لحّود يطلب من الدولة حزم أمرها والإنقضاض على أوكار الإرهاب
تتواصل التحقيقات والتشديدات الأمنية حول موقع التفجير في جبل محسن والذي لا يزال مغلقاً أمام الاهالي. وينتظر القضاء العسكري انتهاء التحقيقات الأولية في التفجيرين الانتحاريين لمعرفة ما اذا كان هناك محرضون ومتدخلون وشركاء للانتحاريَين اللذين باتا معروفين ليصار الى الادعاء على من توصل اليهم التحقيق. وفي حال عدم اكتشافهم أو معرفتهم يصار الى إصدار مذكرة تحرّ دائم توصلاً الى معرفتهم وكامل هويتهم. أما التعويضات الشخصية عن أرواح الشهداء فتبقى على عاتق الدولة.
وأفادت المعلومات «ان عدد الموقوفين على ذمة التحقيق في جريمة التفجير الانتحاري المزدوج في جبل محسن ارتفع الى خمسة حيث يتم الاستماع إليهم في شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي»، لافتة الى «ان التحقيقات والافادات الأولية لثلاثة موقوقين من آل خير الدين وأفيوني وشمسين أظهرت انهم كانوا على تواصل مع الانتحاريَين طه الخيال وبلال المرعيان، كما كانت لهم اتصالات مع موقوفين إسلاميين في سجن رومية يؤيدون تنظيم «الدولة الاسلامية في العراق والشام داعش»، إضافة الى اتصالات بمنطقة الرقة السورية حيث يسيطر هذا التنظيم». كما تحدثت المعلومات عن «ان الانتحاريَين تواجدا في لبنان وتحديداً في طرابلس قبل تنفيذ العملية بنحو أسبوع».
وتركز التحقيقات التي لا تزال جارية تحت اشراف مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر في شكل خاص على معرفة المكان الذي مكث فيه الانتحاريان قبل تنفيذ العملية، وما إذا كانا قد حصلا على الحزامين الناسفين هناك أو أحضراهما معهما من سورية. وتجدر الاشارة الى ان الجيش كان قد أوقف الانتحاري الخيال قبل نحو 8 اشهر على خلفية الحوادث في طرابلس. وبعد التحقيق معه تمّ الإفراج عنه.
وفيما تشهد أحياء طرابلس اجراءات أمنية مشددة اتخذها الجيش اللبناني والقوى الأمنية،. تواصل الوفود تقديم العزاء الى أهالي الشهداء في جبل محسن حيث أقيم عزاء مشترك بين العائلات من الثالثة بعد الظهر وحتى السادسة مساء. كما عقد اجتماع في منزل رئيس هيئة العلماء المسلمين الشيخ سالم الرافعي حضره عدد من المشايخ والعلماء لبحث التطورات.
وتزامناً، توالت ردود الفعل السياسية والدينية المندّدة بالجريمة الارهابية في جبل محسن وشدّدت على ضرورة وأد نار الفتنة. وفي هذا الاطار، قال نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الوطني سمير مقبل إن هذا التفجير الآثم يهدف الى زعزعة الأمن والاستقرار في لبنان لا سيما في منطقة الشمال»، مؤكداً «ان مثل هذه الاعمال لن تثني الجيش والقوى الأمنية عن متابعة مهماتها وعزمها على مطاردة واعتقال هؤلاء المخربين».
واعتبر الرئيس السابق إميل لحود «ان التفجيريَن الانتحاريَين هما عملان ارهابيان بكل المفاهيم والمعايير، ولولا شهادة احد المدنيين الذي ألقى بنفسه على الانتحاري الثاني لكانت حصيلة التفجيريَن عدداً مضاعفاً من الشهداء والجرحى»، مشيراً الى «ان فظاعة الجريمة الإرهابية التكفيرية قابلها تشييع نبيل للشهداء والتفاف طرابلسي حول الجبل بتنديد جامع للارهاب الذي لا يوفر احداً ويستهدف كل الناس والطوائف والمذاهب والجيش والامن بدليل استمرار خطف الرهائن العسكريين في جرود عرسال.
وطلب لحود من الدولة، أن تحزم أمرها وتنقض على أوكار الإرهاب على مساحة الوطن، من دون اي تردد او تمييز، وبتنسيق كامل بين الأجهزة الامنية والاستخبارية، داعياً إلى «تجفيف طرق الامداد والتدريب، ورصد العناصر الشابة التي تتعرض لغسل دماغ ممنهج وفقاً للتفكير العدمي، زيفاً باسم الدين، وكل دين من الارهاب براء».
ورأى رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله السيد هاشم صفي الدين «أن الإرهاب الذي يستهدف لبنان يريد أن يأخذ البلد إلى الفتنة والدمار والتقاتل»، مشدداً خلال الاحتفال الذي أقامه حزب الله في صديقين لمناسبة مرور اسبوع على استشهاد علي حسن بكري على ضرورة «أن يواجه الجميع أهداف هؤلاء الإرهابيين بالحكمة والشجاعة وبالموقف الصحيح الذي يكمن بخروج البعض من دائرة الترديد والإبهام».
وشدد على ضرورة أن يعمل الجميع من أجل أن تحاصر وتعزل وتستأصل هذه المجموعات التكفيرية، وأن يقف كل لبنان بجيشه وقواه الأمنية والشعبية وأحزابه وسياسييه ومسؤوليه بمواجهة هذه الفئة الإرهابية من أجل أن نحفظ بلدنا كلّه وليس طرابلس فقط».
الى ذلك، أجرى وزير الاشغال العامة والنقل غازي زعيتر اتصالاً برئيس المجلس الاسلامي العلوي الشيخ أسد عاصي، مستنكراً الجريمة. وأكد «ان بالتعاون والتضامن والحكمة نحصن وحدتنا الوطنية ونتصدى لكل الفتن والأخطار التي تحيط بنا وتهددنا، وان المرحلة الحالية تتطلب من الجميع الوقوف في وجه براثن الإرهاب لنجنب لبنان النار التي تواجه المنطقة المحيطة بنا».
واعتبرت وزيرة المهجرين أليس شبطيني «ان العملية الارهابية التي حصلت، جاءت لتضرب الاستقرار الأمني والخطة الأمنية الناجحة في منطقة الشمال، وجاءت كذلك لتضرب وتزعزع جو الحوار السائد في البلد».
ورأى النائب قاسم هاشم «في تصريح بعد جولة تفقدية له في منطقة حاصبيا «ان الحكومة مطالبة اليوم بالاستثمار على المناخ الوطني الإيجابي الذي واجه المؤامرة والإبتعاد عن حالة الإنقسام والخلافات ومقاربة القضايا والأزمات من زاوية المصلحة الوطنية الجامعة بعيداً من بعض الأهواء والمصالح والمواقف السياسية». ورأى المكتب السياسي لحركة النضال اللبناني العربي «ان العمل الإرهابي يأتي في سياق ضرب الحوار بين الاطراف السياسية في البلد والذي يهدف الى تعزيز الاستقرار، ومنع وقوع الفتنة»، منوّهاً بـ«وعي أهالي وفاعليات جبل محسن، وعدم استدراجهم الى ردّ فعل جنب طرابلس انفجاراً أمنياً».
وأشاد النائب السابق أميل لحود بـ«رد فعل أبناء جبل محسن الذين مارسوا أعلى درجات ضبط النفس في مواجهة جريمة إرهابية لا يمكن السكوت عنها»، لافتاً الى «أن بعض نواب تيار المستقبل التزموا الصمت تجاه ما حصل، وخصوصاً أن بعضهم ساهم في تعزيز مظاهر التطرف وشجع، علناً وسراً، على ارتكاب أعمال إرهابية كما أن البعض تورط في عمليتي التسليح والتمويل». وقال: «لا أحد يزايد علينا في معارضة التنظيمات الإرهابية، ولو أن جبهة النصرة التي تبنت التفجيرين وجدت من يدافع عنها من قبل رئيس حزب مشارك في الحكومة اللبنانية، إلا أن هذه التنظيمات تجد من يقدم لها يد العون في الداخل اللبناني، ومن يستقبل مسلحيها في منازله، ومن يطرح نفسه مفاوضاً وسطياً بين الدولة وخاطفي عسكريين، ومن يؤمن لها بيئة حاضنة نتيجة الخطاب السياسي الطائفي الذي يعتمده، وهؤلاء جميعاً غير أبرياء من دم من قتل في جبل محسن».
وأثنى رئيس المؤتمر الشعبي اللبناني كمال شاتيلا في بيان على «موقف أهل طرابلس في تفويت الفرصة على قوى التطرف وحرصهم على أمن مدينتهم ووحدتها».
دولياً، أعرب مجلس الأمن الدولي عن «إدانته الشديدة للعمليتين الانتحاريتين. وأكد «ضرورة ملاحقة منفذي ومنظمي الاعتداء»، مطالباً «الجميع في البلاد التعاون في شكل فاعل مع السلطات اللبنانية في هذا المجال».
ودعا أعضاء مجلس الأمن جميع اللبنانيين الى المحافظة على الوحدة الوطنية أمام محاولات زعزعة البلاد، وجددوا التأكيد على «ضرورة امتناع لبنان عن الانخراط في الأزمة السورية».