تقرير
أكد الكاتب والبروفسور الأميركي بول كريغ روبرتس، أنّ الولايات المتحدة الأميركية ما زالت تستخدم شعارات الحرية والديمقراطية المزيفة للتدخل السافر في شؤون غيرها، وشنّها الحملات العسكرية والغزوات في دول أخرى، فضلاً عن قيامها بعمليات التجسّس الواسعة ليس فقط على الأميركيين، بل على المدنيين في جميع أنحاء العالم.
وفي تناقض واضح وتام للادّعاءات التي تتشدق بها حول السماح لمواطنيها بالتعبير عن آرائهم والحصول على حقوقهم وحرياتهم المدنية، أعطت واشنطن لنفسها الحق في قمع الاحتجاجات الشعبية المناهضة لها والأصوات المطالبة بالإصلاحات الديمقراطية، كما عملت على تأسيس وإنشاء تنظيمات إرهابية خارجية على غرار تنظيم «داعش» الإرهابي في سورية، من أجل تحقيق أهدافها وأجنداتها التوسعية.
ولفت روبرتس في سياق مقال نشره موقع «غلوبال ريسيرتش» الكندي إلى أنّ الولايات المتحدة «دولة بوليسية» تمارس التجسّس غير المشروع وتضرب عرض الحائط بالقوانين والمعاهدات الدولية وكلّ ذلك خدمةً «لفئة نخبوية» قليلة تسيطر على الإدارة الأميركية.
وأوضح روبرتس أنّ الولايات المتحدة الأميركية تستمر في محاولات تسويق نفسها كبلد حرّ، لكنها على أرض الواقع لا تتردّد في غزو بلدان أخرى وتدميرها استناداً إلى ادّعاءات ومزاعم كاذبة، بغضّ النظر عمّا تخلّفه حملاتها التوسعية من قتل وتشريد لملايين الأبرياء.
وليست التنظيمات الإرهابية الموالية لواشنطن بما فيها تلك التي يطلق عليها تسمية «المعارضة المعتدلة» في سورية إلا أحد الأمثلة على الوسائل والأساليب الملتوية التي تتّبعها الولايات المتحدة الأميركية لتحقيق أهدافها وتدمير الدول ذات السيادة التي ترفض الرضوخ لها.
وأشار روبرتس إلى أن الكونغرس والبيت الأبيض والقضاء الأميركي لم يفعلوا شيئاً إزاء عمليات التجسّس غير المشروع التي تقوم بها أجهزة الاستخبارات الأميركية، لأنها تخدم مصالحهم. مبيّناً أنّ كلّ الأشخاص الذين تجرّأوا على كشف الانتهاكات التي تقوم بها السلطات الأميركية على غرار برادلي مانينغ وإدوارد سنودن وجوليان آسانج، يواجهون عواقب شجاعتهم من خلال الملاحقة والتهديدات.
ولفت روبرتس إلى أنّ الجندي الأميركي مانينغ الذي حكم عليه بالسجن 35 سنة لتسريبه وثائق سرّية أميركية لموقع «ويكيليكس»، حذّر من عسكرة السياسة الخارجية في الولايات المتحدة الأميركية والعواقب القاتلة التي ستنجم عن ذلك، وهو على غرار سنودن الذي كشف عن عمليات التجسّس التي تقوم بها أجهزة الاستخبارات الأميركية، يواجهان أحكاماً بالسجن وتهماً بالخيانة.
وقال روبرتس: «إنّ عدداً من المعلّقين تحدّثوا عن توسيع صلاحيات الشرطة الأميركية أكثر من أيّ وقت مضى، وذلك بالتزامن مع قمع الاحتجاجات والتظاهرات الواسعة التي شهدتها الولايات المتحدة الأميركية مؤخّراً بسبب أعمال العنف والجرائم التي يرتكبها رجال الشرطة بحق الأقليات.
وأقدم عناصر من الشرطة الأميركية خلال الأشهر القليلة الماضية على قتل عددٍ من الشبّان المتحدّرين من أصول أفريقية، ما أدّى إلى إثارة احتجاجات كبيرة طالبت بتحقيق العدالة ومقاضاة المسؤولين عن هذه الجرائم».
وأشار روبرتس إلى أنّ الإدارة الأميركية وفي انتهاك جديد للحرّيات والخصوصية، أنشأت في ولاية يوتاه مجمّعاً ضخماً لتخزين كل الاتصالات الأميركية بحجّة «ضمان الأمن العام».
وكانت تسريبات سنودن الموظف السابق في وكالة الاستخبارات الأميركية قد كشفت برامج سرّية تقوم بها وكالة الأمن القومي الأميركية للتجسّس على الاتصالات والبيانات الشخصية داخل الولايات المتحدة الأميركية وخارجها، لكن الرئيس الأميركي باراك أوباما وكبار المسؤولين في إدارته دافعوا عن هذه العمليات في مواجهة الانتقادات الدولية، ولجأوا إلى الحجة القديمة نفسها التي تستخدمها واشنطن في تبرير ما تقوم به من انتهاكات، ألا وهي «حماية الأمن القومي».
واستغلت الإدارات الأميركية المتعاقبة هجمات الحادي عشر من أيلول لتصبّ جام جنونها على دول العالم وعلى الأميركيين أنفسهم، من دون رادع أخلاقيّ أو إنسانيّ، ومن دون اعتبار للقوانين المحلية أو الدولية، وشنّت الحروب والغزوات على دول عدّة بما فيها العراق وأفغانستان، وقتلت وما زالت تقتل آلاف البشر من أجل الهيمنة على صناعة القرار العالمي.