العاصفة والثقة
بلال شرارة
النبأ الذي أخذني على حين فجأة هو العاصفة «زينة» التي تضرب لبنان، أعترف أنّي «خفت ومتّ من الفراغ» عندما سمعت أنه تم إيقاف الملاحة الجوية وتحذير الناس من سلوك الخطوط البحرية، لكون البحر سيطلع على البر ويمدّ يد أمواجه على الناس.
ثم انتبهت إلى أن خوفي ناتج من رجفة مرض وليس البرد، وتذكرت أنا العائد من «ديربورن» في الولايات المتحدة حيث تسكن جالية لبنانية طويلة وعريضة أن درجة الحرارة هناك كانت حتماً ليل مغادرتي نحو عشر تحت الصفر وأكثر، وأنني كنت في المنزل بقميص قطن نص كم.
انتبهت إلى الخدمات هناك والبنى التحتية، وإلى أن كل شيء وُضع وبني على أساس الطقس، وأن المنازل التي تبدو كرتونية تتحمل الرياح والمطر والثلج، وأن البلديات وسلطات الولاية والسلطات الفيدرالية ترشّ الملح وتفتح الطرقات العامة.
انتبهت إلى أن أكبر عاصفة عندنا لا تساوي يوماً شتوياً واحداً هناك، وإلى أنه لا يجوز أن نجعل بعض أبناء لبنان المغترب يعتقدون أننا في لبنان المقيم نموت حيناً من الفراغ وأحياناً من الطقس والمخفي أعظم.
طيب، طالما الدولة مشغولة الآن بمختلف أنواع الفساد الفساد رسمي في أساسه لماذا لا تعيّن الدولة وزيراً لشؤون العاصفة «زينة» ووزيراً للعاصفة القادمة في مطلع الثلث الأخير من الجاري؟ ولماذا لا تستحدث طاولة مستديرة تضم سائر الفرقاء لبحث التخفيف من وطأة العاصفة، طالما أن الجميع مستهدف «ثلجياً»؟ ولماذا لا يسافر السادة أركان الدولة ويسيقون إمكان إغلاق المطار والسواحل؟
الحمد لله أن القادة يجدون دوماً وسائل لتحويل انتباهنا عن الوقائع المرة.
فساد، عاصفة وماذا بعد؟
هل سيقوم من «يدق» بالوكالات الحصرية والاحتكارات؟ ومن سيدلنا نحن على أصحاب احتكارات النفط والغاز والملح والسكر والرز والعدس والسياسة؟
من سيعلمنا المشاركة؟
نحتاج الى دروس في تصديق الدولة! فمن يعطينا درساً ويبني لنا ثقتنا بالدولة؟
… وإذا كان كل شيء يوقف الملاحة والمدارس والحياة، لماذا لا يسافر عشرات بل مئات القادة والمسؤولين فيرتاحون ويريحوننا من عواصفهم كلّ يوم؟