تقرير

كتب آلِكس فيشمان في صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية:

حرصت «إسرائيل» منذ اندلاع «الربيع العربي»، ألا تقع في هذا «الثقب الأسود»، وألّا تجتذب إلى داخل المواجهات في العالم العربي وألّا تتدخل: لا في سورية، لا في مصر وبالتأكيد ليس علناً. وقد سادت هذه السياسة حتى الاسبوع الماضي، حين قرّر من قرّر تغيير الاتجاه، ودسّ الأنف في المواجهة في سورية.

من اتخذ القرار يوم الاحد الماضي بمهاجمة الخلية في هضبة الجولان، انطلق من الفرضية بأن ليس لحزب الله والايرانيين مصلحة في توسيع المواجهة مع «إسرائيل» وفتح جبهة أخرى. في الوقت الذي يغرقون في القتال في سورية، في لبنان وحتى في العراق. وفضلاً عن ذلك، اعتقد من اعتقد، أنّ الردع «الإسرائيلي» قوي بما يكفي كي يكبح حزبُ الله والإيرانيون ردود فعلهم.

قد تكون هذه الفرضيات الاساس صحيحة، ولكن الردع ليس علماً دقيقاً. وحتى لو كان العدو مردوعاً، فإن من يقرر الهجوم يكون أجبره على الردّ. عندما تصفي ـ بحسب منشورات أجنبية ـ جنرالاً إيرانياً، ابن مغنية وأناساً آخرين في قوات حزب الله الخاصة في وضح النهار، فإنك ببساطة تفرض على الطرف الآخر اتخاذ خطوة، وتدمّر، بكلتَي يديك، الردع الذي حققته.

«حماس» هي الاخرى لم نقرأها على نحو سليم عشية «الجرف الصامد»، ودفعناها نحو الزاوية التي بحسب فكرها تجعلها ملزمة بالعمل. في حينه أيضاً ادّعوا في «إسرائيل» أن ليس هناك مصلحة لـ«حماس». ومع ذلك فقد قاتلت خمسين يوماً. إذن، من أين لنا أن نعرف أننا نقرأ مصالح حزب الله على نحو سليم؟ فهل ربما يمكن أن تكون له مصلحة في توريط «إسرائيل»، بالذات الآن، في المواجهة؟

بعد قتل الجنديين في الحدود الشمالية، وضع حزب الله «إسرائيل» في واقع الامر بالضبط أمام المعضلة ذاتها: هل تردّ بقوّة فتخاطر بتوسيع المواجهة، على رغم أن ليس لها مصلحة واضحة في الوصول إلى تصعيد؟

الحجة الاساس التي يمكن أن تقف إلى جانب أولئك الذين أمروا بتصفية قادة شبكة حزب الله هي إمكانية أنه كان من شأن هذه العصبة أن تجعل الحياة في الجليل والجولان جحيماً. فيكفي إطلاق صاروخين على جبل الشيخ لإغلاق الموقع. يكفي يوم قتالي أو اشتباه بمحاولة تسلل إلى بلدة ـ فإذا بكل الاكواخ السياحية تفرغ. وبالتالي، لا بد أن يكون الجنرالات قد تجادلوا في ما بينهم حول الضرورة والمنطق في العملية، وكانت القيادة السياسية مطالبة بأن تحسم، واختارت ـ بحسب المنشورات الاجنبية، حلّ القوة، الفورية، المتمثل باستغلال الفرصة العملياتية، في ظل أخذ المخاطرة بالتصعيد.

ولكن إذا لم تكن تلك الدورية بمثابة قنبلة متكتكة ينبغي تصفيتها بشكل فوري، بل شبكة تخطط لتنفيذ عمليات في المستقبل، فقد كان ينبغي معرفة كيفية العمل ضدهم بصبر، وتفكيك هذا التهديد بوسائل سرّية لا بانفجار كبير واستفزازي في وضح النهار. ولعله هكذا كنّا سنعفي من كل المناوشة الاخيرة، التوتر والاثمان التي تجبيها.

من ناحية حزب الله، فإن الحساب على النار نحو القافلة صفي. ليس واضحاً إذا كان الحساب الايراني قد صُفّي هو أيضاً. وهنا يتعيّن على «إسرائيل» أن تنظر نحو ما يجري في الخارج. وفي هذه الأثناء، فإن مجرد حقيقة أنّ حزب الله طلب من قوات «اليونيفيل» التدخل من أجل وقف جولة النار هذه ـ من دون أن يحقق إنجازاً كبيراً، تشجّع «إسرائيل».

إن حزب الله، كما يقولون هنا، يبقى مردوعاً. والدليل أنه تلقى ضربة استراتيجية وردّ بشكل تكتيكي. والآن ستتابع «إسرائيل» سلوكه في هضبة الجولان كي ترى إذا كان بالفعل قد خفض مستوى الاهتمام ووقف في الظل.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى