الراعي من جبل محسن: لبنان يقدر كيف اطفأتم فتيل الشر والثأر
حيا البطريرك الماروني بشارة الراعي «الحكومة اللبنانية على كل الخطوات وبخاصة وزارة الداخلية على كل ما خططوا له من أجل الأمن والسلام للجميع»، وإذ حيا الجيش اللبناني والقوى الأمنية»، لفت الراعي إلى «أنه ينبغي ان يقتنع كل اللبنانيين «أن لا حياة شريفة ولا أحد يضمن حياتنا الا القوى الأمنية والعسكرية التي تعمل لكل الناس ولكل عابر سبيل على أرض لبنان»، محيياً «الشهداء الذين يسقطون دائماً على مذبح الوطن».
وكان الراعي زار رئيس المجلس الاسلامي العلوي الشيخ أسد عاصي، معزياً بشهداء التفجيرين الانتحاريين في جبل محسن، وأشار الى «أنه آلينا على نفسنا أن نأتي باسم كنيستنا المارونية وسنودس أساقفتنا كي نقدم التعازي لعائلات شهداء تفجيري جبل محسن»، موضحاً «أننا جئنا لنكن لكم كل هذا التقدير، فكل لبنان يقدر كيف اطفأتم فتيل الشر والثأر وارتضيتم هذه الذبيحة».
ولفت الراعي إلى «أن الله كفيل بأن يعوض بما ترغبون من سلام وأمن للبنان وطرابلس، ونحيي كل القيادات الطرابلسية التي وقفت معكم وقفة واحدة، كما نحيي هذه المدينة العزيزة الجريحة، وجبل محسن الجريح بالاعماق، هذه الارض هي وطننا جميعاً وينبغي ان نبنيها كل يوم بالتسامح والتعاضد»، مشيراً الى «ضرورة التعالي على الجراح والنظر إلى خير الوطن فهذه الارض أرضنا جميعاً».
وأكد «أنه لا يسعنا سوى «أن نوجه النداء مع الدولة لأنه لا بد في طرابلس التي كانت تسمى مدينة الفقراء ولا يجوز أن تكون مدينة الفقر والحرمان، فمن الضروري جداً إنماء هذه المدينة وإخراج كل أبنائها من الحرمان والفقر، وآن الأوان لأن تتحمل الدولة مسؤوليتها بإنماء هذه المدينة».
أما الشيخ عاصي فأشار إلى «أن البطريرك الماروني تخرج من مدرسة سيدنا المسيح، وزيارته لجبل محسن بلسم للجراح»، معتبراً «أن الحافز الاخلاقي والديني دفع بالراعي الى هذه الزيارة التي لا تتعلق بمنظور سياسي بل بمنظور انساني».
وتمنى الشيخ عاصي أن تسترجع الدولة العسكريين الرهائن من أجل كرامة الوطن، مؤكداً أن لا أحد يستطيع ان يزايد على الدولة بشجاعتها في هذا الملف، مشيراً إلى إنجازات كل من وزير الداخلية نهاد المشنوق، ووزير المال علي حسن خليل، ووزير الصحة وائل أبو فاعور في الأيام السابقة في العديد من الملفات».
وتمنى الراعي «أن يتحرر المطرانين بولس يازجي ويوحنا ابراهيم المخطوفين في حلب، والعسكريين الرهائن لدى الإرهابيين في الجرود».
كما زار الراعي، دارة الرئيس الراحل عمر عبد الحميد كرامي، يرافقه المطرانان جورج بو جودة ومطانيوس الخوري، لتقديم واجب العزاء للعائلة، حيث كان في استقبالهما أرملة الرئيس كرامي مريم وشقيقه المهندس معن ونجليه خالد والوزير السابق فيصل كرامي وأفراد العائلة، وقائد سرية درك طرابلس العميد بسام الأيوبي.
وبعد التعزية، قال الراعي: «نحن نريد ان نحيي مجدداً مدينة طرابلس بكل ظروفها، وبخاصة أنها مرت بظروف صعبة هذه السنة، التي كان آخرها الإنفجاريين الإنتحاريين اللذين حصلا في جبل محسن، لأقول إن طرابلس هي النموذج اللبناني، نموذج العيش معاً والتعددية اللبنانية وجمال هذه المدينة المفتوحة، التي نأمل جميعنا بأن تستعيد أمنها واستقرارها ورونقها وانفتاحها لكل الناس، لأنها قديماً كانت محطة لمن يريد الخير، وكانوا يطلقون عليها أم الفقير، نحن لا نريدها مدينة فقر، بل نريدها كما كانت أماً للفقير، فيجد كل من يقصدها أو يسكنها البحبوحة وفيض الخير، صحيح أنها مرت بظروف دقيقة وصعبة، لكن بحكمة شعبها وسياسييها، وبحكمة أهلها الذين عبروا دائماً عن مواقفهم الحكيمة والرشيدة، فحافظوا على جمالها».
كرامي
أما كرامي فقال: «إن شاء الله سنقوم بزيارة قريباً الى الصرح البطريركي، ونكون الى جانبه مهنئين بانتخاب رئيس جمهورية جديد، بأسرع وقت ممكن لأن لبنان في حاجة الى مزيد من الاستقرار في ظل الأزمات التي تمر علينا، ولا يمكن أن يكون هناك استقرار من دون انتظام المؤسسات، ولا تنتظم المؤسسات من دون رأس، والرأس يكون بداية برئيس الجمهورية ومن ثم باقي المؤسسات».
وأمل «بأن يكون هناك انفراج في انتخاب رئيس للجمهورية، وأن تستوي الأمور، وأن يأتي الى لبنان الخير والبركة، وأن يأتي الى طرابلس الخير والبركة أيضاً، ويبعد عنها الأزمات»، خاتماً «مشكورة زيارتك، ونأمل زيارات أخرى وفي ظروف أفضل».
وكان الراعي تمنى في عظة قداس الأحد أن يتوصل الأفرقاء السياسيون المتحاورون عندنا في هذه الأيام، إلى اكتشاف لبنان – الكنز، في ميثاقه الوطني وصيغته ونموذجية العيش المسيحي – الإسلامي المنظم في الدستور، ودوره في محيطه العربي كعنصر سلام وانفتاح ولقاء للديانات والثقافات والحضارات، فيتحررون من مصالحهم الخاصة والفئوية والمذهبية، ويعملون بروح المسؤولية الوطنية على انتخاب رئيس للجمهورية بأسرع ما يمكن، ووضع قانون جديد للانتخابات النيابية وإجراء مسبق لهذه الانتخابات على أساسه، وعلى إنهاض المؤسسات العامة، وإجراء التعيينات في الأماكن الشاغرة، ويعملون على إخراج البلاد من أزمتها الاقتصادية والمعيشية والاجتماعية، فيما الدين العام، بالمقابل، والفساد وهدر المال العام، يتآكلون الدولة وخزينتها، وينذرون بأخطر النتائج».
وقال: «إننا نصلي من أجل تحقيق هذه الأمنيات، لكي يتحقق الاستقرار في لبنان. كما نصلي من اجل إحلال السلام العادل والشامل في سورية والعراق والأراضي المقدسة وسائر بلدان الشرق الأوسط».