الفن السابع يخسر «سيّدة الشاشة»

شُيّعت بعد ظهر أمس سيدة الشاشة العربية الفنانة المصرية فاتن حمامة، بمشاركة عدد كبير من الفنانين والمسؤولين إلى جانب أسرة الراحلة.

ووري جثمانها الثرى في مقابر الأسرة بمدينة السادس من أكتوبر غربي القاهرة، وسط حالة من الحزن على الفنانة التي غيّبها الموت مساء السبت، عن عمر ناهز 84 عاماً، إثر وعكة صحية.

وشهد محيط مسجد الحصري، الذي أقيمت فيه صلاة الجنازة على جثمان الفقيدة، اختناقاً مرورياً بسبب الحشود الضخمة من المشيّعين، فضلاً عن كثافة الحركة المرورية.

واضطر الكثير من المشيّعين إلى افتراش الأرض خارج المسجد من الجانبين بعد امتلائه بالحشود، وبمجرّد ظهور نعش الراحلة تسابقوا إلى حمله وإلقاء نظرة الوادع عليه.

بعد ذلك أحاط أقارب الفقيدة بالنعش وأسدلوا عليه العلم المصري. وشهدت مراسم التشييع مشاركة واسعة للفنانين والشخصيات العامة، بينهم وزير الثقافة المصري جابر عصفور، والأمين العام السابق للجامعة العربية عمرو موسى.

يُذكر أنّ آخر ظهور للفنانة فاتن حمامة كان خلال لقاء عدد من الفنانين بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أثناء حملته الانتخابية، كما ظهرت قبلها في الاحتفال بعيد الفن، حيث تمّ تكريمها تقديراً لمشوارها الفني الطويل.

تُعتبر الراحلة علامة بارزة في السينما العربية حيث عاصرت عقوداً طويلة من تطوّر السينما المصرية، وساهمت في شكل كبير في صياغة صورة جديرة بالاحترام لدور السيدات بصورة عامة في السينما العربية من خلال تمثيلها منذ عام 1940.

ولدت فاتن حمامة عام 1931 في حي عابدين بالقاهرة، والدتها هي زينب توفيق ربة منزل ، ووالدها هو أحمد حمامة من كبار موظفي وزارة المعارف التعليم حالياً ، وكان يعمل في مدينة المنصورة، ولها ثلاثة أشقاء هم منير وليلى ومظهر.

أحبّت الفن منذ سنّ مبكرة جداً، وعندما اصطحبها والدها إلى سينما عدن بالمنصورة وشاهدت فيلماً لآسيا داغر، حلمت أن تكون ممثلة حين سمعت التصفيق الحارّ وتخيّلت أنّ التصفيق هو لها. وحين قرأ والدها إعلاناً في الصحف يطلب ممثلة طفلة لدور أمام الموسيقار الكبير محمد عبد الوهاب، في فيلم «يوم سعيد» بعث إليه بصورة لها، وبالفعل سافرت إلى القاهرة وقابلته فأعجب بموهبتها وطالب بتغيير السيناريو لإعطائها دوراً أكبر.

بعد نجاحها في أداء دور الطفلة «أنيسة» أمام عبدالوهاب، رفض والدها عدة عروض سينمائية تلقتها، حرصاً على مستقبلها الدراسي حتى أقنعه المخرج محمد كريم مرة ثانية بعد ثماني سنوات بأن تشارك فاتن في فيلمه الجديد «رصاصة في القلب»، حينها شاهدها يوسف وهبي، واختارها لبطولة فيلم «ملاك الرحمة» ثم فيلم «القناع الأحمر».

بعدها التحقت فاتن حمامة بمعهد السينما في دفعته الأولى التي افتتحها زكي طليمات، وتزوجت خلال تلك الفترة من المخرج عز الدين ذو الفقار، الذي أنجبت منه ابنتهما نادية.

تخرجت من معهد السينما عام 1947، وقدمت عدة أفلام ناجحة من إخراج زوجها حتى حدث الانفصال بينهما عام 1954، وتزوجت بعدها بعام من الممثل العالمي عمر الشريف الذي اشتركت معه، للمرة الأولى، عام 1954 في فيلم «صراع في الوادي» الذي كان أول أفلامه، ثم شاركته بطولة عدد من الأفلام مثل «أيامنا الحلوة»، و»صراع في الميناء»، و»لا أنام»، و»سيدة القصر» وغيرها، ورزقت منه بابنهما الوحيد طارق عام 57.

أما زوجها الأخير فهو طبيب الأشعة المصري الشهير الدكتور محمد عبدالوهاب.

بعدما دخلت في العقد الخامس من عمرها، بدأت فاتن حمامة التقليل من ظهورها وتقديم عدد أقلّ من الأفلام، ورغم ذلك كانت أدوارها ناجحة ومنتقاة بعناية. وخلال فترة السبعينات نجح الكثير منها في ترك أثر اجتماعي واضح مثل فيلم «أريد حلاً» الذي اعتبر علامة بارزة في مشوارها الفني، كما أنّ الفيلم الذي أخرجه الراحل سعيد مرزوق يعتبر أول حوار وجدل بين السينما وقانون الأحوال الشخصية، وقد فجر قضية اجتماعية بالغة الخطورة وهي الطلاق. وتكمن الأهمية في أنّ الفيلم ناقش حقّ المرأة في طلب الطلاق ووقف بجانبها في المطالبة بحقها في تقرير مصيرها بحرية كاملة. كما أنه حاول الكشف عن الثغرات التي يحتويها قانون الأحوال الشخصية، وقد أثبتت فاتن حمامة عبر عدد من أفلامها أنها الوجه الشامخ للمرأة في السينما المصرية والحاملة لقضاياها، وهي تستحق لقب «سيدة الشاشة».

في عام 1993 توقفت عن التمثيل لمدة ثماني سنوات قبل أن تعود بمسلسل «وجه القمر» عام 2000. حصلت على العديد من الجوائز، وتمّ تكريمها في عدد من المهرجانات السينمائية. فازت بجائزة مهرجان طهران عام 1977 عن فيلم «أفواه وأرانب»، وتمّ اختيارها نجمة القرن العشرين في مهرجان الإسكندرية عام 2001.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى