التيار. ولتفادي هذه «المصيبة»، قد يعمد التيار المنافس في حال عدم الاتفاق مسبقاً على اسم الرئيس العتيد الى منع انعقاد الجلسة دستورياً عبر منع تأمين نصاب الانعقاد، وهو 86 نائباً، فيتغيّب نوابه عن الجلسة، وهنا نكون أمام السيناريو الأسوأ إذ تقترب الولاية الرئاسية من الانتهاء بلا إمكان انتخاب رئيس جديد. استناداً الى هذا السيناريو، يستمرّ رئيس مجلس النواب الذي وجه الدعوة في الدورة الأولى في تحديد مواعيد لجلسات انتخاب الرئيس حتى يتم الانتخاب. وهنا تجدر الإشارة الى أن نص المادة 73 من الدستور يلزم المجلس بالانعقاد خلال فترة معينة من دون أن يلزمه بضمان انتخاب رئيس خلال هذه الفترة التي قد تطول الى ما بعد انتهاء الولاية الرئاسية الحالية، فندخل في ما اصطلح على تسميته بفترة الفراغ الرئاسي، في استعادة لفراغ دام أكثر من سنة بعد انتهاء ولاية الرئيس أمين الجميل عام 1988، وستة أشهر بعد انتهاء ولاية الرئيس إميل لحّود عام 2007.
هنا يظهر كأن النواب اللبنانيين عندما اجتمعوا في الطائف في ظلّ فراغ رئاسي عام 1989، وأقرّوا الاتفاق وما يحويه من سلة تعديلات دستورية قد تأثروا بهذا الفراغ وأوجدوا له مخارج معينة، فأبقوا على المادة 74 بنصها «إذا خلت سدة الرئاسة بسبب وفاة الرئيس أو استقالته أو سبب آخر فلأجل انتخاب الخلف يجتمع المجلس فوراً بقوة القانون» وعدلوا المادة 62 من الدستور لتنص على أنه «في حال خلو سدة الرئاسة لأية علة كانت تناط صلاحيات رئيس الجمهورية وكالة بمجلس الوزراء»، وكأنهم أيضاً أرادوا إقفال الطريق على بعض البدع التي بدأت تخرج بخجل قائلة باستمرار الرئيس الحالي «بتصريف الأعمال» حتى انتخاب رئيس جديد.
دكتور في القانون وأستاذ جامعيّ