أسئلة مشروعة ليست للزينة
ماجدي البسيوني
هل بمقدور الرئيس عبد الفتاح السيسي تحقيق المصالحة مع قطر وعفا الله عما سلف، من دون ان تستعيد مصر كافة المستندات السرية التي تمّ تسريبها بمعرفة محمد مرسي و10 من معاونيه على رأسهم سكرتيره الخاص أمين الصرفي قبل أيام من 30 حزيران 2013 من داخل خزينة رئاسة الجمهورية، وهي القضية المعروضة الآن أمام القضاء المصري، والمقيّدة برقم 315 لسنة 2014، حصر أمن الدولة العليا»؟
القضية ليست سياسية، فالتحقيقات والاعترافات أقرّت بتهريب ثلاثة حقائب من أسرار الدولة المصرية، كما كشفت التحقيقات عن العديد من الوثائق الخطيرة التي تمسّ أمن البلاد واستقرارها، والتي وصفها أحد المتهمين خلال اعترافاته بـ«المصيبة السوداء»، نظرًا إلى خطورة تلك المعلومات سواء ما يخصّ تسليح الجيش المصري وحجم القوات في سيناء وكذا تقرير عن المسلحين كما تحوي معلومات عسكرية تفصيلية عن الجيش الإسرائيلي وأفرادة ومكوّناته، ليست مستندات أصلية فقط بل أقراصاً مبرمجة وفلاشات، وصلت إلى يد رئيس وزراء قطر السابق حمد بن جاسم مقابل مليون دولار، فهل سيقف الأمر عند عفا الله عما سلف وفقط، حتى لو كان المقابل لفّ حبل المشنقة حول رقبة محمد مرسي وفريق السكرتارية وتصبح قطر «تميم» مجرّد «شاهد ملك»؟
هل الهدف من وراء قبول الرئيس عبد الفتاح السيسي للمصالحة مع تميم في مقابل إغلاق قناة «الجزيرة مباشر» من مصر كما حدث بالفعل وأغلقت…؟
هل الهدف تفريغ قطر من كلّ العناصر الإخوانية المصرية بمن فيهم يوسف القرضاوي بما يحمله من جنسية مزدوجة، وهو المطلوب حالياً بالفعل من قبل الانتربول..؟
هل الهدف من المصالحة قطع الطريق ما بين قطر وتركيا رغم توقيع إعلان سياسي مشترك بشأن تأسيس مجلس التعاون الاستراتيجي التركي القطري رفيع المستوى بينهما قبل أيام معدودة، أي بعد انتهاء مؤتمر دول الخليج الذي اعلنت فيه المصالحة، وقبل وصول السكرتير الخاص من قطر والسعودية القاهرة للقاء الرئيس السيسي… فماذا عن العلاقات المتنامية ما بين قطر والكيان الصهيوني؟!
أم أنّ الهدف يندرج تحت العمل على إنجاح «مؤتمر دعم مصر» المقرّر عقده قريباً…؟
أم انّ كلّ هذا يكمن في تلبية رغبة «حكيم العرب» ملك السعودية لكي يمسك بكافة خيوط مجلس دول الخليج وإماراته، حتى يتفرّغ في المرحلة المقبلة لمداواة ضياع اليمن من حظيرته؟
أين واشنطن من هذه المصالحة إنْ كانت مصالحة بالفعل…؟ فالمؤكد أنّ تميم ومن قبله أبيه لا يستيقظان ولا يذهبان إلى النوم ولا يتنفسان الا بتعليمات أميركية، وكذا يفعل آل سعود، والمؤكد أنّ أوامر أميركية صدرت إلى قطر بالتراجع ولو موقتاً لصالح آل سعود، وهذا ما حدث بالفعل منذ تقهقر قطر «حمد» بعد انتصار الجيش السوري في القصير وإعطاء الضوء الأخضر للسعودية بتصدر الملف السوري لتتصدّر في نفس التوقيت بتأييد الثورة المصرية في 30 حزيران، وتقهقر الدور القطري عن الساحة المصرية، ولكن أين واشنطن من هذا الملف…؟
هل اقتصرت المكالمة التي أعلن عنها ما بين أوباما والرئيس عبد الفتاح السيسي قبل ساعات من وصول وفدي قطر والسعودية، على مجرّد التأكيد على دعم واشنطن لمصر في محاربتها للإرهاب رغم رفض الكنونغرس ادراج «الإخوان» على قوائمه للإرهاب…!
مؤكد أنّ واشنطن تتابع كلّ التحركات المصرية، ولا سيما الخارجية منها، سواء أهمية التلاقي مع قبرص واليونان وايطاليا، وصولاً الى رصد ما تعنيه الزيارة التي قام بها الرئيس عبد الفتاح السيسي الآن إلى الصين، والمؤكد أنه غير خاف على واشنطن الترتيبات الروسية المصرية، وليس خافيا بالطبع ثوابت الديبلوماسية المصرية في ما يخص سورية، ليس لكون سورية تمثل عمقاً استراتيجياً لمصر فقط، بل لما تعنيه سورية بالنسبة إلى مصر وما تعنيه مصر بالنسبة إلى كلّ سوري يفوق عشرات المرات ما تعنيه قطر لمصر… واشنطن تدرك أنّ مهندس الخارجية المصرية سامح شكري ليس كسابقه نبيل فهمي الذي أعلن عن وجهه القبيح وعضويته في جماعة الازمة الأميركية عندما قال في آخر زيارة له إلى واشنطن: «إن العلاقة بين مصر والولايات المتحدة علاقة زواج شرعية وليست نزوة تستمرّ لمدة يوم واحد» والمؤكد أنّ واشنطن صُدمت عندما استمعت إلى شكري وهو يقول قبل ساعات من مرافقته للسيسي إلى الصين «لا يجوز للسفير الأميركي في القاهرة أن يتواصل مع أي شخص ينتمي إلى «جماعة الإخوان الارهابية سواء المتواجدين خارج السجن أو داخله يعد اعتداء على القانون المصري».
يبقى أن نسوق سؤالاً آخر: هل حان الوقت لأن تلبّي السعودية مطلبا مصريا يعدّ من ثوابت بناء «مصر الجديدة» كما يحلو للرئيس السيسي أن يقولها بحتمية التصالح مع الدولة السورية؟ أم أن العمل لا يزال جارياً لتصعيد الأزمة المصنوعة أميركياً بأياد سعودية، وأعني ضرب السوق العالمية للبترول وتدني سعرة إلى أقلّ من النصف بهدف الضغط على روسيا وايران في محاولة ربما الأخيرة لإضعاف الموقف السوري من ناحية ومن ناحية أخرى منح أوباما قبلة الوقوف ولوعلى قدم واحدة حتى يحين موعد الرحيل.
رئيس تحرير جريدة «العربي» ـ مصر
Magdybasyony52 hotmail.com