تقاطعات… دوائر ومربّعات…!
محمد ح. الحاج
طويت عباءته، ألقى بعكازه جانباً وانطلق في رحلة اللاعودة، لم يكن آخر الملوك من أبناء أبيه، ربما قبل الأخير، لم يكمل قرناً من العمر… مات عبد الله، مات الملك… عاش الملك، بهذه البساطة تسلّم سلمان العرش بغضّ النظر عن الغليان السري في أوساط العائلة، قبّلوا رأسه أو كتفيه وأعلنوا الولاء…! تأخرت يقظة الشعب في نجد والحجاز رغم السؤال المتداول: إلى متى تبقى المملكة الشعب والأرض رهناً باسم عائلة؟
كثيرون علقوا قائلين: ما فرّقته المناحرات والمناكفات السياسية والعائلية والطائفية والمذهبية في لبنان، وما تقف الحوارات عاجزة عن جَسْره، جمعه موت الملك… كلّ الأفرقاء على ساحة الوطن هرولوا إلى الرياض، ربما جمعتهم طائرة واحدة، هل ذلك لوداع الملك الراحل ومواساة العائلة أم لحبك خيوط مع الملك الجديد وحاشيته، وبناء جسور علاقات أقلّ ما يُقال فيها… إنها انتهازية، نفعية…! كثير من دول العالم بعثت من يمثل الدولة، وبعض الدول لم تهتمّ… أبرق رؤساء وملوك، أو تقدّم ممثلون عنهم بالتعزية إلى السفارة… عدا لبنان… مَن لم يهرول إلى الرياض حجّ إلى التعازي التي نظمتها السفارة، وبعضهم جمع الاثنتين… ليس هناك رئيس للجمهورية، مجلس الوزراء بكامله يمثل الرئيس…! دائرة للفراغ، عصر للنفاق والانتهازية.
في الرياض، عاش الملك، وفي واشنطن بانتظار الزيارة الواجب للتثبيت، كلّ ملوك بني سعود عليهم واجب الحجّ إلى واشنطن للتوقيع على وثيقة الأب الأكبر ليتمّ اعتمادهم وتثبيت ملكهم، لا خروج مطلقاً على القاعدة، لئلا يسقط التعهّد بالحماية، ما نسيَ أيّ من الأبناء وصية الوالد، واشنطن هي من يوفر لهم الحماية شرط ألا يسمحوا بوصول الأيدي السورية العراقية المصرية إلى الاجتماع في قبضة واحدة… اللقاء محظور، مطلوب أن يستمرّ ضرب الرأس دائماً القاهرة ليبقى في حالة من الدوار، على أن تتوالى الطعنات في القلب دمشق ليستمرّ النزيف… ويبقى السكين في يد شياطين المملكة يقطر دماً…! متى يرتدّ إلى الصدر الحاقد…؟ البشائر… قريباً.
الكيان الصهيوني ليس بحاجة لإرسال شمعون أو شاوول ولا مردخاي، كثير من المندوبين ومن جنسيات مختلفة بأسماء عبيد الله أو حمد أو حتى جورج، يتولون الأمر المحفل هو من يدير اللعبة، ويتولى التنسيق، لا تغيير في سياسات المملكة، أعلن الملك الجديد…! من يجرؤ على الخروج من المربع…؟
القيادات الصهيونية مشغولة بالأمر الأكثر أهمية، أين ومتى وكيف يكون ردّ المقاومة على جريمة القنيطرة، المستوطنون في حال من القلق والرعب يؤرق النوم ويشوّش العمل وربما يدفع إلى الهرب من مناطق الحدود نحو الداخل، بل من الكيان كله إلى غير رجعة… القلق أكثر إيلاماً، وقد لا تنفع رسائل التطمين أو الاعتذار المبطن، دائرة مناسبة للرعب ربما تستمرّ طويلاً.
مربّعات للمعارضات
مرابع اسطنبول وباريس والدوحة، وحتى القاهرة هي المربّعات التي تقيم ضمنها معارضات الخارج معزولة عن أيّ امتداد إلى الداخل السوري، وأيضاً معزولة بالمطلق عن بعضها بعضاً دون أمل باللقاء، مربعات عصية على الاندماج أو التلاقي مع معارضات الداخل رغم الجهد المبذول من القيادة الروسية ومن يقف في صفها، ويبقى الشك سيد الموقف، وأنّ الموقف الأميركي يدعم الروسي لتحقيق لقاء يفتح أبواب السلام، الأرجح أنّ الأميركي يقول بالسلام ويعمل لاستمرار الحرب والخراب والدليل الأقرب هو قرار الكونغرس وقيام البنتاغون بإرسال بضع مئات من العسكريين لتدريب مرتزقة أو عملاء سوريين تحت مُسمّى المعارضة المعتدلة يرتبطون بالأجهزة الخارجية سواء السعودية أو القطرية أو التركية، وهؤلاء أبعد ما يكونون عن تمثيل الشعب السوري الذي يدّعون النطق باسمه، الرهان على منتدى موسكو كما أسمته القيادة الروسية ليس بالرابح إلا أنه قد يشكل فرزاً حقيقياً لقيادات المعارضة الداخلية عن الخارجية ويعرّي تلك المرتبطة بالجهات الخارجية وعلى رأسها المشروع الصهيو أميركي في المنطقة، والذي بدأت معالمه تتضح منذ العام 1996 وحقق أكثر من قفزة عبر قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بلبنان والشام، خصوصاً بعد تركيبة اغتيال رئيس وزراء لبنان الأسبق رفيق الحريري، واستثمارها وتوظيفها ضمن عملية تفتيت المجتمع في سورية ولبنان، وصولاً إلى الداخل الفلسطيني خدمة للكيان الصهيوني.
يجب استمرار العقوبات والضغوط على روسيا لوقف تدخلها في اوكرانيا! يقول الرئيس اوباما متناسياً أنّ الأوكرانيين والروس أقرب إلى بعضهم البعض، وهم يتعايشون منذ مئات السنين، كما أنّ أوكرانيا تشكل الحديقة الأمامية لروسيا تجاه الغرب الأوروبي بالمفهوم الأميركي وأميركا التي ترفض أي تدخل في محيطها الأميركي تسمح لنفسها بأن تتدخل في كلّ أنحاء العالم من منطلق غطرسة القوة، الشعب الأوكراني لا رابطة جذرية له بالشعب الأميركي، لكن تدخل واشنطن في الشأن الداخلي الأوكراني، هو ما أجّج أوار الحرب الداخلية وعمل على تفتيت مكوّنات الشعب الأوكراني على قاعدة معاقبة روسيا وإشغالها بسبب موقفها في مجلس الأمن ودعمها الدولة السورية بوجه استهدافات الغرب لها لرفضها مشاريع هذا الغرب في ما يتعلق بالطاقة ومعارضتها لمشروع نابوكو للغاز المنافس للمشروعين الإيراني والروسي، الاستهداف الغربي العربي للنظام السوري ليس حباً في الحرية ولا دفاعاً عن حقوق الإنسان أو طائفة مظلومة… الدائرة التي وضعت نفسها بداخلها الإدارات الأميركية المتعاقبة، دائرة غطرسة القوة، ومحاولة فرض الوصاية على دول وشعوب العالم، هي دائرة مغلقة، عصية على الانفتاح، يمكن أن تلتقي في الأهداف مع المربعات الصغيرة الدائرة في الفلك الغربي، فلا خطوط مستقيمة، لا متعامدة ولا متوازية… ورؤساء أميركا كما يقول خبير أميركي كبير، مجرّد أدوات بيد حكومة الظلّ المتحكمة من خلف الستار… أدوات تنفيذية ضمن مربع البيت الأبيض، أو الكونغرس أو البنتاغون.