البرامج التعذيبية للغستابو الأميركية في سجونها السريّة من نتائجها: أبو بكر البغدادي ورفاقه
محمد احمد الروسان
ما حدث في مقرّ شارلي ايبدو هو تدمير ممنهج ومخطط له لضرب التعايش السلمي الديني الاجتماعي في فرنسا وأوروبا، كونه سيعطي المسوّغ لما يسمى باليمين المتطرف حزب الجبهة الوطنية الجديد لرفع وتيرة حملته على المهاجرين، خاصةً من الأصول العربية والمسلمة، وكذلك الحال بالنسبة إلى تصاعدات عميقة بالمعنى الرأسي والعرضي لما يسمّى بيمين اليمين في جلّ القارة العجوز، فيصبح اليمين بمثابة يسار يمين بالنسبة لليمين المتطرف.
نذكّر الشعوب الأوروبيّة والغربية لا حكوماتها المتورّطة حتّى النخاع في تجنيد وفي غسل أدمغة أناس أسوياء أو شبه أسوياء وتحويلهم الى الجهاد وارتكاب المجازر، بتقرير دايان فنشتاين رئيسة لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ الأميركي حول فضائح «سي أي آي»، وأنّ التعذيب في السجون السريّة لم يكن بهدف انتزاع اعترافات جماعات القاعدة، بل التأثير عليهم وفيهم بحيث يتم تغيير السلوك والتحكم بتصرفاتهم ويصبحون خانعين خاضعين للأوامر، بما فيها الاستعداد لتقديم اعترافات عن جرائم لم يقوموا بها ونورد هنا مثالين توضيحيين:
أولاً: اعترافات أشخاص من القاعدة ممن ادّعت الحكومة الأميركية مسؤوليتهم عن أحداث أيلول 2001.
ثانياً: أو قيام أشخاص بجرائم من دون أن يكون هناك أدنى شعور أو وعي داخلي لما يفعلون، وهو ما يفعله الداعشيون الزومبيات في الرقة والموصل.
لقد أنفقت استخبارات حكوماتكم أيّها الغربيون مئات الملايين من الدولارات واليورات، وارتكبت أبشع الجرائم من أجل تصنيع خرافة تفيد بأنّ تنظيم القاعدة الذي أنشأته تلك الاستخبارات ذاتها للقتال ضدّ السوفيات في أفغانستان وثم في يوغوسلافيا وفي الشيشان أنّه قد صار العدو الأول للغرب.
لقد خضع قادة «داعش» ومنهم أبو بكر البغدادي ورفاقه من أبو مسلم التركماني وحجي بكر وأبو القاسم وغيرهم كثير، لنفس البرنامج التعذيبي لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية بين الأعوام 2004 الى 2009 أثناء اعتقالهم في معسكر أو سجن بوكا في الجنوب العراقي، نراهم قبل دخولهم السجن كانوا يقاتلون القوّات الأميركية الغازية، واذا بهم وبقدرة قادر وبعد خروجهم من السجن راحوا يقاتلون سورية الى جانب قوات حلف الناتو؟
وحده الزمن سيكشف لكم تلاعب أجهزة استخبارات حكوماتكم وتورّطها في دعم الإرهاب ايّها الأوروبيون، ليس فقط لأهداف أنانية قذرة، حيث الجشع وحب السيطرة على العالم وعلى الثروات ولو كان الثمن سفك دماء الشعوب الضعيفة وإغراقها في بحور من الدماء، ولا مانع لديهم كما ترون في مثل هذا المثال الصارخ من نقل المشاهد الإجرامية الى قلب بلادكم وعواصمكم وسفك دمائكم، طالما أنّ الهدف هو التجييش الإعلامي باتجاه معيّن ورسم سياسات تتجاوز البروباغندا الإعلامية في محاربة الإرهاب لغايات دنيئة.
رفض وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية نشر وثائق جديدة تتضمّن معلومات مفصّلة عن برامج الاستجواب واعتقال مشتبه بهم، بممارستهم لما يُسمّى الإرهاب الأممي بالخارج بحجة لا تسمن ولا تغني من جوع، وعلى شاكلة الحجّة التالية: تمسّ الأمن القومي في شكل جديّ ، فهذا يتعارض مع قرارات القضاء الأميركي الفدرالي، ويعتبر جريمة فدرالية وحسب منطوق التشريعات الأميركية الفدرالية المتعلقة بهذا الخصوص القضائي.
حقيقة موجودة
السجون السريّة لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية «سي أي آي» حقيقة موجودة منذ أحداث أيلول 2001 وحتّى هذه اللحظة، وقد اعترفت إدارتا الرئيس السابق بوش الابن بوجودها، وبعد أن تمّ فضحها عبر وسائل الميديا العالمية بمساعدة حثيثة وواضحة من جناح محدد من داخل أروقة «سي أي آي» ساءه السلوك السيئ والمنبوذ المتبع في مخابراته، سلوك غير قانوني وغير إنساني وغير أخلاقي وغير حضاري، سلوك دموي سادي، وهذا ما حاولت أن تخفيه ادارتا الرئيس أوباما وتحذر الكونغرس الأميركي من نشر تقريره، الى أن أصدر الكونغرس الأميركي تقريره الأخير حول ذلك أواخر العام المنصرم 2014، رافضاً محاولات الديمقراطيين لعرقلة ذلك.
تمارس «سي أي آي» سلوكا دمويا منذ تأسيسها على يد الرئيس هنري ترومان، والذي كان يخشى انزلاقات الوكالة الى مثل ما انزلقت إليه الآن، فهي بمثابة الغستابو الولاياتية الأميركية نظراً إلى المسارات المريبة لعمليات تقوم بها هذه الوكالة، ما يقود الكثير من اللاعبين الدوليين والمتابعين لشؤون الاستخبارات، الى ضرورة وضرورة وضرورة حظر وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية الحالية، حيث لم يعد هناك من أمل في إصلاحها واعادة هيكلتها من جديد، مما يستدعي هندرتها بصورة مختلفة، بعبارة أخرى: شطبها واعادة تأسيس وتشكيل أخرى وفقاً لمعايير صارمة ومحددة، تختلف عن المعايير التي حكمت نشوء الحالي من وكالات الاستخبارات المختلفة.
إنّ تفاعلات قضية توقف طائرات استخدمتها «سي أي آي»، حيث نقلت سجناء إلى سجون سريّة في عدة بلدان متفرّقة من العالم، ومنها عربية، واعتقال من تشتبه في تورّطهم في ما تطلق عليه واشنطن الحرب المقدّسة على الإرهاب بصورة غير شرعية، وإخضاعهم لعمليات تعذيب والتي لا يعلم بوجودها إلاّ القلّة من المسؤولين الأميركيين إلى جانب الرئيس ومدير المخابرات ومستشار الأمن القومي، وبضع من كبار مسؤولي الاستخبارات في الدول المضيفة التي أطلق عليها البيت الأبيض ذاته و«سي أي آي» نفسها، ووزارة العدل الأميركية، فضلاً عن الكونغرس الأميركي مسمّى «المواقع السوداء».
وتضمّ هذه السجون السريّة وما زالت حتّى يومنا هذا، وفي عهد إدارة اوباما1 وإدارة اوباما 2، العديد من السجناء وخاصةً من كبار قادة «القاعدة» وأخواتها وبناتها، وعمّاتها وخالاتها، وعشّاقها وغيرهم، ويتضمّن التحقيق مع السجناء عدد من التكتيكات، وتطبق على مراحل تبدأ بتكتيكات بسيطة وتصل إلى إغراق السجين تحت الماء، ومن جذب المعتقل من ملابسه بقوّة للفت انتباهه، والضرب على البطن والكلى والوقوف لساعات، مع العمل على إفقاد الرجل لرجولته واغتصابه، كذلك الوقوف في زنزانة باردة مع إغراقه بالماء البارد، وتكرار انتهاك عرضه واغتصابه لمرات متتالية لتدمير نفسيته، ونقرأ بين الفينة والأخرى في صحف عالمية مشهورة سواءً داخل أميركا أو بريطانيا أو فرنسا أو اسبانيا وايطاليا، عن كشف لفضائح جديدة ارتكبتها وترتكبها «سي أي آي» .
لقد تسرّبت معلومات من داخل أروقة «سي أي آي» ونشرتها «واشنطن بوست» وغيرها من الصحف الأميركية الجادّة، أنّه تم تطبيق برنامج فونيكس PHONIX مع سجناء ومعتقلي السجون السريّة خارج وداخل الولايات المتحدة الأميركية، وهو برنامج للتعذيب والقتل بموافقة الدولة من حقبة حرب فيتنام، وقد طبق على أعضاء الفيتكونغ VIETCONG أعضاء جبهة تحرير فيتنام ، كما قامت الوكالة بتعيين مجموعة من المقاولين من خارجها، والذين قاموا بتطبيق نظام من التقنيات وصفها مستشار خاص لمجتمع الاستخبارات العالمية، بأنّها أشبه ما يكون بطريقة «البرتقالة الآلية»، وقد كان هؤلاء خبراء نفسانيين عسكريين حيث خلفيتهم تتركز في تدريب جنود القوّات الخاصة، وقد عرف البرنامج باسم SERE وهو اختصار لعبارة البقاء، المراوغة، المقاومة، والهروب، Escape SURVIVAL , EVASION RESISTANCE ، وقد أنشئ هذا البرنامج في نهاية الحرب الكورية، ويخضع المتدرّبون إلى محاكاة التعذيب، بما في ذلك تقليد التخويف بالإغراق في الماء، والحرمان من النوم والعزلة، وتعريضهم لدرجات حرارة عالية جداً ومنخفضة جداً، والاحتجاز في الأماكن الضيقة، والإزعاج الشديد باستخدام الأصوات العالية، كذلك الإذلال الديني والجنسي، هذا وقد تمّ تصميم برنامج في الأماكن الضيقة، والإزعاج الشديد باستخدام الأصوات العالية، كما تمّ تصميم برنامج SERE خصيصاً لمقاومة أنظمة التعذيب، ولكن أفراد وكوادر «سي أي آي» استخدموا خبراتهم في مساعدة المستجوبين، على إساءة معاملة المعتقلين في السجون السرية في أوروبا وشمال أفريقيا والشرق الأوسط وباقي دول العالم، ولقد قال مسؤول أوروبي مطلع على هذا البرنامج وحيثياته: «لقد كانوا متغطرسين للغاية، ومؤيدين للتعذيب، لقد أرادوا إضعاف المعتقلين، ويحتاج الأمر إلى عالم نفساني لفهم هذه التجربة الخطيرة على البشر».
كما يتمّ إيقاف المعتقل في هذه السجون داخل قفص يسمى «صندوق الكلب» وهو صغير جداً، بعد ذلك يتمّ استخدام التعرية لإظهار قوّة الآسر أو لأضعاف المعتقل، وتمزيق ثياب المعتقل بجرّ الثياب على أن يكون من أعلى إلى أسفل حتّى لا يفقد المعتقل التوازن، كذلك الضرب المبرح على الكتف والمعدة وتغطية الرأس وجرّ الجسد بشدّة والتعليق على الجدار وسلسلة من الأوضاع المتعبة ومنها وضعية تسمّى «أعبد الآله» «GODS WORSHIP.
حلقة مفرغة ومفزعة
وبالرغم من وعود الرئيس الأميركي باراك أوباما 1 وأوباما 2، فإنّ حالة ومشكلة سجن «غوانتانامو» لا تزال تدور في حلقة مفرغة ومفزعة ولا يوجد تحسّن ولا تغيّرات ملموسة في حياة السجناء نحو الأحسن والأفضل، كذلك حالة ومشكلة سجن باغرام في أفغانستان وقد وصف بسجن غوانتانامو الثاني، من قبل الكثير من منظمات حقوق الإنسان حيث يتشابه مع سجن غوانتانامو في ظروف الاعتقال العشوائية، هذا وقد أدان اتحاد الحريات المدنية الأميركيةAMERICAN CIVIL LIEBERTIES UNION نتيجة تقرير روبرت غيتس، رئيس اللجنة التي شكلها أوباما لدراسة ظروف الاحتجاز للمعتقلين وقت إدارته الأولى، ووصفتها بأنّها غير حقيقية ومزوّرة، بل وصفت التقرير نفسه بالمهزلة، وأكد الاتحاد الأميركي المدني، بأنّه من غير المعقول تصديق مثل هذه الأقوال الخرقاء، فكيف استطاعت اللجنة تقييم زهاء سبع سنوات ونصف سنة كاملة من ظروف الاعتقال في غوانتانامو في خلال سبعة عشر يوماً فقط لا غير!
اذاً عندما يذهب الكثير من المراقبين والمسؤولين الدوليين والباحثين في شؤون وكالات الاستخبارات المختلفة ونحن منهم، الى ضرورة حظر وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، فانّ ما يبرّر هذا الموقف هو حقيقة قيام «سي أي آي» ومنذ نشأتها وحتّى اللحظة، بتزويد الكثير من الرؤساء الأميركيين بتقارير مزيفة ومفبركة حول العديد من القضايا الحاسمه المتعلقة بالسياسة الخارجية، اضافة الى تزوير الانتخابات وإسقاط حكومات عبر العالم ورعاية الديكتاتوريات، وإضفاء شرعيات على عمليات انتخابات مزيفة في ساحات ودول حلفائها في العالم، اذا جاءت نتائج تلك العمليات الانتخابية بحكومات وأنظمة مواليه لواشنطن، كما تتحمّل «سي أي آي» مسؤولية موت آلاف المدنيين وأعداد لا تحصى من حالات التعذيب.
ولم يطل الأذى نيويورك وحدها، فقد عانى البيت الأبيض من معلومات الاستخبارات المزيفة طالما كانت «سي أي آي» موجودة، ولإيضاح ذلك، يجب أن نتذكر الحادثة المشؤومة التي قدم فيها كولين بويل أمام مجلس الأمن «الدليل» على وجود أسلحة دمار شامل عراقية، الأمر الذي لم يثبت في أعقاب الغزو والاحتلال الأميركي اللاحق.
بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، كانت «سي أي آي» تتابع العمل المريب لسلفها، مكتب الخدمات الاستراتيجية OSS ، بانتقاء مجرمي الحرب العالمية الثانية ذاتهم بهدف استمرار نشاطاتهم ضدّ أوروبا الشرقية، في الوقت الذي كانت وكالات الاستخبارات الدولية الأخرى، تلاحق مجرمي الحرب العالمية الثانية للقبض عليهم وتقديمهم للمحاكمات المختلفة.
منذ ولادتها…
ولحظة ولادتها بدأت «سي أي آي» التحضير لانقلابات غير شرعية في ايران 1953 ، غواتيمالا 1954 ، أندونيسيا 1957 ، وكلها أدّت الى عقود من القمع والقتل الجماعي والتعذيب في الدول المعنية، بينما وضعت مصادرها الطبيعية تحت سيطرة واشنطن. وعلى سبيل المثال، أدى انقلاب ايران عام 1953 الى سيطرة الولايات المتحدة على 40 في المئة من صناعة النفط في ايران. ولن يستطيع المرء اليوم تسمية دولة لم تعان من أعمال الـCIA، كما نظمت «سي أي آي» محاولات انقلاب متكرّرة في لاووس 1958-1959 ، وكوستاريكا والعراق 1960 ، والإكوادور والعديد من الدول الأخرى.
عام 1961 دبّرت «سي أي آي» اغتيال رئيس وزراء الكونغو المحبوب من شعبه باتريس لومومبا، لتضع مكانه موبوتو سيكو الذي قاد البلد بقسوة صدمت حتى داعميه في «سي أي آي». وفي غانا نظمت «سي أي آي» انقلابا عسكريا ضد قائد البلد نكروما عام 1966. في شيلي، رعت «سي أي آي» اسقاط الرئيس سلفادور أليندي عام 1973 وحل عوضاً عنه النظام الدموي بقيادة أوغوستو بينوشيه الذي قتل ثلاثة آلاف خصم سياسي وعذب عشرات الآلاف من الشيليين. وعام 1967 في اليونان، دعمت «سي أي آي» عرقلة الانتخابات المحلية وساندت الانقلاب العسكري الذي حصد أرواح ثمانية آلاف يوناني في شهره الأول فقط. وفي جنوب افريقيا فإنّ المعلومات التي منحتها «سي أي آي» للنظام العنصري مكنته من اعتقال قائد الكونغرس الوطني الافريقي نيلسون مانديلا، الذي أمضى عقوداً في السجن. وفي بوليفيا عام 1964 أسقط عملاء «سي أي آي» الرئيس فيكتور باز. وفي استراليا ما بين عامي 1972 و 1975 حوّلت «سي أي آي» ملايين الدولارات الى سياسيين معادين لحزب العمل، وحدث الشيء ذاته في البرازيل عام 1962. وعلى طول السنوات العشرين الممتدة بين 1970 و 1990 قامت «سي أي آي» بدعم نظام دموي في الفلبين ارتكب إعدامات جماعية بحق مواطنيه. وفي التسعينيات من القرن الماضي ونتيجة للدعم الذي قدمته «سي أي آي» الى العائلات المحلية الحاكمة في السلفادور قتل حوالي 75 ألف مدنياً في حرب أهلية دموية.
والسؤال المحيّر هو لماذا لا يزال الرئيس أوباما بحاجة الى «سي أي آي»، رغم وجود حوالي عشرين وكالة استخبارات رئيسية تحت تصرفه ويمكنها منحه كل المعلومات والنصائح اللازمة؟ أليس من الأسهل لو تنظف أميركا آياديها وتنقذ سمعتها بالتخلص من حوالي أكثر من أربعين ألف موظف في «سي أي آي» و توفر المليارات من دولارات دافعي الضرائب؟
الإنصات للنداءات الأخيرة
من الأفضل للعندليب الأسمر باراك أوباما، الحائز على جائزة نوبل للسلام، الإنصات الى النداءات الأخيرة التي أطلقها «اتحاد الحريات المدنية الأميركي» و «مراقبة حقوق الانسان» والمطالبة بمقاضاة تلك الوكالات التي ارتكبت التعذيب ورخّصته، الى جانب السياسيين الأميركيين الذين سمحوا باستمرار النشاطات الإجرامية لـ«سي أي آي»، اضافة الى ذلك، فإنّ القيام بذلك إلزامي اذا كانت الولايات المتحدة ممتثِلة للاتفاقية ضدّ التعذيب التي وقعتها عام 1994.
كما انتقد الكثير من مؤسسات المجتمع المدني الأميركي والعالمي، تصرفات وسلوك أفراد الجيش الأميركي في سجن «باغرام» في أفغانستان المحتلة، حيث لا يزال يقبع فيه سجناء من دون محاكمة أو توجيه تهم إليهم، ولم يقابلوا أي محام منذ فتح السجن، وعدد السجناء فيه يتجاوز 900 سجين بعد أن تم نقل بعض السجناء من سجون سريّة تابعة لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، وغالبية سجنائه من حركة طالبان الأفغانية، وفيه سجناء أطفال وقصّر من كلا الجنسين ونساءً، وظروف سجن»باغرام» في غاية السوء حيث الرطوبة العالية، ولا توجد أماكن للنوم ولا طعام صحي.
الولايات المتحدة الأميركية تراودها فكرة في غاية الخطورة، وهي من الأفكار المبدعة والخلاّقة للصندوق الأسود لجنين الحكومة الأممية البلدربيرغ الأميركي، وتتمثل هذه الفكرة: في إغلاق «غوانتانامو» ونقل كافة السجناء والمعتقلين إلى سجن «باغرام» الحصين الذي يقع في قلب أكبر قاعدة عسكرية للولايات المتحدة الأميركية في أفغانستان المحتلة، بالإضافة إلى نقل سجناء آخرين من سجون سريّة أخرى إليه، عندّها سوف يزداد الأمر سوءاً على سوء، مع عدم وجود أي فرصة لأي سجين في الحصول على خدمات قانونية من منظمات حقوق الإنسان والمدافعين عن حقوق الإنسان من المحامين، كما أنّ إدارة أوباما الحالية كسابقتها لا تزال تتجاهل طلبات إغلاق سجن «باغرام» أو تغيير ظروف الاعتقال العشوائية، بحجة أنّ الحرب المقدّسة على ما يُسمّى الإرهاب الأممي لا تزال قائمة ودائرة.
لقد طالب المفوض السامي للجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة مراراً وتكراراً، بإجراء تحقيقات أممية خاصة حول السجون السريّة الأميركية التابعة لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية في أفغانستان وغيرها من الدول.
محام، عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية الأردنية
www.roussanlegal.0pi.com
mohd ahamd2003 yahoo.com