متى تردّ منظومة المقاومة على اعتداء القنيطرة؟

حميدي العبدالله

ثمة إجماع، ليس من قبل أطراف منظومة المقاومة والمؤيدين والداعمين لها، بل حتى من قبل إعلام ومحللي العدو الصهيوني، بأنّ حزب الله ومنظومة المقاومة والممانعة سوف تردّ على هذا الاعتداء الجديد، ليس فقط لأنّ الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله كان قد أعلن في حواره مع قناة «الميادين» بأنّ منظومة المقاومة والممانعة معنية بالردّ على الاعتداءات التي تكرّرت من قبل جيش العدو الصهيوني على سورية في سياق دعمها للتنظيمات الإرهابية، بل لأنّ حكومة نتنياهو تريد توظيف هذه الاعتداءات لتغيير قواعد اللعبة من جهة، وللتأثير على البيئة الاستراتيجية في المنطقة برمّتها عبر التأثير على توازن القوى الميداني في سورية، وعبر تعطيل وعرقلة التوصل إلى اتفاق بين إيران والغرب حول ملفها النووي، وعرف عن حزب الله، وتحديداً منذ أن تولى السيد حسن نصر الله أمانته العامة، أنه لا يقبل أن يكون هناك اعتداء على المقاومة من دون أن يكون هناك ردّ رادع على هذا العدوان، يوازي الاعتداء ويفوقه.

إذا كان الردّ حتمياً، ويسلّم به العدو قبل الصديق، فإنّ السؤال الأهمّ متى يكون هذا الردّ وفي أيّ مكان؟

في ما يتعلق بمكان الردّ فالأرجح أنه سيكون على جبهة الجولان حيث وقع الاعتداء لأسباب كثيرة لا مجال لذكرها الآن.

أما متى يكون الردّ، فالتوقيت خاضع لحسابات بعضها عملياتي، وبعضها الآخر سياسي. الحسابات العملياتية، تكمن في أنّ المقاومة وحلفاءها في المنظومة يحتاجون إلى وقت محدّد لانتقاء الهدف، وجمع المعلومات حوله، ودراسة خطوط التقرّب منه لكي تكون العملية ناجحة، وهذا يتطلب أسابيع بل أشهراً، إذا لم يكن هناك بنك أهداف مسبق في هذه المنطقة لدى المقاومة وحلفائها. وحتى في حال وجود بنك أهداف، فإنّ تحديث المعلومات بشأنه أمر في غاية الأهمية لنجاح أيّ عملية، لا سيما في منطقة لم تكن في صلب نشاط المقاومة في السابق، وهذا أيضاً يحتاج إلى بعض الوقت.

الحسابات السياسية، تكمن في اختيار التوقيت السياسي الذي يلائم مصالح المقاومة وحلفائها، وليس الاستدراج إلى المواجهة في التوقيت السياسي الذي يختاره العدو. في ظلّ هذه الحسابات حتى لو كانت المقاومة جاهزة عملاتياً للردّ، فإنها تختار توقيتاً لهذا الردّ غير ذلك الذي يخطر في بال العدو، فإذا كان العدو يسعى إلى تغيير أولويات منظومة المقاومة والممانعة في سورية, أو يسعى إلى خلط الأوراق حول ملف إيران النووي، عبر إشعاله الحرب على مستوى المنطقة، ترغم الولايات المتحدة والحكومات الغربية على الانسحاب من المفاوضات الجارية التي توشك على تحقيق اختراق، أو يسعى إلى تلميع صورته في الانتخابات «الإسرائيلية» المقبلة، فإنّ جميع المعطيات المتعلقة بهذه المسائل ستكون حاضرة عند اتخاذ القرار السياسي التنفيذي للردّ على العدوان الجديد.

بكلمة إنّ اختيار توقيت الردّ هو أولاً من حق قيادة المقاومة ولا أحد غيرها، وثانياً من حق منظومة المقاومة مجتمعة لأنّ الاعتداء الأخير طال أطرافها الرئيسية الثلاثة، المقاومة عبر استهداف ستة من كوادرها، وسورية عبر خرق سيادتها، وإيران من خلال استشهاد أحد مستشاريها العسكريين.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى