مهنا لـ«الثبات»: لجلسة طارئة للحكومة تعيد النظر بقرار فرض سمة الدخول على السوريين
دعا نائب رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي توفيق مهنا إلى جلسة طارئة للحكومة لإعادة النظر بقرار فرض سمة دخول على السوريين إلى لبنان، معتبراً أن «الاجراءات التي اتخذتها اللجنة الوزارية التي كلفت بمهمة محددة هي تنظيم او ضبط عملية النزوح الى لبنان هي خاطئة وتتناقض في شكل كامل مع العلاقات الطبيعية والتاريخية بين لبنان وسورية»، مؤكداً أن «سورية لن تتعاطى بردّ فعلٍ سلبي مع هذا القرار».
ودان مهنا التفجيرين الإرهابيين في جبل محسن، داعياً «إلى بناء استراتيجية وطنية حقيقية تؤسّس لدعم الجيش وتسليحه لضمان الأمن والاستقرار».
واعتبر مهنا أنّ «هذا العمل الإرهابي هو جزء من مسلسلٍ إرهابي لم يتوقف، هو أولاً رسالة جديدة، ويستهدف في شكلٍ أساسي إسقاط النجاحات البارزة التي حقهها الجيش والقوى الأمنية من خلال نجاح الخطة الامنية، والذي أدّى الى هذا الجو الحواري ومناخات الهدوء والاستقرار في طرابلس وفي شكلٍ خاص في جبل محسن، كما يستهدف ثانياً إرباك المساعي الحوارية التي بدأت تطفو على الساحة السياسية في لبنان»، متسائلاً: «كيف للبعض ان يعتبر انّ النصرة ليست ارهابية وهي التي تقوم بهذه الاعمال؟»
وأشار مهنا إلى أنّ «القوى الارهابية بفكرها المتطرف والمتعصب وبالشعارات التي تسوّقها وتضلّل بها الرأي العام، تستطيع بما تملك من إمكانات وتستغلّ أوضاع معينة لدى فئات معنية ان تجنّد أفراداً لتنفيذ مشاريعها التآمرية، وصحيح أنّ من قام بالتفجير هو شخص من حي المنكوبين، لكن هذا لا يعني ابداً أن ننسب ما قام به هذا المجرم الى أهله او عائلته او مذهبه او منطقته، بل هو المسؤول عن هذه الجريمة بالدرجة الأولى، أما المسؤول الأكبر فهو من دفعه وأمره بأن ينفذ هذا العمل».
وأضاف مهنا: «إنّ اختيار شابّين من أبناء هذه المنطقة المنكوبة هدفه استحضار فتنة على مستوى العلاقات الشعبية والمجتمعية التي تربط طرابلس بمحيطها، اي فتنة سنية – علوية، ويبدو انّ هناك من يراقب أنّ الاتجاه العام في البلاد اخذ يتخطى إحداث فتنة سنية – شيعية من خلال الحوار بين القوى السياسية، كما أنّ المشهد الذي ظهرت من خلاله طرابلس في مأتم الرئيس الراحل عمر كرامي يؤكد هذا النموذج التوحيدي الحريص على وأد الفتن».
وعن كيفية التصدي لهذا الإرهاب ومواجهته، شدّد مهنا على «أنّ الخطاب الوطني الجامع، والحرص على مسيرة الامن والاستقرار والسلم الاهلي وبالتعاضد والشعور بأنّ الخطر الإرهابي هو خطر على الدولة والمجتمع، بهذه الأسس نستطيع صدّ الفتن ومشاريعها وأبواقها إضافة الى موقف المؤسسة العسكرية الصامد بالتصدّي لهذه الجماعات».
وأرجعَ مهنا ما وصلنا إليه اليوم إلى سياسة بعض القوى السياسية في الداخل التي أمّنت البيئة الحاضنة لهذا الإرهاب، قائلاً: «خلال السنوات الأربع الماضية، دخل البعض على خط الأزمة السورية، وأباحت بعض القوى اللبنانية لنفسها، لاعتبارات مصلحية، ان تفتح المعابر والجبهات وتشكل بيئة حاضنة لهذه الجماعات، بحيث انّ الجغرافيا قد سقطت في مناطق الشمال وبين القلمون وحمص، وكأنّ هناك جغرافيا واحدة تتحرك الجماعات الإرهابية عبرها، إضافة إلى الانقسام السياسي الذي كان موجوداً حينها مما عطل كثيراً من عمل المؤسسات الأمنية».
واستبعد مهنا انتشار رقعة الإرهاب وعملياته في لبنان، مبيّناً أنّ «الجميع بات يدرك الآن انّ الارهاب بات يستهدف الجميع في لبنان، كما يستهدف سورية والمنطقة بأسرها، وأنّ هذا يفتح باباً للتفاؤل بأنّ الخرق الواسع للبيئة الوطنية والسياسية بات أضعف من السابق، خصوصاً بعد ان نجح الجيش في طرابلس وأزال هذه الحالة الإرهابية الشاذة وارتاح الوضع في الشمال إضافة إلى الإجراءات الأمنية التي اتخذها الجيش في عرسال ومحيطها من القاع الى شبعا والتي خفضت العمليات الإرهابية».
وتابع: «الغطاء السياسي للقوى الأمنية والمناخ التوافقي سيزعجان المشروع الخطير الذي يُراد ان يتمدّد من العراق الى سورية الى لبنان والذي بدأ يضرب فرنسا».
وشدّد مهنا على دور الجيش اللبناني في هذه المرحلة، موضحاً أنّ «الجيش يؤدّي دوراً تاريخياً في الحفاظ على أمن لبنان واستمرار مؤسسة الدولة لأنها المعبّر عن وحدة ومركزية الدولة وصمّام الأمان للوحدة الوطنية ووحدة المجتمع»، داعياً إلى «تسليحه بكلّ مصادر وأنواع الأسلحة، محذّراً من وضع شروط على تسليحه لأنّ ذلك يضرّ به وبالمصلحة الوطنية»، متسائلاً: «لماذا رفضُ تسليح الجيش من روسيا وعروض التسليح مجاناً من إيران؟ لماذا لم توافق الحكومة اللبنانية بقرار سياسي واضح على هذه العروض؟» مضيفاً: «كانت الذريعة انّ الغرب يسلّح فيما الغرب لا يريد ذلك مطلقاً لأنّ أولويته حماية أمن العدو الاسرائيلي».
وعما إذا كان حوار حزب الله وتيار المستقبل سيؤدّي إلى تغيير مواقف بعض الأطراف من تسليح الجيش، قال مهنا: «يُفترض أن يؤدّي هذا الحوار الى تسليح الجيش، لأنّ أهمّ ما في الحوار هو الموقف من الإرهاب وسبل مكافحته»، داعياً إلى «بناء استراتيجية وطنية حقيقية تؤسّس لدعم الجيش وتسليحه ومدّه بكلّ ما يحتاجه لكي يكون الضامن للأمن والاستقرار».
وعن مدى انعكاس قرار اعتماد تأشيرة على دخول السوريين الى لبنان على تحصين العلاقات اللبنانية – السورية في ظلّ خطر الإرهاب، شرح مهنا أبعاد هذا القرار، معتبراً أنّ «الإجراءات التي اتخذتها اللجنة الوزارية التي كلفت بمهمة محدّدة هي تنظيم او ضبط عملية النزوح الى لبنان هي خاطئة وتتناقض في شكلٍ كامل مع العلاقات اللبنانية – السورية الطبيعية والتاريخية، وهي عملية التفاف على المعاهدات القائمة بين البلدين لا سيما معاهدة الأخوة والتنسيق».
وذكر مهنا بالبيان الذي أصدره رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي بهذا الخصوص، قائلاً: «اولاً ليس من صلاحيات لجنة وزارية ان تلزم الحكومة والشعب في لبنان بأمرٍ خارج نطاق صلاحياتها، فهي كلفت بمهمة فنية لوضع تصوّر لاجراءات تنظم عملية النزوح، وهذا أمر يختلف عن طلب تأشيرة دخول وكفيل وغيرها من الإجراءات التي تطاول عموم السوريين، ثانياً في حال وصلت اللجنة الى تصوّر معيّن يجب عليها العودة الى الحكومة التي كانت مغيّبة عن هذا القرار، ثالثاً حتى لو أقرّت الحكومة ذلك يجب ان تنسّق مع الحكومة السورية، وهؤلاء الذين اتخذوا هذه الإجراءات كانوا يدعون الى علاقات ديبلوماسة بين البلدين، فلماذا غيّبوا السفارة السورية وأين التنسيق مع الحكومة السورية؟»
وإذ وضع هذه الإجراءات في خانة «الشبهة»، أوضح مهنا أنه «إذ دولة من الدول المتعاقدة باتفاقات موقع عليها كلّ من البرلمانين كحال لبنان وسورية أي مجلس النواب اللبناني ومجلس الشعب السوري فلا يحق لأيّ طرف ان يتجاهل هذه الاتفاقات».
وأضاف: «هناك فريق معيّن في لبنان يريد ان يتعامل مع سورية خارج العلاقات التاريخية التي تربط البلدين والقائمة على هذه الاتفاقات، في وقت يحتاج لبنان الى أوثق علاقات التنسيق والتعاون مع سورية لمكافحة الإرهاب، لأنها معركة واحدة بل معركة دولية ضدّ الإرهاب، في حين نجد فريقاً يلتفّ على هذه العلاقات ونجد دولاً تعيد حساباتها واتصالاتها مع القيادة السورية لتجد قاسماً مشتركاً على معركة مكافحة الإرهاب، فلماذا يشّ لبنان عن التوجه العام؟»
وعن مدى تأثير هذا القرار على قضية العسكريين المخطوفين، أكد مهنا أنّ «القيادة السورية تعاونت مع المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم ومع القوى اللبنانية، وتجاوزت الكثير من الحسابات وسهّلت الأمور في موضوع مخطوفي أعزاز وراهبات معلولا».
واستغرب مهنا قبول الحكومة التفاوض والتواصل مع تنظيمات إرهابية كـ»داعش» و«النصرة» فيما ترفض حصول ذلك مع دولة مثل سورية مرتبطة معها بوحدة مصير وتواصل جغرافي».
ودعا مهنا الحكومة اللبنانية الى وضع اليد على هذا الملف، مؤكداً أنّ «رئيس الحكومة يملك صلاحيات وله كلّ الاحترام لكنه ليس الحكومة كلها، نحن لم نسمع ونقرأ قراراً رسمياً من الحكومة للموافقة على هذه الإجراءات، كما ندعو أطراف الحكومة إلى أن تجتمع لأجل هذا الأمر الذي له علاقة بمصالح حقيقية وإيجاد حدّ أدنى من قاسم مشترك يراعي مصالح الجميع ولا ان يفرض طرف على بقية الأطراف رأيه في موضوع مصيري بهذا الحجم».
وأكد أنّ «هذا القرار سيعود بالضرر ليس فقط على سورية بل على لبنان أيضاً، وأنّ سورية لن تتعاطى بردّ فعلٍ، وكثير من الدول العربية انساقت خلف القرار الاميركي – التركي- الأوروبي بقطع العلاقات مع سورية وسحب السفراء وبقيت سورية تستقبل كلّ الرعايا العرب من دون تأشيرة ولم تعامل أحداً بالمثل، لذلك باسم المصلحة القومية المشتركة اللبنانية – السورية ندعو إلى جلسة طارئة للحكومة اللبنانية لتعيد النظر وتسحب هذه الإجراءات وتضعها في الاتجاه الصحيح».