استحقاقات المنطقة تنتظر ترميم الجسور الإيرانية ـ السعودية
شادي جواد
تؤكد المعطيات المحيطة بالاستحقاق الرئاسي أن جلسة الانتخاب المقرّرة اليوم سيمرّ موعدها مرور الكرام، إذ لن ينتخب رئيس جديد للجمهورية ولا من يحزنون، فالجولة الأولى من الانتخابات تستلزم كما هو معلوم أن ينال المرشح الثلثين للفوز، وهذا الرقم يصعب على أي كان من المرشّحين، إن من هذا الفريق أو من ذاك، ما لم يكن هناك تفاهم سياسي مسبق حوله، فالخريطة النيابية في البرلمان تمنع أي فريق من الاستئثار بأي قرار منفرداً، بل يحتاج على الأقل إلى النواب الذين يعتبرون أنفسهم وسطيين، ولم يسبق أن حدث في أي استحقاق مهما يكن نوعه ولو على مستوى مشاريع قوانين أن استطاع أي فريق استمالة زملائه الوسطيين إلى ساحته في حال لم يكن هناك توافق فوق الطاولة أو تحتها، وهذا المشهد على سلبياته يشكل ضمانة لعدم قفز أي فريق سياسي فوق قاعدة التوافق والتفاهم التي تحكم لبنان مذ نال استحقاقاته، وجاء الطائف يكرّس هذه القاعدة ويجعلها من الثوابت التي لا يستطيع أحد تجاهلها.
لذا فإن مصادر سياسية عليمة تؤكد أن جلسة الانتخاب ستكون نقطة انطلاق للأفرقاء السياسيين في سباق الاستحقاق الرئاسي، وستكون نهاية اللعب على المستور والبدء في كشف الأوراق وقول الأمول بأسمائها، في حال كانت هناك رغبة جدية وحقيقية في خوض غمار هذه الانتخابات في الموعد الدستوري المحدد لها.
في تقدير المصادر أن كل ما قيل ويقال وكل ما يطرح من أسماء الانتخابات الرئاسية لا يزال في طور لعبة المناورات والكمائن، لأن اللاعبين الأساسيين على المستوى المحلي أو الإقليمي أو الدولي لم يدخلوا بعد مدار الكلام الجدي حول الاستحقاق وكل فريق يغني على ليلاه في انتظار أن تتبلور بعض القضايا في المنطقة، ليتمكن من معرفة اتجاه الريح ومقاربة الانتخابات على أساسها. وليس بعيدا ًعن هذه التقديرات أن يلاقي مصدر وزاري سابق القائلين بحتمية التفاهم المسبق على اسم الرئيس قبل دخول القاعة العامة للمجلس النيابي ودوران الصندوق على النواب، معتبراً أن ما يجري على الساحة السياسية الآن مجرد تكتيكات لا توصل إلى أي مكان، فظروف التفاهمات المحلية والخارجية لم تنضج بعد، وجميع السياسيين على علم بهذه الثابتة التي لا يمكن لأي طرف تجاهلها، مشددة على أن الحاصل اليوم يمكن إدراجه في إطار ملء الوقت لا أكثر ولا أقل، وأن أي جلسة لمجلس النواب لا تكون تعبيراً أو انعكاساً لتفاهمات محلية وإقليمية لن تنتج رئيساً للجمهورية.
عما إذا كان ممكناً أن يرى لبنان رئيساً جديداً للجمهورية قبل مغادرة الرئيس ميشال سليمان قصر بعبدا منتصف ليل 23 أيار المقبل، يسارع المصدر الوزاري إلى التأكيد على أن المعطيات الموجودة لديه لا تنبئ بأننا سنكون على موعد مع انتخاب رئيس جديد قبل أيلول المقبل، فالمنطقة حبلى بالاستحقاقات، التي تشكل أولوية بالنسبة إلى دول القرار، وبالتالي فإنه من الصعب أن يتقدم الملف اللبناني على ما عداه من ملفات في المنطقة هي بالنسبة إلى صنّاع القرار أهمّ من الانتخابات في لبنان. ويدعو المصدر الوزاري إلى ترقّب ما يحصل لناحية ترميم الجسور المقطوعة بين إيران والسعودية فالكثير من الملفات في المنطقة متعلّق بهذه الخلافات إن على المستوى العراقي أو السوري أو السعودي، طالما أن المساعي لم ترمم هذه الجسور وطالما أن الكثير من الاستحقاقات موضوع على رف الانتظار، ومن أبرزها الاستحقاق الرئاسي في لبنان الذي يتأثر أكثر من غيره بالعامل الإقليمي والدولي.
يرى المصدر الوزاري أن وصول الملف النووي الإيراني في تموز المقبل إلى خاتمة سعيدة بين طهران والغرب ينزع الكثير من الألغام على مساحة المنطقة، وأولى ثمار هذا الاتفاق عودة المياه إلى مجاريها بين إيران والولايات المتحدة الأميركية التي قد تساهم بدورها في تبريد الصفيح الساخن الذي تتقلب عليه العلاقات الإيرانية ـ السعودية، وإن حصل هذا الأمر وهو متوقع فإن معظم العقد الموجودة في المنطقة ستفكك تلقائياً وأن المستفيد الأساسي من هذا المشهد ستكون سورية ولبنان.
يختم المصدر بالدعوة إلى التعايش مع الواقع الراهن في لبنان الذي قد يستمر لبضعة أشهر من المراوحة في ظل حكومة سيكون عمرها أطول ممّا حدد لها، إلاّ في حال تبددت مناخات المنطقة بوتيرة أسرع مما يحسب لها.