الحكومة تغرق في «النفايات»… والراعي لتعديل دستوري… بين السعودية وإيران نصرالله: سننتصر… ولا لانتظار التفاهمات… وحردان لإلغاء «قرار سمة الدخول»
كتب المحرر السياسي
بينما كان الرئيس الفرنسي يتبلغ فشل حرب حلب الحاسمة التي كان ينتظر نتائجها، عبر هجوم «جبهة النصرة» على بلدتي نبّل والزهراء شمال غربي حلب، كانت باريس تعود إلى حرب الشوارع مرة أخرى في مواجهات الشرطة مع الإرهابيين، من دون أن يبدو أنّ ثمة مراجعة جدية تجري في الغرب على المستوى السياسي للمرحلة التي امتدت لأربع سنوات من الحرب على سورية، وبدأت نتائجها تنتقل إلى العواصم العالمية الكبرى.
صحيفة الإندبندنت أطلقت الصرخة واستنكرت الجمود الفكري الغربي عند مناخات الحقد السياسي، والعناد، ودعت صراحة إلى اعتبار الدرس الأهمّ مما حملته أحداث باريس، هو استحالة الاستمرار وفقاً للطريقة التقليدية، باعتبار ما يجري من الأعراض الجانبية للحرب السورية، بل ثمرة الجهل والرؤية القاصرة التي قادت الغرب في التعامل مع هذه الحرب وعدم الإصغاء المبكر للتحذيرات والنصائح التي كانت ترى أن ما يحدث اليوم سيحدث.
الإندبندنت دعت بصراحة إلى عدم التردّد في الإعلان عن نهاية الخصومة مع سورية ورئيسها، قائلة: دعوا الرئيس بشار الأسد يتكفل بالحرب على الإرهاب، فهو سيد هذه الحرب، ويكفيكم شرفاً أن تساعدوا في مخرج لائق يبرّر لكم هذا التعاون، عبر الإسراع بمصالحة سورية ـ سورية تنتج حكومة وحدة وطنية تحت رعاية الأسد تحشد طاقات الحكومة وما تيسّر من المعارضة المعتدلة في هذه الحرب.
مع تداعيات الحدث الفرنسي التي بقيت تعاطفاً من جهة وإعلان استنكار من جهة أخرى، كان الإعلان عن عقد اجتماع يضمّ وزيري خارجية أميركا وإيران يوم الأربعاء في جنيف، للبحث في القضايا الخلافية بين الدولتين المعنيتين بأزمات كثيرة، لا يبدو أنّ الملف النووي الإيراني لا يزال أهمّها بعدما تسرّبت المعلومات عن الدرجة المتقدمة التي بلغتها المفاوضات حوله.
التتمة ص10
عيون حلفاء أميركا شاخصة نحو جنيف، خصوصاً السعودية وتركيا، لالتقاط الإشارات التي يمكن البناء عليها، في مفاوضات مطلوبة خصوصاً بين إيران والسعودية، في ضوء الخلافات والنزاعات المتفجرة في المنطقة، والتي يشكل استمرارها وفقاً للرؤية الأميركية العائق الأهمّ أمام الفوز بالحرب على «داعش» وسائر التنظيمات الإرهابية.
هذا التفاهم السعودي الإيراني الذي رآه البطريرك بشارة الراعي أساسياً في صناعة الرئيس العتيد، مضيفاً إليه ما بدا أنه تمهيد لتعديل دستوري تحت شعار عدم الممانعة إذا اقتضت الضرورة، هو التفاهم الذي اعتبر الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله أنّ بمستطاع اللبنانيين إذا أحسنوا إدارة الحوار في ما بينهم عدم انتظاره وانتظار نتائجه، معلناً تفاؤله بحوار حزب الله وتيار المستقبل، مؤكداً أنّ الحرب على الإرهاب تحت السيطرة وأنّ النصر سيكون حليف ثلاثية الشعب والجيش والمقاومة كما كان في الحرب مع «إسرائيل».
وتناول السيد نصرالله الشأن الحكومي داعياً الحكومة إلى الخروج من الغرق في الخلافات حول ملف النفايات، بينما كانت لا تزال قضية قرار اللجنة الوزارية المكلفة بقضية النازحين السوريين على الطاولة، حيث كشف رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي النائب أسعد حردان في بيان خصّصه للموضوع أنّ القرار ينصّ على فرض السمة على السوريين الراغبين بالدخول إلى لبنان، وأنّ التوضيحات لا تغيّر في النص، والنصّ مخالف للقوانين المرعية التي من بينها معاهدات لا يغيّرها إلا تعديل قانوني، وإلا تبقى نافذة، وجوهرها أن لا قرار يطاول أي مفردة من مفردات العلاقة بين البلدين يمكن اتخاذه خارج أطر التنسيق والتشاور بين البلدين والحكومتين، داعياً إلى إلغاء صريح للقرار والعودة إلى التنسيق مع الحكومة السورية لمعالجة المشاكل الناجمة عن قضية النازحين السوريين بروح التعاون والأخوة.
حكومياً، تكثفت الاتصالات أمس بين المرجعيات السياسية لمعالجة الأزمة الحكومية التي نشأت أول من أمس على خلفية موضوع المطامر.
وأكدت مصادر وزارية كتائبية لـ»البناء» أن المشاورات لم تتوقف بين القوى السياسية منذ انتهاء جلسة مجلس الوزراء يوم الخميس الفائت لإيجاد حل لملف النفايات»، وتوقعت «أن نشهد حلحلة في هذا الملف قبل يوم الثلاثاء المقبل». وشددت المصادر على «أن آلية عمل الحكومة ستبقى كما هي لجهة الإجماع الوزاري على القرارات الحكومية لكي تصبح نافذة».
وفي السياق، أكدت مصادر وزارية لـ»البناء» «أن لا خيار سوى إقرار ملف النفايات»، لافتة إلى «أن عدم إقرار الملف يعني إطالة عمر أحادية سوكلين، في حين أن إقراره يمنح الفرص للمنافسة والحصول على عروض بأسعار أرخص».
وشددت المصادر على «أن وزراء الكتائب سيوافقون على الخطة مع التعديلات التي تقدموا بها والتي وافقت عليها الحكومة». وأشارت إلى أن الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء شهدت تقارباً في وجهات النظر بين وزراء «الكتائب» ووزير التربية الياس بوصعب، في عدد من المواضيع، كون بعض ما تقدم به «الكتائب» من تعديلات، سبق أن طالب بها بوصعب في اللجنة الوزارية وأمام مجلس الوزراء». ولفتت المصادر إلى «أن الطرفين اتفقا في الجلسة على وجوب فصل بيروت عن قضاءي المتن وكسروان، خصوصاً بعدما اعترض بوصعب وفي شكل صريح على إمكان تحميل قضاءي المتن وكسروان طمر النفايات».
ولفتت المصادر إلى «أن وزير الزراعة أكرم شهيب كان اقترح توزع نفايات بيروت الكبرى على جميع الأقضية»، علماً أن هذه الإجراءات موقتة لأن الخطة تنص على حرق النفايات كما هو واقع الحال في معظم الدول الأوروبية».
وكان حزب الكتائب اعتبر في بيان «أن أي تعاون في مسألة مطامر النفايات وتخصيصها ووضعها في عهدة الشركات يعني بقاء الفساد وهدر المال في هذا الملف». وشدد على أنه «يصر على أن تتحمل الدولة وحدها هذه المهمة بحيث تعود سلطة تخصيص المطامر وتحديدها للحكومة، وتعفى منها الشركات».
من جهته، أكد وزير البيئة محمد المشنوق أنه أجاب على ملاحظات حزب الكتائب التي وصلته وتم الاتفاق على المهل واعتماد الشفافية، إلا «أن من يناقش اليوم يبدو وكأنه اطلع على الملف في الفترة الأخيرة، خصوصاً أن الانقسامات بدت واضحة داخل حزب الكتائب في ما يخص التوافق أو الرفض».
نصرالله: الموضوع لا يستأهل تعطيل البلد
وتطرق الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله إلى الموضوع الحكومي خلال إطلالته المتلفزة أمس في حفل جمعية «الإمداد الخيرية الإسلامية»، بمناسبة ذكرى المولد في «ثانوية المهدي» في الضاحية الجنوبية، آملاً من رئيس الوزراء والوزراء وأيضاً من المرجعيات السياسية «أن لا يترك الموضوع ليتفاعل ويأخذ وقته على الطريقة اللبنانية»، مؤكداً أن هذا الموضوع لا يتحمل ولا يستأهل أن تتعطل الحكومة والبلد من أجله».
وعلى صعيد الحوار مع تيار المستقبل أعلن نصرالله «أن الحوار بين حزب الله وتيار المستقبل، برعاية كريمة من رئيس مجلس النواب نبيه بري يسير بالجدية المطلوبة بين الطرفين وفيه مصلحة كبيرة للبلد، ويكفي «أن البلد ارتاح منذ بدء الحديث عن الحوار، ولا شك في أن هذا مصلحة للبلد ولجميع اللبنانيين».
