سيد أفقهي لـ«أنباء فارس»: الإخوان المسلمون لن يعودوا إلى الساحة السياسية في مصر قريباً
انتقد الخبير الإيراني في شؤون شمال أفريقيا سيد هادي سيد أفقهي سياسات جماعة الإخوان المسلمين، معتبراً أنها لم تتصف بالنضج والحكمة والإدارة الصحيحة في حل الأزمات، متوقعاً أنها لن تعود إلى الساحة السياسية بسرعة.
وأشار سيد أفقهي إلى «أن جماعة الإخوان لم تستطع الاستفادة من الفرصة المؤاتية في الاحتجاجات بساحات القاهرة كرابعة العدوية والتحرير لمصلحتها، وفي النهاية تحولت تلك الفرصة إلى تهديد». وانتقد الشعارات والتصريحات المتطرفة التي أدلى بها قادة الإخوان في مصر ومن بينهم محمد البلتاجي في ساحة رابعة العدوية، إذ قال بعد اعتقال الرئيس السابق محمد مرسي إنه إذا أردتم وضع نهاية للاضطرابات في صحراء سيناء ينبغي إطلاق سراح مرسي، ووصف هذه التصريحات والمواقف بأنها لم تتسم بالنضوج والحكمة ولم تكن أسلوباً صحيحاً في إدارة الأزمات.
ولفت سيد أفقهي إلى أن «المملكة السعودية كانت تعرقل إقامة علاقات بين إيران ومصر في عهد الإخوان، معرباً عن أسفه «لأن جماعة الإخوان استسلمت أمام مخططها، فيما كانت تشير استطلاعات الرأي والتحاليل في مصر إلى أن الشعب المصري يوافق بنسبة 90 في المئة على إعادة العلاقات مع إيران». واعتبر أن «جماعة الإخوان كانت تطمح في اجتذاب تأييد السعودية لها أثناء حكم مصر، لذلك تعاملت بإيجابية مع السلفيين الذين شكلوا ساعد السعودية في مصر، حيث حاولت الحصول على دعم مالي وقروض، لذلك نرى أن الرياض مثّلت المحطة الأولى في جولات مرسي الخارجية بعد توليه منصب الرئاسة، إلا أن السعودية كانت الدولة الأولى التي دعمت الرئيس عبد الفتاح السيسي في الانقلاب على مرسي، ما دلّ على أن حسابات الإخوان حول الأحداث لم تكن صحيحة».
ولفت سيد أفقهي إلى أن «أفكار الإخوان المسلمين هي أفكار تلفيقية ولها وجهان، فهي متأثرة بالفكر السلفي في حين أننا لو تتبعنا أفكار مؤسس هذه الحركة حسن البنا لوجدناها صوفية، لكنه حاول بعد ذلك استقطاب بعض المفكرين والعلماء المسلمين فنحا منحى ملفقاً سلفياً صوفياً ومزج ذلك مع الفكر السياسي والاقتصادي والثقافي، وقد كانت توجهاته نحو الشيعة إيجابية نظراً إلى منشئه التصوفي لكن الإخوان السلفيين كانوا على العكس منه، إذ مالوا نحو الفكر الوهابي المتطرف، والرئيس السابق مرسي تصدى للحكم على أساس هذا الفكر السلفي، ما جعله يتفرد بالسلطة ويحول دون إشراك حتى زملائه معه في اتخاذ القرار، لذلك اتبع السياسات السعودية بحذافيرها وحول الحكم في مصر إلى منظومة سلفية، ما أدى إلى فشله وانهيار حكمه في فترة قصيرة».
وأضاف الخبير الإيراني: «أما الحكومة الإسلامية في إيران فهي لم تفعل ما فعل الإخوان في مصر، إذ احترمت آراء الشعب ولم يتفرد المسؤولون بالسلطة ولم يتبعوا أفكاراً متطرفة على رغم المشاكل الحادة التي تعرضت لها البلاد في السنوات الأولى من انتصار الثورة، لذلك حاولت إفهام الإخوان المسلمين ذلك، ودعتهم إلى اتخاذ منهج عقلاني يضمن حقوق الشعب وسائر المكونات السياسية الأخرى وحذرتهم من الفكر السلفي المتطرف الذي يريد الاستئثار بكل شيء مهما كلف الأمر، والسيد القائد علي الخامنئي ذكر نصائح عديدة لهم ولسائر الثوار المصريين لأجل الحفاظ على مكاسب الثورة وعدم التفريط بدماء الشهداء، لكن الإخوان المسلمين لا يمتلكون رؤية ثاقبة حول أوضاع مصر السياسية والاجتماعية ما سحب البساط من تحت أرجلهم».
وشدد سيد أفقهي على أن «الإخوان المسلمين أجحفوا بحقوق الصداقة مع الجمهورية الإسلامية، إذ إن قائد الثورة أكد بعد انتصار ثورة الشعب المصري أن إيران مستعدة لنقل جميع تجاربها إلى الشعب المصري، لكن الإخوان تجاهلوا ذلك واتجهوا نحو المعسكر الغربي المناهض للإسلام وآزروا الزمر التكفيرية وتحدوا إرادة الشعب السوري وعارضوا مواقف طهران الإنسانية الداعمة للمستضعفين، لكن إيران كانت وما زالت تعمل على مد جسور الثقة بين البلدين وتدعيم العلاقات الثنائية وتجاوز جميع العقبات».
وأوضح سيد أفقهي أن «أوضاع المنطقة غير مستقرة ولا أحد يستطيع التنبؤ بما سيحدث، لذلك لم تصب الأحداث في مصلحة الإخوان المسلمين الأمر الذي أدى إلى سقوطهم بسرعة، حيث كانوا يعتقدون أن الأحداث تجري لمصلحتهم لكنهم أخطأوا في ذلك واتخذوا مواقف متشددة، وهم عاجزون اليوم عن العودة إلى دائرة السياسة المصرية مرة أخرى جراء تصرفاتهم غير المحسوبة». وتابع: «الإخوان ليسوا هم من فجر الثورة المصرية لكنهم ساروا في ركبها، ولو أنهم حينما تصدوا للحكم سمحوا للثورة بأن تسير في مسلكها الطبيعي، لكانت الأوضاع اليوم على العكس مما هي عليه، لكننا نجدهم آثروا المسارعة في اقتناص الحكم على إجراء تغييرات سياسية أساسية في مصر».
ونوه الخبير الإيراني إلى أن «الجمهورية الإسلامية تتبع سياسات ـخلاقية صادقة مع جميع الحكومات والشعوب ولا تتبع المكر والتحايل، حيث تدعو إلى الاحترام المتبادل والحفاظ على المصالح المشتركة، وحاول المسؤولون الإيرانيون إقناع الإخوان بذلك لكنهم لم يستفيدوا من هذه العبرة ووقعوا في الفخ».