تقرير

كتب ناحوم برنياع في «يديعوت أحرونوت» العبرية:

عندما يطلق حزب الله النار إلى أراضينا، عندما يُقتل ويُجرح مقاتلون، عندما توضع قوة الردع «الإسرائيلية» قيد الاختبار، من الواجب الانتقال إلى الصمت، والوقوف كرجل واحد خلف سياسة حكومة «إسرائيل». لو كانت لها سياسة.

أمور غير جيدة تحصل للدولة هذه الايام. وليست جميعها مرتبطة بالضرورة الواحدة بالأخرى، ولكنها جميعها شؤم. فقد كانت دعوة نتنياهو إلى إلقاء خطاب في الكونغرس في واشنطن، دعوة عادت إلينا كالسهم المرتد، بشرخ لم يسبق له مثيل لسنوات عدّة بين رئيس وزراء «إسرائيل» ورئيس الولايات المتحدة كانت العملية في الباص في «تل أبيب»، واحدة في سلسلة عمليات عفوية، تشير إلى أن الفلسطينيين في الضفة الغربية يقتربون من نقطة الغليان كانت تصفية الجنرال الإيراني وثلاثة من كبار رجالات حزب الله في الهضبة السورية في الاسبوع الماضي، التصفية التي كل جهة في العالم، وأولاً وقبل كل شيء إيران وحزب الله، تعزوها لـ«إسرائيل».

وأمس، اطلق حزب الله صواريخ مضادة للدروع أصابت مركبتين للجيش «الإسرائيلي»، كانتا تسيران على طريق بجوار الغجر، القرية في الطرف الشمالي الغربي من الجولان، على حدود لبنان.

من يقف خلف الهجوم اليوم، سيدفع كامل الثمن، أعلن رئيس الوزراء. عملياً بذلت «إسرائيل» كل ما في وسعها كي تحتوي الحدث. ضباط الجيش «الإسرائيلي»، الذين جاؤوا لتقويم الوضع في مكتب رئيس الوزراء في «تل أبيب» تذكروا جيداً التدحرج إلى الحرب في الصيف الماضي. حكومة «إسرائيل» لم ترغب في الحرب حماس لم ترغب في الحرب. وعلى رغم ذلك، تدحرجوا إلى هناك وكأنه يتملكهم الشيطان فقط لأن الطرفين خافا من أنهما لا يردعان الواحد الآخر بما يكفي.

لقد وصف أحد المصادر العلاقات بين الجيش «الإسرائيلي» وحزب الله بتعابير من مجال السياقة. الطرفان، قال، لا يريدان إلا أن يحتك الواحد بالآخر، جناح يلمس جناحاً، صاج يلمس صاجاً. ولا ضمانة لهما إلا ينتهي هذا بحادثة طرق جبهوية.

يكاد يكون كل من اجتمع في مكتب رئيس الوزراء أمس افترض أنّ خلف تهديد نتنياهو لا تختبئ غير الخطابة. فهو لا يريد حقاً أن يتورط في حرب في الشمال الان. أحد لا يريد، بينت أيضاً لا يريد، الذي فجأة صمت. لا صوت ولا «واتس آب». ولا ليبرمان أيضاً، الذي دعا إلى فتح حملة عسكرية كبيرة في لبنان، ولكن عرف أن أحداً لا يأخذ دعوته هذه على محمل الجد.

وسارع السياسيون من التيار المركزي للسير على الخط: أحد لا يريد أن يظهر بأنه غير وطني في وقت التوتر الامني. وقد دعوا بعناية من صفحات الرسائل التي أعدها لهم رجال العلاقات العامة في الحزب، ولم يصدقوا أي كلمة تخرج من أفواههم. لا عومر بارليف، الذي سعى إلى الشد على يد رئيس الوزراء، لا زئيف الكين، الذي دعا إلى ضبط النفس ولكنه تعهد بالانتقام. ففترة الانتخابات ليست ساعتهم الجميلة.

الرسالة التي خرجت من مكتب رئيس الوزراء وتبناها على الفور كل سياسي ومحلل، قال على النحو التالي: إيران أمرت حزب الله أن يستولي على المنطقة على طول حدود «إسرائيل»، من هار دوف حتى خطوط السفوح في منطقة القنيطرة. ومحظور على «إسرائيل» أن تسمح لهذا بالحصول. وقد فعلت كل الاعمال العسكرية اللازمة كي تمنع ذلك. ونتنياهو بنفسه لمّح بذلك ببيانه أمس.

وأنا أسأل، في واقع الامر لماذا؟ لنفترض أن إيران أمرت حزب الله بأن يوسّع انتشاره حتى شمال الهضبة لنفترض أن حزب الله يعتزم عمل ذلك. فهل هذا سيئ جداً؟ هل من الافضل لـ«إسرائيل» أن تجلس في هضبة الجولان أمام قوات «داعش» أو أمام «جبهة النصرة»، منظمة مجنونة أخرى متفرعة عن «القاعدة»؟ فأمام منظمات كهذه نحن نجلس اليوم، من القنيطرة جنوباً، ولم أسمع أن «إسرائيل» فتحت ضدّها حرباً. فلماذا نواصل العيش في «حنيتا والمطلة، في مسغاف عام وفي دوفيف، في كريات شمونا وفي شلومي»، أمام حزب الله ولا يمكننا أن نعيش أمامهم في هضبة الجولان؟

وسؤال آخر، إذا كان مسموحاً. لماذا صفّي الجنرال الإيراني؟ لماذا صفّي في عملية شبه علنية؟ ما الذي منعه من قرر هذه العملية، ومن أخاف ومن ردع، باستثناء مئات الاف المواطنين «الإسرائيليين» الذين يسكنون على حدود الشمال؟ ربما ثمة أجوبة جيدة لهذه الاسئلة، ولكن عندما لا يكون أب للعملية اياها فإنه لا يوجد من يمكن أن يطالب بها.

بعد عملية حزب الله أمس أملوا في الجيش «الإسرائيلي» أن يكون بذلك انتهى فصل: نحن فعلنا ما علينا، هم انتقموا نقمتهم. يمكن أن نفتح من جديد جبل الشيخ للمتزلجين، يمكن العودة إلى الحياة الطبيعية، في كل ما يتعلق بحزب الله قد يكون هذا صحيحاً: الحسابات بيننا وبينهم طويلة ومركبة. أحياناً يكفي وهم النجاح لتهدئة أحد الطرفين وتزييف ردع متبادل.

ولكن إذا كان يعتقد أحد ما أنّ إيران ستكتفي بذلك فإنه يعيش في فيلم. يد الإيرانيين طويلة. وذاكرتهم أطول. ومن يعتقد أن العالم سيصدم لموت مقاتلين من «جفعاتي»، في منطقة محتلة، في مكان ما هناك على الحدود بين «إسرائيل»، سورية ولبنان، فيتهم إيران ويشدّد العقوبات ضدها، يعيش في ديزني لاند.

كل هذا يعيدنا إلى سلسلة الامور غير الطيبة التي تحصل هنا. إذا كان يريد نتنياهو مساعدة الادارة الأميركية في حل المشكلة مع حزب الله، مشكوك أن يتلقاها. الهواتف في واشنطن لا تردّ. ولا يتبقى له غير الامل بوجود راشد مسؤول في طهران، أو في الضاحية، في بيروت.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى