العاهل الأردني يتوعد «داعش» بردّ قاس

قال العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني أمس خلال اجتماع مع القيادة العامة للقوات المسلحة الأردنية إن الردّ على مقتل معاذ الكساسبة سيكون قاسياً وحازماً.

وأكد العاهل الأردني أن «دم الشهيد البطل الطيار معاذ الكساسبة، رحمه الله، لن يذهب هدراً، وأن ردّ الأردن وجيشه العربي المصطفوي على ما تعرض له ابنه الغالي من عمل إجرامي وجبان سيكون قاسياً، لأن هذا التنظيم الإرهابي لا يحاربنا فقط، بل يحارب الإسلام الحنيف وقيمه السمحة».

وشدد الملك عبد الله الثاني على أن بلاده تخوض «هذه الحرب لحماية عقيدتنا وقيمنا ومبادئنا الإنسانية، وأن حربنا لأجلها ستكون بلا هوادة، وسنكون بالمرصاد لزمرة المجرمين ونضربهم في عقر دارهم».

وكان العاهل الأردني قطع زيارته إلى واشنطن بعد نشر تنظيم «داعش» فيديو إحراق الطيار معاذ الكساسبة حياً، أول من أمس، ليعود إلى عمان، حيث خاطب الشعب الأردني عبر كلمة متلفزة وصف فيها مقتل الكساسبة بالعمل الدنيء، مؤكداً أن الكساسبة قضى دفاعاً عن وطنه وأمته.

وفي السياق، أكد متحدث باسم الحكومة الأردنية أمس أن الأردن سيكثف جهوده مع تحالف دولي يقاتل تنظيم «داعش». وقال المتحدث محمد المومني، إن اعضاء التحالف سيبذلون جهداً جماعياً لتكثيف الجهود لوقف التطرف والإرهاب ولتقويض تنظيم «داعش» والقضاء عليه في نهاية الأمر.

من جهة أخرى، دعا والد الطيار الأردني معاذ الكساسبة بلاده والتحالف الدولي إلى القضاء على تنظيم الدولة الإسلامية، ووصف صافي الكساسبة التنظيم بأنه كيان مجرم لا تربطه أي علاقة بالإنسانية والإسلام.

خرج آلاف الأردنيين في العاصمة عمّان ومدن أخرى أمس، تنديداً بقتل جماعة «داعش» الإرهابية للطيار الأردني معاذ الكساسبة حرقاً.

ونقلاً عن موقع وكالة عمون الأردنية فإن المسيرات خرجت بعد صلاتي الظهر والغائب، اللتين أداهما رئيس الحكومة الأردنية عبد الله النسور في مسجد الحسين وسط عمّان، كما طالبت مسيرات أخرى عدة في شوارع عمّان بالثأر من قتلة الكساسبة.

وكانت جماعة «داعش» الإرهابية بثت شريط فيديو تناقلته مواقع مقربة منها على الإنترنت يوم الثلاثاء، أظهر قتل الطيار الأردني الذي احتجزه منذ 24 كانون الأول حرقاً.

وتوعد «داعش» بشن هجمات وسط العاصمة الأردنية عمان ونقل المعركة إليها في حال إقدام الملك عبد الله الثاني على «مسّ المعتقلين التابعين لها»، كما توعد أيضاً بـ»القصاص من الطيارين المشاركين كافة في ما يسمى بالتحالف الدولي ضد «داعش»».

إعدام الريشاوي والكربولي

وكانت السلطات الأردنية أعلنت أنها أعدمت شنقاً فجر أمس، كلاً من الإرهابيين ساجدة الريشاوي التي كانت جماعة «داعش» تطالب بإطلاق سراحها، وزياد الكربولي المنتمي إلى القاعدة.

وقالت وزارة الداخلية الأردنية في بيان، إنه تم تنفيذ حكم الإعدام شنقاً بحق المجرمة ساجدة مبارك عطروز الريشاوي وبحق المجرم زياد خلف رجه الكربولي.

وبحسب البيان، فإن تنفيذ حكم الإعدام بالمجرمين تم بحضور المعنيين كافة وفقاً لأحكام القانون مؤكداً أن هذه الاحكام قد استوفت جميع الإجراءات المنصوص عنها في القانون.

أبرز ردود الفعل

فور إعلان إعدام تنظيم «داعش» الإرهابي الطيار الأردني معاذ الكساسبة، توالت ردود الفعل المستنكرة للجريمة خصوصاً أنها تمّت بأسلوب وحشي عن طريق الحرق.

فعلى صعيد الإدانات الدولية، ندّدت الناطقة باسم الخارجیة الإیرانیة مرضیة أفخم بـ»الإجراء اللاإنساني وغیر الإسلامي للجماعات الإرهابیة التكفیریة المتمثل في الإعدام المروّع للطیار الأردني معاذ الكساسبة»، مقدمة أحرّ التعازي لأسرة الطیار وللأردن حكومة وشعباً.

ودانت وزارة الخارجية السورية جريمة إعدام الكساسبة، ودعت في بيان الحكومة الأردنية إلى التعاون في مكافحة الإرهاب المتمثل في تنظيم «داعش» و»جبهة النصرة» الذراع الإرهابية لتنظيم القاعدة والتنظيمات الإرهابية الأخرى المرتبطة بهما في سورية والمنطقة.

كذلك استنكر رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي جريمة إعدام الكساسبة، داعياً التحالف الدولي إلى توجيه ضربات قاسية ضد التنظيم. وقال العبادي في تصريح مقتضب: «نستنكر هذا العمل الإجرامي وندعو التحالف الدولي إلى توجيه ضربات قاسية لعصابات «داعش» الإرهابية».

وأعرب رئيس مجلس النواب سليم الجبوري ورئيس إقليم كردستان مسعود البارزاني عن تعازيهما وتضامنهما مع الأردن بإعدام الطيار الأردني الكساسبة حرقاً من قبل تنظيم «داعش».

واعتبر الرئيس الأميركي باراك أوباما أن التسجيل بمثابة «مؤشر آخر إلى شراسة ووحشية «داعش» الذي «لا يهمه سوى الموت والدمار».

وأكد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أن قيام تنظيم الدولة بقتل الطيار الأردني عبر إحراقه حياً «عمل مروع»، وحضّ على «مضاعفة الجهود لمكافحة الإرهاب والتطرف».

ووصف الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند ما ارتكبه «داعش» بحق الكساسبة بـ»الاغتيال الهمجي»، في حين تحدث رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون عن «جريمة مروعة تذكر مجدداً بأن «داعش» يجسد الشر».

أما وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد، فقد وصف قتل الكساسبة بـ»الجريمة البربرية البشعة والمقززة»، بينما أشارت وزارة الخارجية المصرية إلى «بربرية» الجريمة وهمجيتها.

وأعربت السعودية عن غضبها «للجريمة الوحشية البشعة التي اقترافها التنظيم الإرهابي «داعش»»، في وقت وصف المغرب قتل الكساسبة بـ»العمل الإجرامي الشنيع الذي اقترفته يد الإرهاب البغيض».

وعبر شيخ الأزهر أحمد الطيب عن صدمته إزار ما وصفه بـ»العمل الإرهابي الخسيس الذي أقدم عليه تنظيم «داعش» الإرهابي الشيطاني»، مؤكداً أن «الإسلام حرم قتل النفس البشرية البريئة…».

الريشاوي والكربولي… والطريق إلى المشنقة

يبدو أن الطريقة الشنيعة التي استعرض فيها تنظيم «داعش» وحشيته على معاذ الكساسبة وقعت كالصاعقة، ليس على ذويه فحسب، بل وعلى من كان يراد لهم أن يكونوا في لحظة بدلاء مخلصين له.

الصدمة كمّت فم ساجدة الشرقاوي فلم تستطع، قبل الانتقال إلى العالم الآخر، أن تنطق بوصيتها من المرة الأولى… لا أحد يعرف، ولن يعرف ربما بماذا كانت هذه السيدة العراقية تفكر حينما ساقها الجنود الأردنيون فجراً إلى حبل المشنقة… هل كانت ضحية أم مشروع قتل لم تكتمل فصوله عام 2006؟ هل غدر بها «داعش»؟ عندما كان يتصنّع التفاوض لاستبدالها؟ أسئلة لا إجابة عنها، لا معنى لها ربما، أمام السؤال الأخير الذي كرره القاضي منتهكاً صمتها: هل تريدين إيصال أموال إلى أهلك؟ الرد كان مقتضباً: «نعم».

كان هذا المشهد بعد ربع ساعة من إعدام زميلها في القدر زياد الكربولي، الذي كان بحكم ذكوريته وعمره الشاب ربما أكثر جسارة في الرد على القاضي، فطالب، كما ساجدة، بإيصال ما بحوزته من أموال إلى ذويه.

بين الساعة الرابعة والنصف والخامسة من فجر الثلاثاء تحوّل جسدا الشرقاوي والكربولي إلى جثتين هامدتين نقلتهما الأجهزة الطبية إلى مستشفى البشير، حيث مغسلة الموتى، تحت حماية أمنية مشددة، تحسباً من التمثيل بهما ربما من قبل الشارع المنكوب على إحراق شاب ما زال الأردنيون ينتظرون «غسل صدورهم» من قاتليه.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى