بوتين: الجيش الأوكراني بات فيلقاً للناتو هدفه ردع روسيا
أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس أن سلطات كييف رفضت المضي على طريق التسوية السلمية في منطقة دونباس شرق أوكرانيا.
وقال في لقاء مع طلاب إحدى جامعات سان بطرسبورغ إن «سلطات كييف الرسمية للأسف ترفض المضي في طريق التسوية السلمية ولا تريد حلاً سياسياً»، مشيراً إلى أن كييف استخدمت هيئات الأمن والأجهزة الخاصة، ولاحقاً الجيش، وعندما واجهت مقاومة أوقفت العمليات القتالية.
وأضاف الرئيس الروسي: «للأسف استغلوا الهدنة لإعادة نشر القوات، وبدأوا من جديد. وقد قتل هناك آلاف الأشخاص، وما يحدث هو مأساة حقيقية»، مؤكداً أن أوكرانيا تشهد حرباً أهلية، وأن كثيرين باتوا يدركون ذلك جيداً.
وفي السياق، قال الرئيس بوتين إن الجيش الأوكراني بات فيلقاً لحلف شمال الأطلسي «الناتو» لا يخدم المصالح الوطنية الأوكرانية، وإنما يهدف إلى تحقيق أهداف جيوسياسية مثل ردع روسيا.
وتابع قائلاً: «نتحدث دائماً عن الجيش الأوكراني، ولكن من يقاتل هناك في حقيقة الأمر؟ نعم، هناك فصائل من القوات المسلحة الرسمية، ولكن هناك في الوقت ذاته ما يسمى «كتائب المتطوعين القوميين».
وأضاف بوتين: «من حيث الجوهر هذا ليس بجيش، إنما فيلق أجنبي، وتحديداً تابع لحلف الناتو، لا يخدم بالطبع مصالح أوكرانيا الوطنية، وإنما له مرام أخرى متعلقة بأهداف جيوسياسية مثل ردع روسيا، الأمر الذي لا يتجاوب إطلاقاً مع مصالح الشعب الأوكراني».
من جهة أخرى، قال دميتري بيسكوف المتحدث باسم الرئاسة الروسية إن كييف تتخذ قراراً حول استئناف القتال بدلاً من إقامة الحوار من أجل حل النزاع الداخلي.
وأكد أن الأهم يتمثل ليس في ما هي القوى التي يمكن إشراكها في التسوية وإنما في مدى استعداد كييف نفسها لتسوية الأزمة في ظروف القتال وسقوط الكثير من الضحايا في قصف أحياء سكنية في دونيتسك.
من جهة أخرى، قال المتحدث باسم الرئاسة الروسية إن تهديد روسيا بفرض عقوبات جديدة على خلفية تصعيد الوضع في أوكرانيا خطوة مضرة وغير مبررة وغير حكيمة.
وأضاف: «بدلاً من زيادة الضغط على هؤلاء الذين يرفضون الحوار وحل النزاع سلمياً نسمع عن استئناف هذا الابتزاز الاقتصادي حيال روسيا»، مؤكدا أن موسكو لن تغير موقفها الثابت.
الى ذلك، حمل وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف كييف مسؤولية تصعيد العنف في جنوب شرق أوكرانيا، محذراً الغرب من دعم الحكومة الأوكرانية في كل خطواتها.
وقال في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره «الإسرائيلي» أفيغدور ليبرمان: «نرى محاولات لإجهاض العملية السلمية وكذلك محاولات تقوم بها كييف مرة تلو أخرى لقمع جنوب الشرق بالقوة»، مؤكداً أن لا آفاق لهذه المحاولات التي تسفر عن سقوط مزيد من الضحايا بين المدنيين.
وشدد لافروف على أن موسكو ستساهم في إجراء اتصالات بين ممثلي كييف وشرق أوكرانيا خلال الأيام القريبة المقبلة، محذراً فرنسا وألمانيا وخصوصاً الولايات المتحدة من خطوات تعطي كييف انطباعاً بأن الغرب يدعم كل أفعالها تلقائياً.
من جهة أخرى، رأى وزير الخارجية الروسي أن الغرب يستغل مأساة ماريوبل لتشديد العقوبات المفروضة على روسيا. وقال: «أود في هذا السياق تذكيركم بحادث «بوينغ» الماليزية… فبعد يومين من إسقاطها انطلقت تصريحات تدعو إلى ضرورة تبني حزمة جديدة من العقوبات، واستثمرت تلك الكارثة فعلاً لإقرار حزمة العقوبات الجديدة. والآن الوضع مشابه… مأساة جديدة، ومزاعم جديدة تطلق من دون انتظار إجراء تحقيق دقيق. هناك محاولات جديدة لتوظيف المأساة والتحريض على تشديد سياسة العقوبات ضد الاتحاد الروسي».
وفي السياق، أعلنت الحكومة الألمانية أن المستشارة أنغيلا ميركل بحثت الأزمة الأوكرانية هاتفياً مع الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأوكراني بيترو بوروشينكو.
وأفاد المتحدث باسم الحكومة الألمانية شتيفين زايبرت، بأن ميركل حثت بوتين على بذل مزيد من الجهد للحيلولة دون تصعيد الوضع الأمني والتأثير في ممثلي شرق أوكرانيا من أجل تنفيذ اتفاقات مينسك. من جهة أخرى، أكد الكرملين إجراء المكالمة الهاتفية بين رئيسي روسيا وألمانيا.
في السياق، دعت ميركل الرئيس الأوكراني، إلى التزام اتفاقات مينسك، معربة عن تعازيها لسقوط الضحايا في قصف مدينة ماريوبل جنوب شرقي أوكرانيا. وقالت: «يجب فعل كل ما يمكن من أجل التوصل إلى حل سلمي وتنفيذ اتفاقات مينسك»، مشيرة إلى التزام وقف إطلاق النار وسحب الأسلحة الثقيلة من خط الفصل الذي اتفق عليه في أيلول.
وأعلن رئيس الوزراء الأوكراني أرسيني ياتسينيوك أن الحكومة الأوكرانية قررت فرض نظام حالة الطوارئ في مقاطعتي دونيتسك ولوغانسك وحالة التأهب القصوى في كامل أراضي البلاد.
وقال ياتسينيوك أمس: «جرى للتو اجتماع مجلس الوزراء الأوكراني. ووفقاً لميثاق الدفاع المدني الأوكراني اتخذ مجلس الوزراء قراراً حول إقرار حالة الطوارئ على مستوى الدولة، وقررت الحكومة فرض نظام الحالة الطارئة في أراضي مقاطعتي دونيتسك ولوغانسك. كما قررت الحكومة رفع حالة التأهب القصوى في كامل أراضي الدولة. ويهدف اتخاذ هذه القرارات إلى تنسيق كامل نشاط أجهزة الدولة لضمان أمن المواطنين».
ويأتي قرار الحكومة الأوكرانية بعد إعلان الرئيس الأوكراني عدم وجود بديل من اتفاق مينسك في عملية تسوية الوضع في دونباس، حيث قال خلال اجتماع طارئ لمجلس الأمن القومي والدفاع «نحن لن نسمح بتقويض اتفاق مينسك، كل شيء يجب أن يستند إليه»، مؤكداً أن بلاده لن تفرض الأحكام العرفية في مناطقها الجنوبية الشرقية، وأنها ملتزمة التوصل إلى حل سلمي في دونباس.
ومع ذلك أعلن وزير الدفاع الأوكراني ستيبان بولتوراك أن كييف تنشر وحدات عسكرية إضافية وتعزز قواتها في جنوب شرقي البلاد، وذلك خلافاً لما تنص عليه اتفاقات مينسك.
ويعقد وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي الخميس المقبل اجتماعاً استثنائياً لبحث الوضع في أوكرانيا، بحسب ما أعلنت المفوضة العليا للسياسة الخارجية في الاتحاد فيديريكا موغيريني.
موغيريني أشارت إلى أن التصعيد في شرق أوكرانيا «سيؤدي إلى تدهور في العلاقات بين الاتحاد الاوروبي وروسيا»، وأضافت أنها وجهت رسالة إلى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بشأن التطورات في شرق أوكرانيا، كما بحثت الأوضاع هناك مع الرئيس الأوكراني، كما أوضح مكتبها في بيان.
بيسكوف: ابتزاز روسيا اقتصادياً غير مجد
اعتبر المتحدث باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف أن ابتزاز روسيا بفرض عقوبات جديدة أمر غير بناء، مؤكداً أن روسيا لن تغير موقفها من الأزمة الأوكرانية.
وفي ما يتعلق باحتمال فصل روسيا عن منظومة «SWIFT» المالية العالمية، قال بيسكوف للصحافيين أمس: «إنه بدلاً من الضغط على من يرفضون الحوار لحل الأزمة الأوكرانية، يتواصل ابتزاز روسيا اقتصادياً».
وأشار إلى أن روسيا لم ترضخ أبداً لمثل هذه التهديدات، وهذا التهديد والابتزاز لم ولن يجبر روسيا على تغيير موقفها الثابت والمعروف، لافتاً النظر إلى أن التلويح بالتهديدات كلما احتدم الوضع في أوكرانيا، يمثل نهجاً هداماً بالمطلق وغير مبرر وقصير النظر في نهاية المطاف.
وتناقلت وسائل الإعلام أنباء تفيد بأن وزارة الخارجية الأميركية لا تستبعد فرض عقوبات جديدة ضد روسيا، وأن واشنطن ستستمر في ممارسة الضغوط الاقتصادية عليها.
وصرح غريغوري كاراسين نائب وزير الخارجية الروسي بأن محاولات الضغط على روسيا عن طريق فرض عقوبات أحادية الجانب لن ترغمها على العدول عن خطها المدروس والمبدئي.
وقال كاراسين في كلمة أمام مجلس الاتحاد الروسي: «سنتابع عملنا في خلق مناخ مواتٍ لتسوية المشاكل الكبيرة التي تواجهها أوكرانيا، ونؤكد بوضوح أن محاولات الضغط على روسيا عن طريق فرض عقوبات غير مشروعة أحادية الجانب لن ترغمنا على العدول عن خطنا المبدئي والمدروس». وأضاف أن «روسيا لن تناقش أية معايير لرفع القيود»، مشدداً على أن «من فرض العقوبات، عليه القيام بالخطوة الأولى لإلغائها».