وأضاف: «من خلال جلستي الحوار، أستطيع أن أتحدث عن إيجابية كبيرة في الوصول إلى نتائج، ونحن وجميع المعنيين بالحوار واقعيون ولم نرفع سقفه. نحن نعرف أنه من الصعب الوصول إلى اتفاق شامل، نحن نريد أن نتفق على ما يمكن الاتفاق عليه ونضع ما نختلف عليه في أطر معينة»، مؤكداً «إمكان الوصول إلى نتائج، وهذا الأمر هو الأقوى وهو الأغلب». وأوضح أن «جدول أعمال الحوار مع المستقبل كان سقفه الحفاظ على البلد، وهذا الحوار لا ينوب عن بقية القوى السياسية في لبنان وهو حوار بين طرفين، وهذا طريق لحوار وطني، وقد دعيت سابقاً لحوارات ثنائية وثلاثي «.
وفي مواجهة الخطر التكفيري شدد السيد نصرالله على أن اللبنانيين «ليسوا عاجزين، وليسوا بحاجة إلى مساعدة أحد»، مشدداً على أن «بقوانا الذاتية، بالجيش والشعب والمقاومة، كما هزمنا الإسرائيليين نهزم الإرهابيين والتكفيريين ونهزم كل من يفكر أن يعتدي على لبنان أو أن يطال من كرامة وعزة وأمن اللبنانيين».
وتطرق السيد نصر الله إلى الوضع الأمني في لبنان، قائلاً: «في الأشهر الماضية كان الوضع الأمني جيداً بفضل جهود الجيش والقوى الأمنية، ولكن يبقى الحذر مطلوباً».
حردان: لمعالجة قضية النازحين بالتنسيق مع سورية
على خط آخر، تواصلت الاعتراضات على الإجراءات التي فرضها لبنان على المواطنين السوريين القادمين إلى لبنان، وفقاً لصيغة وضعتها لجنة وزارية مصغّرة. واعتبر رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي النائب أسعد حردان أنّ هذا الأمر يناقض الاتفاقيات الموقعة بين لبنان وسورية، ويحمل في طياته موقفاً سياسياَ يتناقض تماماً مع سياسة «الحيادية» التي لا يظهر أنّ الحكومة اللبنانية تتبعها.
ولفت حردان في بيان أمس إلى أنّ ربط تنفيذ الإجراءات المعقدة على السوريين بمضمون الصيغة التي توصلت إليها اللجنة الوزارية، أمر غير مقبول إذ إن الصيغة المذكورة تنصّ على ضرورة حصول السوريين على «سمة دخول»، وهذا شأن لا تقرّره لجنة وزارية بل يجب أن يُقرّر في مجلس الوزراء ويُشرّع دستورياً في المؤسسات المعنية. وطالب بوقف هذه الإجراءات المعقدة والمضرّة بمصلحة لبنان ومصالح اللبنانيين قبل السوريين، والشروع في خطوات عملية وجادّة لمعالجة قضية النازحين، وهذا يحتاج إلى تنسيق مشترك بين الحكومتين اللبنانية والسورية.
الراعي لا يمانع التعديل الدستوري
أما على صعيد الاستحقاق الرئاسي، فقد برز موقف لافت للبطريرك الماروني بشارة الراعي الذي أعلن أن «لا اعتراض لدينا على أي مرشح، وإذا اقتضت الضرورات الوطنية لتعديل مواد في الدستور فلا مانع».
واقترح خلال لقائه السنوي الإعلاميين المعتمدين في الصرح البطريركي «أن يبقى النواب في المجلس النيابي وعقد جلسات متتالية حتى انتخاب رئيس للجمهورية»، مشيراً إلى «أنه لم يعد مسموحاً للسياسيين التلاعب بمصير الوطن في ظل ما تعانيه البلاد على كل الأصعدة».
ورأى أن «لا فريق 8 آذار ولا 14 آذار ولا حتى النائب وليد جنبلاط يقومون بأي مبادرة لانتخاب الرئيس والخروج من المأزق»، مؤكداً «أن قضية انتخاب الرئيس مرتبطة بالصراع السني – الشيعي في المنطقة، وليس أن يتفق الموارنة أولاً كما يقول البعض، فهذا الكلام غير صحيح». وقال: «طالبنا المجتمع الدولي بسحب لبنان من إطار النزاع السني – الشيعي والمساعدة على انتخاب رئيس جديد».
وأعلن انه «التقى الأقطاب الموارنة الأربعة كلاً على حدة واستمع إلى وجهة نظرهم».