النفاق
سعيد ناشيد
ـــ ليس هناك من نفاق أصغر ولا أحقر من أن تشتُم أميركا وتحرق العلم الأميركي في كلّ مناسبة أو من دون مناسبة، ثم تقف في طابور سفارتها أو قنصليتها لأجل الحصول على التأشيرة.
ـــ ليس هناك من نفاق أسوأ ولا أدنى من أن تطالب بتطبيق الشريعة في بلدك ثم تهاجر للعيش في بلد علماني.
ـــ ليس هناك من نفاق أوقح ولا أقبح من أن تطالب بزيادة مواد الإسلام في المنهاج المدرسي ثم تسجل أبناءك في إحدى مدارس البعثة الفرنسية أو الأميركية.
ـــ ليس هناك من نفاق أسخف ولا أقرف من أن تطلب من «بائعة الهوى» أن تقول لك زوّجتك نفسي على سنّة الله ورسوله، وفي الصباح تمنحها بعض المال وتقول لها أنت طالق.
ـــ ليس هناك من نفاق أبشع ولا أشنع من أن تدخل المسجد لتدعو على الكفار بالويل والثبور وعظائم الأمور ثم تخرج منه لتطلب المعونات من الكنيسة.
ـــ النفاق هو أن تبتهج بوجود مساجد كبرى وفاخرة في قلب نيويورك ولندن وباريس، أو تبتهج بمشهد شاب غربي يردّد الشهادتين ولو بصعوبة خلف شيخ في مسجد من عواصم الغرب، لكنك في الأول وفي الأخير تعتبر ذلك انتصاراً للإسلام، ولا تراه انتصاراً لقيَم حقوق الإنسان وللحريات الفردية والحريات الدينية داخل الحضارة الغربية… بل تقيم الدنيا إذا علِمتَ أنّ قسّاً قام بتعميد مسلم واحد ولو داخل الفاتيكان، وتظنّ ذلك مؤامرة ضدّ الإسلام والمسلمين.
ـــ النفاق هو أن لا تكترث لفساد الرّشوة، ولفساد جهاز القضاء، ولفساد التهرّب الضريبي، ولفساد تبييض الأموال، ولفساد الغش في السلع، ولفساد مافيات المخدرات والميليشيات الجهادية وتهريب الأسلحة، ثم ترى الفساد ـ كلّ الفساد ـ في مجرّد تنورة أو سروال قصير أو قُبلة في لوحة إشهارية.
ـــ النفاق هو أن تعلَم علم اليقين وبالأرقام بأنّ المجتمعات الأكثر تديّناً في العالم هي أيضاً الأكثر فساداً في الإدارة، والأكثر ارتشاء في القضاء، والأكثر كذباً في السياسة، والأكثر هدراً للحقوق، والأكثر تحرّشاً بالنساء، والأكثر اعتداء على الأطفال، ثم تقول للناس: إنّ سبب فساد الأخلاق هو نقص الدين… فيا للوقاحة!
ـــ النفاق هو أن تشعل الفتنة الطائفية في العراق وسورية وباكستان، وتوقظ الحرب القبلية في ليبيا واليمن وأفغانستان، ثم تقول إنك تقاتل من أجل وحدة المسلمين… فيا للمصيبة!
ـــ النفاق هو أن تعتبر كلّ نساء الأرض ناقصات عقل ودين، وعورات، وحبائل الشيطان، وحطب جهنم، إلا أمّك فإنّ الجنة تحت أقدامها.
ـــ النفاق هو الجحيم. ولهذا قال ربنا سبحانه وتعالى «إنّ المنافقين في الدرك الأسفل من النار».
مفكر مغربي