مصر تستعيد ذكرى جلال حرب المبدع في الغناء والموسيقى

«جلال حرب» اسم مشهور في عالم الغناء والموسيقى، لم تزل أغانيه تذاع وتردّد، فضلاً عن ألحانه الوَفيرة والمتميزة لكبار المطربين والمطربات مثل فايزة أحمد، كارم محمود، عادل مأمون، عبداللطيف التلباني، محمد الحلو، فايدة كامل، عائشة حسن، شهرزاد، سوزان عطية، ضحى وأسامة رؤوف.

يعتبر جلال حرب أحد رواد فن الغناء في مصر منذ عام 1940. عرفه الجمهور من خلال حفل نادي موظفي الحكومة الذي نقلته إذاعة القاهرة على الهواء مباشرة، فأعجبت الملايين بصوته وبينهم الموسيقار الكبير مدحت عاصم الذي استدعاه إلى القاهرة حيث اعتمد مطرباً وملحناً، وتوطدت بعد ذلك علاقته بالاذاعة.

كان لحلاوة صوته وقربه الشديد من صوت الموسيقار محمد عبدالوهاب أثر في ذيوع اسمه وإقبال المستمعين على سماع أغانيه، وأكد ذلك إعجاب الموسيقار محمد عبدالوهاب به وقوله عنه «إنه صوت ملائكي وصاحب صوت يمتاز بالثقافة والخجل». وسرعان ما أسند إليه بطولة فيلم من إنتاجه عنوانه «الحب الأوّل» عام 1945 مع المطربة رجاء عبده التي غنت فيه أغنيتها المشهورة «البوسطجية اشتكوا من كتر مراسيلي… وعيوني لما بكوا دابت مناديلى» وغنى جلال حرب أيضاً في هذا الفيلم أشهر أغانيه «هي هي لأ… مش هي… لازم نسيت وماهش جيّه». وشارك بعد هذا الفيلم في عدد من الأفلام الغنائية، آخرها فيلم «ابن الحارة» عام 1952.

ولد جلال حرب فى الرابع والعشرين من آذار 1918 في حي محرم بك في الاسكندرية. والده محمد محمود حرب كان ضابطاً في السواحل ثم مديراً في بلدية الإسكندرية، وكان من هواة الفن والأدب يجمع في صالون منزله صفوة الأدباء وعشاق الطرب في الإسكندرية مثل عبدالعال حلمي وسيد الصفتي وعلي الحارث. ولم يدرك جلال حرب هذه المرحلة إذ توفى والده وكان في سن الثالثة، فقام على تربيته شقيقه الأكبر عبدالحكيم وكان يكبره بثماني سنوات، إذ كان جلال حرب الشقيق الأصغر لثلاثة أكبرهم عبدالحكيم الذي أضحى مديراً لبلدية الإسكندرية، وكان الأثر الأول في تكوين شخصية جلال وتنمية قدراته الفنية التي تجلت منذ التحاقه بمدرسة محرم بك الابتدائية واهتمامه بالآلات الموسيقية، وتأسيسه في ما بعد الفريق الموسيقي في مدرسة العباسية الثانوية، إذ ترأسّه إلى جانب دراسته في معهد الموسيقى في الإسكندرية.

تعدَّدت مواهب جلال حرب فكتب في المرحلة الثانوية القصة القصيرة والشعر وأدى روائع يوسف وهبي وأعمال شكسبير مع فريق التمثيل في المدرسة، كما حرص على ممارسة الرياضة، خاصة لعبة التنس التي أصبح واحداً من أبطالها. وانتهى العمر به عضواً في لجنة الحكام في لعبة التنس في القاهرة ورئيساً للجنة الإسكندرية، وكان من أبطال الكروكيه ورئيساً للجنة الحكام في اللعبة، وظل يمارس لعبة الكروكيه في نادي سبورتنغ الرياضي في الإسكندرية طوال حياته. وكان عضواً بارزاً في لجان الاستماع للموسيقى في اذاعة القاهرة وإذاعة الاسكندرية. واختاره حمدي عاشور محافظ الإسكندرية في الستينيات عضواً في مجلس الثقافة في الإسكندرية، وكان لذلك أثر طيب في وضع مشروع ثقافي سكندري في الأدب والفن والثقافة، نفتقده الآن بعد توقف هذا المجلس منذ عقود.

رغم ذيوع اسم جلال حرب كمطرب وكممثل منذ الأربعينات وتأخر تخرجه في كلية حقوق الإسكندرية إلى عام 1947، إلاّ أنه آثر العودة إلى الإسكندرية وممارسة الغناء والتلحين إلى جانب وظيفته في الإدارة القانونية في مرفق مياه الإسكندرية. وعام 1954 افتتحت إذاعة الإسكندرية التي أكمل من خلالها مشواره الفني فقدّم لها 370 لحناً وثلاث أوبريتات هي «سوق راتب» كلمات الشاعر محمد البشبيشي، «حلقة الأنفوشي» كلمات الشاعر محمد البشبيشي، «اسكندرية ماريا» عن تاريخ الإسكندرية.

كما قدم العديد من الأغاني والألحان للإذاعات العربية والعالمية وبينها الإذاعة السورية في دمشق والإذاعة البريطانية وإذاعة الهند، وصوّر له تلفزيون الكويت عدداً من أغانيه في عام 1988.

بعد رحلة عطاء مبدعة في الغناء والتلحين رحل جلال حرب في العاشر من تشرين الأول 2006 ودفن في مسقط رأسه الإسكندرية وشيعه الآلاف من عشاق فنه ومحبيه. وتم تكريمه بعد رحيله في مهرجان الموسيقى العربية في القاهرة، تقديراً لعطائه الكبير في مجال الموسيقى العربية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى