داومةٌ ضربت الريال وأنشيلوتي
حسين غازي
لم يكن أحد يتوقّع قبل مباراة ريال مدريد وأتليتيكو مدريد، ضمن فعاليات الدور الـ16 من كأس إسبانيا، أن يتلقى الميرينغي الهزيمة الثالثة على التوالي، والثانية في ظرف 4 أيام، ولم يكن أكثر المتشائمين يتوقّع أن تنتهي قمّة الفيسينتي كالديرون، بهذه النتيجة التي تعتبر كارثية، نظراً إلى الأداء الذي قدمه جميع لاعبي الريال، وهنا تطرح أسئلة كثيرة نفسها، هل بدأ الملكي يدخل نفق الهبوط السريع، أم أنها كبوة في كتيبة أنشيلوتي التي بدت حائرةً أمام أسوار الدفاع الحديديّ للروخي بلانكوس؟ فالريال بدا شبحاً لبطل السنة الماضية.
صحيحٌ أن الهزائم قد تكون إنذاراً لهبوطٍ محتمل، ولكن من المؤكد أن أنشيلوتي وقع في فخّ الضياع، وتخبط في بحر المدرب الشاب دييغو سيميوني، الذي تفوّق عليه تكتيكياً ومعنوياً، وجعل الريال يتذوّق مرارة هدفين غاليين، من دون أن يفلح رجال الإيطالي في هز الشباك.
بداية دخل أنشيلوتي بتشكيلٍ منقوص، على رغم أنه يعتمد أسلوب المداورة في اللعب، لكن في الوقت نفسه تكسرت أمواج المدريديين، عند مشارف منطقة الجزاء، التي بدت سداً منيعاً في وجه بيل وبنزيما ولاعبي خطّ الوسط.
وبدت آثار مباراة فالنسيا واضحة على لاعبي الريال، الذين فقدوا الثقة التي كان من واجب أنشيلوتي إعادة زرعها، فقد غاب التركيز عن العديد منهم. سيرجيو راموس كان مشدود الأعصاب في مباراة الميستايا يوم الأحد، وارتكب أخطاءً في عملية التغطية الدفاعية، وكان من الواجب إشراك بيبي البرتغالي مكانه، فالمدافع الصلب قدم أداءً جيداً أمام الخفافيش، على رغم تسجيله هدفاً في مرماه بعدما ارتطمت الكرة به وغيرت مسارها لتسكن شباك كاسياس، لكن على رغم ذلك بقي اللاعب البرتغالي مركزاً، وأكمل دقائق المباراة بأفضل طريقة، ولم يرتكب أيّة حماقة، فكان من الواجب إشراكه إلى جانب فاران، نظراً إلى مبدأ مداورة اللاعبين.
في مسألة حراسة المرمى، يعتبر كايلور نافاس حارساً جيداً، وهو الذي قدم مستوى رائعاً في الموسم الماضي وفي كأس العالم، لكن هذا الموسم جلس الحارس الكوستاريكي لفترات طويلة على مقاعد البدلاء، ولا نستطيع القول بأن كاسياس عاش الموقف ذاته السنة الماضية عندما كان لوبيز حامي عرين الملكي في الدوري، فإيكر شارك في جميع مباريات دوري الأبطال وكأس الملك، ومع ذلك كله كان أداؤه شبه مهزوز، فكيف لكايلور أن يكون في جاهزية تامّة وسط مشاراكاته القليلة؟
نصل الآن إلى العقل المدبر ومخطّط الفريق، والمسؤول الأول عن الخسارة إلى جانب راموس وبايل في المقام الثاني، وهو المدرب أنشيلوتي، الذي بدا حائراً ومشتت الذهن، فالإيطالي لم يكن متيقظاً، وسحبت منه خيوط اللقاء تدريجياً، لتصبح اللعبة بكاملها بين يديّ الأرجنتيني سيميوني، فإدخال كارفاخال في الدقيقة 83 ينمّ عن قلّة الحلول، وحتى إشراك كريستيانو رونالدو لم يكن صائباً، فالأخير يمرّ في حالة من الإرهاق البدني، جراء الضغط الهائل الذي يتعرّض له أفضل لاعب في العالم لعام 2014، والمرشّح للظفر بالكرة الذهبية أيضاً لعام 2015، فالدون لم يكن ليقدم الإضافة المرجوّة، وكان إبقاء جيمس رودريغيز في المستطيل الأخضر الحلّ الأمثل، وبدا واضحاً للمشاهد ضياع سامي خضيرة في وسط الملعب، ما حمّل كروس عبء المساندة الدفاعية، والتحضير الهجومي، فخطّ الوسط هو بيضة القبّان، الذي يكون سبباً في تألق أو فشل فريق، وخصوصاً في ظلّ استمرار غياب المبدع مودريتش في المنتصف، بعد تعرّضه لإصابة في الرباط الصليبي.
بعد كل ما ذكر، لا يمكن إخفاء قوة منظومة سيميوني المتكاملة، والتي تلعب بروح قتالية وفدائية، والتي لا تعتمد على اسمٍ واحد، بل يعمل الجميع من أجل الفريق، فعلى رغم عدم مشاركة أردا توران وكوكي وماندزوكيتش منذ البداية، بدا الفريق ثابتاً ومنظماً في جميع الخطوط، وكان أتليتيكو مدريد يستحق الفوز، ليكون في حال جيّدة وعلى أعلى جاهزيّة قبل مباراة العودة في قمة البيرنابيو.