لبنان الرسمي والشعبي يشيّع شهداء رأس بعلبك في مواجهة الإرهاب ودعوات إلى توحيد الصفوف بجانب المؤسسة العسكرية والمقاومة والتنسيق مع الجيش السوري
شيّع الجيش وأهالي البلدات والمناطق 8 عسكريين استشهدوا خلال الاشتباكات التي خاضتها الوحدات العسكرية ضد المجموعات الإرهابية في جرود بلدة رأس بعلبك يوم الجمعة الماضي.
وأدت وحدات عسكرية مراسم التكريم اللازمة للشهداء الثمانية، وألقى ضباط ممثلون عن وزير الدفاع الوطني اللبناني سمير مقبل وقائد الجيش اللبناني العماد جان قهوجي كلمات في احتفالات التأبين، أشادوا فيها بمسيرة الشهداء وإخلاصهم للوطن، مؤكدين مضي الجيش قدماً في استئصال جذور الإرهاب من لبنان.
وشيعت قيادة الجيش وأهالي بلدة نبحا الجندي الشهيد حسن علي وهبة. وشارك في التشييع حشد غفير من فعاليات المنطقة، يتقدمهم الوزيران حسين الحاج حسن وغازي زعيتر والنائب علي المقداد، وقيادات حزبية وسياسية وممثلون عن الأجهزة الأمنية وعلى رأسهم ممثل قائد الجيش العميد خالد زيدان، الذي القى كلمة قائد الجيش ووزير الدفاع، قائلاً: «إننا اليوم واثقون كل الثقة بقدرتنا على محو ظاهرة الإرهاب في خريطتنا الوطنية مهما طال الطريق ومهما كلفنا ذلك من دماء وتضحيات، فنحن أهل هذه الارض ماضياً وحاضراً ومستقبلاً ومن اولى واجباتنا الدفاع عنها وصون وحدتها وسيادتها واستقلالها».
وتوجه علي وهبة، والد الجندي الشهيد حسن، بكلمة مؤثرة أمام الإعلاميين قال فيها: «هذه الشهادة كنا بانتظارها، فهذا خط دفاع عن البلد والوطن والشعب، وهذا الخط هو فخر واعتزاز وعزة لي ولكل لبناني». وتابع: «لدي أولاد غير حسن أقدمهم في هذا الخط. والآن أنا نادم لأنني لم أنجب أولاداً أكثر ليكونوا في الصفوف الأمامية في مواجهة الخطر الإرهابي، وما يثلج قلبي أنني عندما شاهدت ابني بعد استشهاده وجدته ما زال قابضا على الزناد».
كما شيعت بلدة سعدنايل في البقاع الأوسط ابنها الشهيد العريف أحمد يحي دني بموكب حاشد شارك فيه الآلاف من اهالي بلدات البقاع الاوسط والبقاع الغربي يتقدمهم العقيد الركن ابراهيم ترو ممثلاً وزير الدفاع، وقائد الجيش، وممثل المدير العام لقوى الأمن الداخلي النقيب خالد عبد الباقي.
وأكد ممثل وزير الدفاع وقائد الجيش العقيد ترو دور المؤسسة العسكرية في مواجهة الارهاب، ودور اللبنانيين الحاضن والمؤيد للمؤسسة العسكرية، مشدداً على «أن من اولى واجباتنا الدفاع عن خريطتنا الوطنية وصون وحدتها وسيادتها واستقلالها»، لافتاً إلى «أن الارهابيين هم عصابات من الغرباء المرتزقة لا قضية لهم ولا دين ولا انتماء».
وقال رئيس بلدية سعدنايل خليل الشحيمي «ان دم الشهيد سيكون لعنة تطارد قاتليه ومن كان السبب في موته وموت الكثيرين من أبنائنا في مؤسستنا العسكرية».
كذلك، شيّع الجيش المجند الشهيد مجتبى عماد أمهز، إذ بدأت مراسم التكريم لدى نقل الجثمان من المستشفى العسكري المركزي الساعة 10:00 ثم نقل الجثمان إلى منزل والده الكائن في الحدث- بعبدا- حي الأمركان، وبعد التشييع ووري الشهيد الثرى في جبانة روضة الشهيدين- في الغبيري. وتقبل التعازي لمدة أسبوع في منزل والده الكائن في الحدث- بعبدا.
وشيعت قيادة الجيش وأهالي بلدة دورس الملازم أول أحمد محمود طبيخ، واخترق موكب التشييع الطريق الرئيس للبلدة وسط نثر الورود والرز، بمشاركة حشد غفير من فعاليات المنطقة الحزبية والسياسية والدينية والبلدية والاختيارية يتقدمهم رئيس الهيئة الشرعية في حزب الله الشيخ محمد يزبك ورئيس المجلس السياسي في الحزب السيد ابراهيم امين السيد ونواب من تكتل بعلبك الهرمل، إضافة الى ممثلين عن الجيش والأجهزة الأمنية وعلى رأسهم العميد صالح قيس ممثلاً وزير الدفاع وقائد الجيش.
