معايدات
قبل ألفين وأربعة عشر سنة، صار للبشرية مخلّص هو عيسى بن مريم، مداوي الأمراض في الأجساد والقلوب. من رفعت قامته المقدّسة على الصليب تعذّب وهي تبذل دمها وألمها بوحيٍ من خالق جبّار، لتقدّم أمثولة كرّرها الإمام الحسين بعد سبعمئة سنة، كيف تنزاح الجبال ولا تنزاح عن كلمة الحقّ الرجال، ليأتي زمان يحدّثنا فيه بعض من لبسوا لحى أبي جهل وأبي لهب، يبشّروننا بقطع الرؤوس وذبح العروس ورائحة التيوس، ويقولون إنّ الله بشّرنا أنّ الجنة لا يدخلها إلّا من قال أنّ محمداً رسول الله، وأنّ النار لمن عاداهم، وأنّ بين أتباع دين محمد أهل بيته الذين ذكروا في الصلاة عليه ليسوا أهل بيته، بل هم لأنّهم الأقرب إليه بين أتباعه، يعدّ فطوره في الجنة وينتظر انتحارييهم على الفطور. وأنّ بين أتباع مذاهبه من المسلمين من سعرت لهم نار جهنم، لأنهم رفضوا بيعة يزيد أو أبي بكر البغدادي أو أيمن الظواهري. بينما يخبرنا المطران جورج خضر أنّ في مسيحية هذا الشرق كثير من الإسلام، وفي إسلامه ومسلميه بعض من المسيحية. ويأتي المطران غريغوار حداد ليقول إن الانسان هو تجسّد الله في الأرض، ومن قارب فيه الإنسانية بلغ مرتبة الرضى الإلهي، وصار رفيق محمد والمسيح. ومن صمت عن ظلمٍ أو ذلٍّ لمخلوق من مخلوقات الله ولو كانت تلك التي حبست قطّتها وتحدّث عنها رسول الله، فقد أغضب الله واستحقّ ناره… إذا كان لا بدّ من الاختيار وثبت أنّ المطرانين جورج خضر وغريغوار حداد إلى جهنم، وأبا بكر البغدادي ويزيد وكثرة من الذين قالوا إن محمداً رسول الله على طريقة أبي سفيان هم سكّان الجنّة، فأنا أفضّل جهنم مع جورج خضر وغريغوار حداد على جنّة أبي سفيان والبغدادي… ميلاد مجيد وكل سنة وأنتم بألف خير وسورية بخير ومقاومتنا بخير.
كلّ سنةٍ وأنتم بخير بمناسبة عيد المولد النبوي الشريف… فمحمد خير من أخرج للناس من بين الجِنَّة والناس… تبادل التهاني في مولده تكريم لكلّ معاني الخير والرحمة والحبّ والجمال… مشكلة المسلمين أنّ نصفهم يحتفلون بعيد نبيّهم كرهاً بالنصف الآخر… ونصف يقولون آل البيت وينسون أنهم آل بيت النبي، ونصف يحتفلون بأعياد ميلاد زعماء وقادة قد يستحقون أو لا يستحقون، طلباً لمصلحةٍ أو خوفاً من مظلمة. ونصفهم يحتفلون بأعياد ميلادٍ ترفاً وتسليةً بلا معنى كاحتفالهم بعيد العشاق يوم ميلاد القديس أوغسطين، ليس حبّاً بالحبِّ، بل بالتسلية. وربّما أكثرهم يحتفلون بعيد ميلاد السيد المسيح حبّاً بمثله لا حبّاً به وبأمّه المقدّسة، وإلّا لاحتفلوا بعيد نبيّهم مثل عيد ميلاده. ويحتفلون برأس السنة الميلادية وينسون رأس النسة الهجرية كعيد، لأنهم يحتفلون بكعك العيد لا بمعناه… لهذا، حال المسلمين دون سواهم خمسة أنصاف، لا نصفين فقط.