هولاند… من يزرع الريح يحصد العاصفة
د. سليم حربا
إنها أفعى الإرهاب التي فاخر بها الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي، وجعل لها قدمين ويدين وشعاراً، وأطلقها تحت مُسمّى »الثورة»، مرهوناً بما كبّل يداه وفتح فاه وأطلق لسانه ومأخوذاً بأميّة مَن ملأ جيوبه من البترودولار، ليسلِّم الأمانة إلى خلفه هولاند ليكمل المشوار ويقامر بدماء الشعب الفرنسي وموروثه »الديغولي»، وينافس روّاد »الوهابية» و«الإخونجية» في إقامة وزعامة الإمارات، ويطلق العنان بما ملكت يمينه لدعم الإرهاب وأدواته وأفرعه وأذرعه ويمدّ السجاد الأحمر لممثليه والناطقين باسمه، معتبراً أنّ الكتيبة الفرنسية الإرهابية »الداعشية» في سورية هي »الطليعة الثورية» المقاتلة والتي ستملأ الأرض، عدلاً وحرية وديمقراطية.
لم ينتصح السيد هولاند من الديك الفرنسي الفصيح، وغاب عن فطنته أنّ الإرهاب الذي يدعمه هو الذي نبشَ قبور الصحابة وقطع رأس المعرّي وفجّر مرقد النووي وأكل لحوم البشر ودمّر الكنائس والمساجد تحت شعار الوهّابية »المقدّس»، معتبراً ما قبلها وما بعدها كفراً وزندقة ووجهات نظر، كما أنه لم يستمع إلى صوت العقل عندما حذّرت سورية حتى أسمعت، بالصوت، من به صمم، وجعلت كلّ أعمى بصر وبصيرة يرى، بالصورة، أنّ هذا الإرهاب لا يُعرَّف بأكثر مما عَرَّف نفسه به، وأنّ داعمه كمن يضع عقرباً في جيبه وأنّ الإرهاب سيرتدّ حتماً على داعمه ومموله ومسلحه والناطق باسمه، وسيعود إلى موطنه حيث تربّى ونشأ.
يُقسم السيد هولاند بأنّ ما يدعمه هو »إرهاب معتدل»، وبأنه سيأتي بما لم ولن يستطيع أن يأتي به سلفه وخلفه، وهو يعتبر أنّ «داعش» وإخوانه أحقّ بتمثال الحرية من أميركا، فهو، أي هولاند، لم يقرأ تاريخ سورية وبلاد الشام ليتعرف على موروثها الحضاري القديم وتراثها الحافل بالأمجاد من الأجداد إلى الأحفاد لكي يستشرف المستقبل ويدرك أنّ الدولة السورية، شعباً وجيشاً وقيادة، عصيّة على الهزيمة.
أربع سنوات من الصمود الأسطوري وإنجازات وإعجازات الجيش السوري وإفلاس الإرهاب وتقهقره واندحاره وتشتت شمل حلف العدوان والإرهاب ومجالسه وائتلافه، لم تدفع الرئيس الفرنسي إلى فكّ ارتباطاته وعقده مع الوهابية، والعدول عن كونه رأس حربة في إدارة التوحش على سورية وشعبها، وها هو الإرهاب يعود إلى فرنسا ويكشِّر عن أنيابه ويضرب، بكلّ أسى وأسف، صحيفة »شارلي إيبدو»، بعد أن ضرب وقتل وفتك في سورية واشتدّ عوده، ليعود إلى حيث احتياطه النائم ويلدغ اليد التي دعمته وكأنه يقول لهولاند: يداك أوكتا وفوك نفخ، وها هو «داعش» يدخل وإخوانه حلبة التنافس مع هولاند، في سباق على دماء الفرنسيين الأبرياء ومصيرهم.
نعم، بدأت رحلة الإرهاب المرتدّ الراجع من ربيعه الوهّابي إلى مرابعه، فمقتل قائد حرس الحدود السعودي في عرعر مؤشر لما قد مرّ واستقرّ في السعودية وما هو آتٍ، كما أنّ مقتل شرطي تركي في اسطنبول في ميدان السلطان أحمد رفع درجة الإنذار إلى الحمراء، لا سيما أنّ الواقع والمعلومات في سورية والعراق تقول أنّ «داعش» وإخوانه في صدد إعادة التجميع والقرار لفرار جماعي. فأين سيحط التنظيم الإرهابي رحاله وراياته؟ وأين سيقيم أعضاؤه المتعدّدو الجنسيات إمارتهم؟ إنها لحظة التجلّي واليقين بأنّ الذي زرع الريح يحصد العاصفة. فهل تكون لحظة صدق وعقل وتخلٍّ، والعالم اليوم يعذرنا بعد أن حذّرنا وأنذرنا ودافعنا عن الإنسانية والبشرية، أم أننا سنقول دائماً: سبق السيف العذل وسبقت الغريزة والحقد العقل؟