محادثات «رباعية نورماندي» تنطلق خلف الأبواب المغلقة
أجريت في برلين أمس مشاورات «رباعية نورماندي» بين روسيا وأوكرانيا وألمانيا وفرنسا، حول تسوية الأزمة الأوكرانية.
وقد عقدت المشاورات على مستوى المديرين السياسيين وبشكل مغلق في مبنى وزارة الخارجية الألمانية، ومثل الجانب الروسي في هذا اللقاء فيكتور سوروكين مدير القسم الثاني لرابطة الدول المستقلة لوزارة الخارجية الروسية.
وأكد مصدر ألماني أن هذه المشاورات تأتي تمهيداً للاجتماع الوزاري، وبالتالي، فإنها ستبحث بعض التفاصيل التقنية والصيغ من دون اتخاذ أية قرارات أو تبني أية بيانات.
وكان مصدر في الخارجية الروسية قد أكد في وقت سابق نية الوزير سيرغي لافروف المشاركة في لقاء وزراء خارجية «مجموعة نورماندي» بشأن أوكرانيا. وأفاد المصدر بأن وزراء الدول الأربع سيجتمعون في دار الضيافة «بورزيغ» ببرلين.
جاء ذلك في وقت قال لافروف إن شعب أوكرانيا يجب أن يقرر مستقبله من دون أي تدخل خارجي، مؤكداً استعداد موسكو لتطوير التعاون مع الاتحاد الأوروبي، وشدد على أن ذلك يتطلب تجاوز المشاكل التي ظهرت نتيجة الأزمة الأوكرانية من خلال العمل على أساس المساواة والاحترام المتبادل.
وأكد الوزير الروسي ضرورة الحوار المباشر بشأن القضايا كافة بين ممثلي كييف ودونيتسك ولوغانسك، مشيراً إلى أن العمل في إطار «النورماندي» وكذلك منظمة الأمن والتعاون في أوروبا يجب أن يساعد في هذا الحوار المباشر.
وقال إن روسيا متمسكة بتسوية الأزمة الأوكرانية سلمياً، مشيراً إلى أن اتفاقات مينسك هي الأساس الواقعي لهذه التسوية، مؤكداً ضرورة إطلاق حوار أوكراني مباشر شامل، مشيراً إلى أن الغرب بدأ يدرك عدم وجود بديل لذلك. وقال إن «شعب أوكرانيا فقط هو الذي يجب أن يقرر مستقبله من دون أي تدخل».
وأكد لافروف أن موسكو تؤيد موقف كييف بشأن سحب الأسلحة الثقيلة عن خط الفصل بين القوات في شرق أوكرانيا والذي حُدّد في مذكرة مينسك الصادرة في 19 أيلول الماضي، مشيراً إلى أن موسكو استخدمت نفوذها لإقناع ممثلي دونيتسك ولوغانسك للموافقة على ذلك.
من جهة أخرى، قال لافروف إنه لا يمكن تأجيل إجراء الإصلاح الدستوري الذي سيسمح بالمصالحة بين مناطق غرب ووسط وجنوب شرق أوكرانيا.
وبشأن مراقبة الحدود الروسية ـ الأوكرانية، قال الوزير الروسي إن هذه المسألة يمكن حلها فقط بعد تسوية النزاع في شرق أوكرانيا نهائياً ومنح المناطق الخاضعة لجمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين الوضع الخاص وفقاً لاتفاقات مينسك.
وأشار لافروف في الوقت ذاته إلى إمكان حل مسألة مشاركة ممثلين عن منظمة الأمن والتعاون في أوروبا في مراقبة الحدود الروسية ـ الأوكرانية بين روسيا ومقاطعتي دونيتسك ولوغانسك ، موضحاً أن المراقبين الدوليين في هذه الحالة سيضطرون للتعامل مع هؤلاء الذين يسيطرون على المعابر من الجانب الأوكراني.
وأعلن الوزير الروسي أن موسكو ستدعم عملية إجراء انتخابات محلية في جنوب شرقي أوكرانيا بعد سحب القوات من خط الفصل، مشيراً إلى أن ضرورة التنمية الاقتصادية وتفعيل العملية السياسية تمثل أساساً للتوصل إلى اتفاق بين السلطات الأوكرانية وقادة مناطق جنوب شرقي البلاد.
ونفى الوزير الروسي قيام بلاده بتزويد قوات دونيتسك ولوغانسك بالسلاح، قائلاً: «لم تكن في أوكرانيا أية أسلحة باستثناء الأسلحة السوفياتية والروسية. لكن بعض دول الناتو والاتحاد الأوروبي بدأوا توريدها. نرى أن هذا يتناقض مع قواعد الاتحاد الأوروبي ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا». وأكد لافروف أن الحديث الجدي حول وجود أية أسلحة روسية لا يتطلب إلا تقديم «أدلة ملموسة». من جهة أخرى، قال الوزير الروسي إنه لا يمكن التشكيك في معاناة المدنيين في جنوب شرقي أوكرانيا، لكن هناك من يقول إن «الإرهابيين يقصفون أنفسهم».
وبشأن المعركة حول مطار دونيتسك قال لافروف إنه كان يجب نشر «الملحقات المغلقة» لاتفاقات مينسك، مشيراً إلى أن موسكو ليست من أنصار الدبلوماسية السرية وتريد أن يعلم الجميع ما هي الاتفاقات بشأن مطار دونيتسك. كذلك دعا إلى تفعيل المركز المشترك للمراقبة والتنسيق، الذي أنشأ بطلب الرئيس الأوكراني بيوتر بوروشينكو، لحل هذه المشاكل.
وكانت الدول الأعضاء في منظمة الأمن والتعاون في أوروبا قد وقعت على اتفاق طالبت فيه بتثبيت الهدنة في جنوب شرقي أوكرانيا واستئناف محادثات مينسك.
وجرى التوقيع على الوثيقة من قبل جميع الأعضاء في المنظمة، وهي 57 دولة، خلال جلسة خاصة لمجلسها الدائم، حيث أكد البيان الصادر عن الاجتماع أن دول المنظمة تبدي قلقها الشديد تجاه تصعيد النزاع في شرق أوكرانيا وتدعو الأطراف التي وقعت على اتفاقات مينسك إلى عقد اجتماع في ما بينها في أسرع وقت ممكن من أجل تحقيق تقدم واقعي في تنفيذ الاتفاقات. وأضاف أن المجلس الدائم لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا يدعم الجهود كافة الرامية إلى عدم تصعيد الوضع، بما فيها الجهود المبذولة في إطار الـ»نورماندي»، داعياً إلى تأمين عمل المراقبين الأوروبيين في منطقة الصراع.
أما مندوب روسيا الدائم لدى منظمة الأمن والتعاون في أوروبا أندريه كيلين فثمّن هذا البيان، قائلا إن اتخاذ المنظمة أول وثيقة مشتركة حول الأزمة الأوكرانية منذ بداية الصراع أمر مهم.
وأضاف كيلين أن تقريري رئيس بعثة مراقبي منظمة الأمن والتعاون في أوروبا في أوكرانيا أرتوغرول أباكان ومبعوثته الخاصة هايدي تاليافيني «أظهرا ليس فقط قلقهما إزاء توقف عملية التسوية جراء تبادل إطلاق النار، بل وعزم منظمة الأمن والتعاون في أوروبا على استمرار الجهود الرامية إلى تثبيت الهدنة».
الى ذلك، اتهم رئيس «لوغانسك الشعبية» إيغور بلوتنيتسكي سلطات كييف باستئناف القتال من أجل تغيير الوضع على الأرض لمصلحتها، مشيراً إلى مقتل 6 أشخاص في قصف أوكراني لمدينة ستاخانوف.
وقال بلوتنيتسكي إن الوضع في مقاطعة لوغانسك ليس لمصلحة القوات الأوكرانية، لذلك تحاول كييف إعادة سيطرتها على المناطق المفقودة، مشيراً إلى أن «بوروشينكو أعلن حرباً على شعبه». كما أشار إلى محاولة تفجير جسر قرب بلدة لوغانسكايا.
وأكد غينادي موسكال محافظ مقاطعة لوغانسك الإدارة التابعة لكييف تفجير الجسر المذكور وإغلاق أحد أهم الطرق بسبب تصعيد القتال في المنطقة.