وقدم وزير الأشغال العامة غازي زعيتر، باسم رئيس مجلس النواب نبيه بري، التعازي لعائلة النقيب طبيخ. ودعا زعيتر إلى «الوقوف إلى جانب الجيش والقوى المسلحة أكثر من أي يوم مضى وعدم الاكتفاء بالشعارات». وقال: «علينا ان نوحد صفوفنا إلى جانب الجيش والمقاومة أحد العناوين الرئيسية التي تحفظ هذه الدماء للجيش البطل وهي شرف وعزاء للبنان ووحدته».
وفي الهرمل، شيّعت قيادة الجيش اللبناني وأهالي المدينة الرقيب الشهيد محمد نيازي ناصر الدين، وانطلق موكب التشييع من أمام منزل الشهيد في بلدة المنصورة تقدمه حملة أكاليل الزهر والأوسمة ونعش الشهيد، وتقدم المشيعين عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب نوار الساحلي، وممثل قائد الجيش العقيد الركن عبدالرحمن عثمان، وممثلون عن القوى الأمنية وحشد من الفعاليات والأهالي.
وسار موكب التشييع وصولاً إلى جبانة البلدة حيث أمّ الشيخ مصباح ناصر الدين الصلاة على جثمان الشهيد، بعدها ألقى العقيد الركن عثمان كلمة باسم قائد الجيش أكد خلالها تصميم المؤسسة العسكرية على محاربة الإرهاب بكل قوة للدفاع عن وطنه وأهله، وقلّد العقيد الركن عثمان الشهيد ناصر الدين الأوسمة قبل أن يوارى في الثرى.
وشيعت بلدة مجدل سلم المجند الشهيد محمد علاء الدين في مأتم مهيب، شارك فيه العقيد جورج دحداح ممثلاً وزير الدفاع سمير مقبل وقائد الجيش العماد جان قهوجي، النائب علي فياض وحشد من الشخصيات وأهالي البلدة والجوار، ورفاق السلاح. وقال دحداح في كلمته: «هذه ملحمة اخرى يؤكد فيها ابطالنا التزامهم بالقسم، انها موقعة جديدة يحاول فيها الإرهاب إظهار الوجه البشع الذي يضعه في إطار الإجرام والعدوان والتنصل من المبادئ الانسانية والاخلاق، في المقابل يعلن جيشنا الحرب المفتوحة والمستمرة على هذا الارهاب».
وأكد فياض «أن الجيش كان دوماً السياج المنيع الذي يحمي هذا الوطن، نحن نراهن على شجاعته وتضحيته وقراره في أن يمضي قدماً في هذه المهمة، نحن كلنا مع الجيش وخلفه وجنباً الى جنب معه في سبيل الدفاع عن هذا الوطن». بعد ذلك، ووري في الثرى في جبانة البلدة.
وشيّع أهالي جبل محسن المجند الشهيد حسن رمضان ديب حيث أقيمت مراسم التشييع وسط حشود كثيفة اكدت تضامنها ودعمها للجيش اللبناني والقوى الامنية في تصديها للارهابيين الذين يعبثون بأمن لبنان.
واحتشد الآلاف من ابناء طرابلس ناثرين الرز والورود على نعش الشهيد، وسجي جثمانه بالعلم اللبناني بعد ان أدت له ثلة من رفاق السلاح التحية العسكرية ومن ثم صلي على جثمانه ليوارى الثرى إثر ذلك في جبانة جبل محسن.
كذلك شيعت قيادة الجيش وأهالي بلدة شان العكارية الجندي الشهيد بلال خضر أحمد. وانطلق موكب التشييع من أمام إحد مستشفيات بيروت وصولاً إلى بلدته، وبعدها أقيمت صلاة الجنازة ومراسم التشييع الرسمية التي يقيمها الجيش للشهداء، ووري الشهيد الثرى في جبانة البلدة.
وتقدم موكب المشيعين كل من العقيد توفيق يزبك ممثلاً وزير الدفاع وقائد الجيش والنائب نضال طعمة ممثلاً الرئيس السابق للحكومة سعد الحريري ورؤساء بلديات ومخاتير وفعاليلت عكارية الى جانب عائلة الشهيد.
وفي المواقف، نوّه الحريري بتصدّي الجيش لمحاولات التنظيمات الإرهابية المتطرفة الاعتداء على مواقعه وعلى الأراضي اللبنانية.
وشدد الحريري في بيان له أول أمس على «دعمه الثابت للجيش والقوى الأمنية في مهامها لمكافحة الإرهاب بكلّ أشكاله».
وأجرى وزير الساحة ميشال فرعون اتصالاً هاتفياً بقائد الجيش حيث تقدم منه بالتعزية واطلع منه على تفاصيل ما حصل في جرود رأس بعلبك، كما أجرى سلسلة اتصالات بفاعليات المنطقة مشدداً أمامهم على تضامنه وعلى «أن الجيش هو الضامن للاستقرار والحامي الوحيد للسيادة والمكلف ببسط الأمن على كامل أرجاء الوطن، مع المؤسسات الأمنية الشرعية».
واعتبر عضو كتلة التحرير والتنمية النائب ياسين جابر في تصريح «ان الجيش يحمي بدماء شهدائه من الضباط والعسكريين، سياج حدود الوطن من خلال تصديه للارهاب التكفيري الدموي»، داعياً جميع اللبنانيين الى «الالتفاف حول الجيش الذي يدفع ضريبة الدم دفاعاً عن لبنان وعن الوحدة الوطنية».
وطالب بـ «توفير كافة الامكانات اللوجستية والمادية والمعنوية للجيش اللبناني ليتمكن من مواجهة الارهاب ومن درء الأخطار المحدقة بلبنان»، معتبراً «أن الجيش هو خشبة خلاص الوطن وبدونه لا قيامة للبنان».
وشدد النائب باسم الشاب على «ضرورة دعم المؤسسة العسكرية في هذه المرحلة الدقيقة وعدم التشكيك بها، فمن الطبيعي ألا تنجح كل العمليات العسكرية بنسب عالية إنما الجيش يحتاج الى دعم معنوي أمام الواقع الخطير».
ورأى «أن الواقع الخطير يتطلب تعزيز دعم الجيش من خلال الحوار بين جميع اللبنانيين بما يؤمن التماسك والوحدة الوطنية، لافتاً الى «أن بعض الذين انتقدوا الحوار خفتت أصواتهم بعدما خفف هذا التواصل من الاحتقان على الساحة المحلية، وبات الوضع في لبنان أكثر تحصيناً مما كان عليه منذ ستة أشهر».
واعتبر النائب قاسم هاشم في تصريح أدلى به بعد لقاءات عقدها مع فاعليات من قرى قضاء حاصبيا، «أن دماء الشهداء تكتب العناوين الأساسية لحماية الوطن، وتحصنه من محاولات دوائر الإرهاب التكفيري المتماهي والمتقاطع مع العدوان «الإسرائيلي»، الذي يستهدف وطننا وأمتنا في شكل دائم، وهذا ما يستدعي الإسراع بترجمة الاحتضان والالتفاف الوطني حول مؤسسة الجيش والقوى الأمنية، وتأمين كل متطلباته من سلاح وعتاد واحتياجات على كل المستويات».
وأعلن رئيس حزب التوحيد العربي الوزير السابق وئام وهاب أن «الجيش أثبت مرة جديدة أنه قادر على اتخاذ القرار وحسم المعركة وحماية حدود لبنان، عندما يتوافر القرار السياسي والقيادة الشجاعة كما هو حاصل اليوم».
ودعا اللبنانيين خلال استقباله وفوداً شعبية أمت دارته في الجاهلية، إلى «أن يكونوا مطمئنين إلى أن لديهم الجيش القادر على مواجهة الإرهابيين وقتلهم ومنعهم من دخول الأراضي اللبنانية، الى جانب حلفائه من الشعب اللبناني والمقاومة التي تساهم في كثير من المناطق في حماية لبنان وكل اللبنانيين وكل المناطق من دون استثناء».
وقال: «المواجهة التي أرادها التكفيريون في رأس بعلبك هي عملية غدر جديدة بالجيش، تحولت الى مواجهة حقيقية دفع فيها الإرهابيون الثمن، ويجب أن تتطور تلك المواجهة باتجاه تنسيق فعلي بين الجيش اللبناني والجيش السوري والمقاومة، فمن دون هذا التنسيق الفعلي لا يمكن القضاء على هذا الخطر الموجود في هذه المنطقة التي تقع بين الحدود اللبنانية السورية». وتمنى على بعض اللبنانيين والمسؤولين أن يتجاوزوا عقدهم الشخصية والسياسية ويسمحوا للجيش أو يشجعوا الجيش على التنسيق مع الجيش السوري والمقاومة لإنهاء هذه البؤرة التي ستبقى مصدر تهديد للبنان».
وطالب النائب البطريركي للروم الملكيين الكاثوليك المتروبوليت يوحنا حداد بدعم الجيش بالعتاد اللازم كي يتمكن من مواجهة الخطر الإرهابي الذي يتسع، كما طالب القيادات اللبنانية كافة بالعمل من أجل اطلاق سراح العسكريين المختطفين، وذلك مساهمة في تعزيز الثقة الكاملة بين الاهالي والجيش وقطع الطريق على الفتنة والفوضى واستغلال قضية العسكريين».
وأكد «ان لبنان يمر بأخطر مراحل وجوده منذ الاستقلال، وأن صيغة العيش المشترك يحفظها وجود جيش قوي يحافظ على البلاد ويكون سياجاً للوطن».