مشاركات

تثاقلت شجيرات الحديقة من وزن أتعبها، فامتدّت على الأرض بحنوّ تحاول أن تخلّص أغصانها من تجمّع الثلج، خوفاً عليها من التكسّر، فكثرة الخير كما قلّته، تؤذي من حلّت به وتتعبه. فما من خير إلا في الوسط .

ـ بكت الوردة على غصنها من برد الثلج الذي لم تألفه. فقال لها الثلج: اقبلي عذري فعليّ أن أغطّي ترابك لأساعد في الموسم المقبل في تفتح العشرات من أمثالك. فلكلّ في الحياة دور يؤدّيه ثم يمضي… بوركت أوقاتكم بالخيرات.

رشا مارديني

قالت له: الوقوع في الحبّ قضاء رادّ له، كصاعقة تضرب أرضاً بوراً فتزلزل كيانها وتمنحها حياةً بعد موت. أما ا ستمرار في الحبّ فهو خيار وإرادة، يقدر عليه الجميع.

قال لها: أتقصدينني بكلامك؟ أم أنّها ملاحظة اجتماعية؟

قالت له: لا بل تجربة شخصية أعيشها الآن. ألتمس القضاء الذي نزل بك مؤخّراً، وأتساءل هل من فائدة لخياري وقوّة إرادتي؟

قال لها: عن أيّ قضاء جديد تتحدّثين، ونحن نبني معاً منزل الزوجية؟

قالت له: بالأمس احتضنتك بكلّي فغمرتني ببعضك، إذ كنت تنتظر منها مكالمة هاتفية. بقيت عيناك معلّقتين على الباب إلى حين وصول طلّتها البهية، ثم منحتها كلّ ا هتمام حتى أضاء وجهها بهجةً. وعند خروجنا، قصّرت خطواتي عمداً فكنت منقسماً: قليلاً معي والباقي لحق خطواتها الفتية. صارحني الآن و تجعل من علاقتنا مسرحية هزلية.

قال لها: كيف تخلطين الأدب في معاملة صديقة طفولة وزميلة عمل بحالة إعجاب؟ ولم التحدّث عن مسرحية؟

قالت له: أعرف تماماً الفرق بين أدب المعاملة ولهفة المجاملة، تنس أنّ لي من أصدقاء الطفولة وزملاء العمل كثيرين، لكنني أبداً لم أسمح لنفسي أن تنظر لأعزهم وأكثرهم قرباً منّي بالطريقة التي أنظر فيها إلى وجهك الحبيب ولن أقبل من أيّ أحد غيرك أن يلمس بيده شعري أثناء الحديث. ولن أطلب أن يكون في اللغة أبجدية فوق أبجدية لأكفي هذا «الصديق» صفاته ا نسانية.

قال لها: أنا أبداً لم أتعمّد هذه التصرّفات وأعدك من الآن أن ألتزم حدود الصداقة وعداً حرّاً صادقاً.

قالت له: في نهاية الأمر لن أستطيع اغتيال نساء العالم، أو منع وقوعك في الإغراء. لذا أفضّل قصر خياري وإرادتي على الرحيل. فالاستمرار في الحبّ يحتاج إلى ندّين متكافئين إلى مراقب وواعدٍ بالانتباه.

رانيا الصوص

قالت: وهل نحن إلّا ذكرى؟

على صفحاتٍ بلا لونٍ نكتب

وبين سطورٍ ملوّنةٍ نطوف بلا مركب

نقلّد الطيور على الذّرى

بيننا وبين الشمس جسرٌ، لنا الآفاق

وعلى خيوط الذّهب نعزف حنين المشتاق

فيأتينا من الحلم صدى، وهل نحن إلّا ذكرى؟

من الليل يولد الفجر، وبينهما ذكرى

من البحر مدٌّ وجزر، مداهما ذكرى

من الزهر جمالٌ وعطر، وبين بوحٍ وفوح، ذكرى

في صفاء دمعةٍ، وحيرة نظرةٍ، في سكون الهمس وعيون الأمس، تختبئ ذكرى

وأنت، يا من ذرفت على ماضٍ عَبَرة، من كدرٍ أو غبطة

هلّا أدركت

في هدأة الأمل نحيا، وبوهج غدٍ سكرى

ولن نكون سوى ذكرى!

قال: ولكن، لو لم نكن هل من ذكرى؟

وما دمنا، هل غير الحبّ أبقى؟

سحر عبد الخالق

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى