عواصم أوروبية ضد تسليح أوكرانيا

أعربت المفوضية الأوروبية للسياسة الخارجية فيديريكا موغيريني عن تضامنها مع دعوة رئيس منظمة الأمن والتعاون في أوروبا إلى إقامة هدنة موقتة في مدينة ديبالتسيفو جنوب أوكرانيا.

وجاء في بيان صدر أمس: «يرغب سكان منطقة دونباس الأوكرانية في مغادرتها، مع تفاقم الأزمة الإنسانية في أكثر فصول السنة برودة. ويجب أن يكون لدى المدنيين إمكان مغادرة منطقة الصراع».

ودعا رئيس منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، نائب رئيس وزراء صربيا إيفيتسا داتشيتش في وقت سابق إلى إقامة هدنة في مدينة ديبالتسيفو بمنطقة دونباس، مدتها 3 أيام على الأقل، من أجل إجلاء السكان.

من جهة أخرى، أكد إدوارد باسورين نائب رئيس أركان «جمهورية دونيتسك الشعبية» المعلنة من طرف واحد أمس، أن قوات الدفاع الشعبي لا تقوم بقصف المدينة ولا تعرقل لعملية انسحاب المدنيين.

فيما أعلن رئيس الوزراء الأوكراني أرسيني ياتسينيوك أن سلطات كييف تمكنت من إجلاء 2,5 ألف مدني من مدينة ديبالتسيفو، بمن فيهم 680 طفلاً.

وفي وقت تثير مسألة تزويد أوكرانيا بأسلحة غربية، على خلفية النزاع المتواصل في جنوب شرقها، تساؤلات حول تبعات محتملة لهذه الخطوة، أبدى عدد من دول أوروبا موقفاً سلبياً منها.

ولا تزال برلين في طليعة العواصم الأوروبية التي لا يتناغم صوتها مع صوت واشنطن التي أكدت قبل أيام أنها تدرس إمكان تزويد كييف بالسلاح الأميركي لتمكين جيشها من مواجهة مقاتلي قوات الدفاع الشعبي في منطقة دونباس، أو «الانفصاليين»، كما يسميهم الإعلام الغربي.

وفي حديث صحافي أمس جدد وزير الخارجية الألماني فرانسك فالتر شتاينماير رفض بلاده تسليح أوكرانيا، قائلاً: «إن الآمال في إمكان تسوية النزاع عبر زيادة كميات الأسلحة لا علاقة لها إطلاقاً بواقع شرق أوكرانيا». وأضاف أنه موقف يتقاسمه كثيرون من الساسة الأميركيين، مشيراً إلى أن الأزمة الأوكرانية يمكن أن تُحلّ بوسائل دبلوماسية فقط.

وأكد وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان أن بلاده لا تخطط لتزويد أوكرانيا بالسلاح في هذه المرحلة، مضيفاً أن باريس لا تزال متمسكة بضرورة إيجاد حل سياسي للأزمة الأوكرانية. فيما أعلن رئيس الوزراء المجري يانوش لازار عدم نية بلاده تسليح أوكرانيا، مضيفاً أن بلاده لن تدعم سوى الخطوات الهادفة إلى الحل السلمي للنزاع.

أما وزير الخارجية الدنماركي مارتين ليديغور فقال إن بلاده تقدم لأوكرانيا دعماً لوجستياً كما أنها تساهم في تدريب العسكريين الأوكرانيين، لكنه أعرب عن اعتقاده بأن إرسال أسلحة إلى هذا البلد لن يكون حلاً لمشكلاتها. وتابع ليديغور قائلاً: «أخشى أن يقود تصعيد الضغط العسكري إلى خروج الوضع عن السيطرة».

يأتي ذلك بعد يوم على إعلان المتحدث بالسم البيت الأبيض جوش أيرنست، أن «تقديم مزيد من المساعدة العسكرية لكييف قد يؤدي إلى إراقة مزيد من الدماء»، مشييراً إلى أن «هناك خطراً جدياً لحدوث ذلك»، داعياً طرفي النزاع إلى «البحث عن حل دبلوماسي».

كذلك أعاد المسؤول الأميركي إلى الأذهان أن واشنطن تقوم في الوقت الراهن بتقديم المساعدة غير الفتاكة للسلطات الأوكرانية، بما فيها السيارات وأجهزة الرؤية الليلية إلى جانب المعدات الهندسية والفنية لضمان الأمن والدفاع.

وكان عدد من الخبراء الأميركيين اقترحوا على البيت الأبيض تقديم المساعدة العسكرية المباشرة لأوكرانيا، مشجعين على أن تشمل الأسلحة الفتاكة.

وكانت صحيفة «نيويورك تايمز» أفادت في وقت سابق بأن الإدارة الأميركية بدأت مجدداً في بحث تزويد أوكرانيا بالأسلحة عقب سلسلة الإخفاقات التي لحقت بالجيش الأوكراني أخيراً في شرق البلاد.

إلى ذلك، قال رئيس الوزراء الأوكراني السابق نيكولاي آزاروف إن واشنطن أصرت على إقالة حكومته في سياق خطة وضعتها لإسقاط الرئيس السابق فيكتور يانوكوفيتش تدريجياً. وأوضح في تصريح أدلى به موسكو أمس على هامش حفل توقيع كتابه: «أوكرانيا في مفترق الطرق. إن الأميركيين طرحوا مبادرة إقامة حكومة الوحدة الوطنية ونجحوا في إقالة حكومته التي كانت مصدراً للاستقرار في البلاد».

وقال آزاروف إنه لا يريد أن يقيّم تصرفات يانوكوفيتش، لكنه أعرب عن أسفه لنجاح واشنطن في توريط الرئيس الأوكراني السابق في «المفاوضات العقيمة» في وقت «دخل فيه مسلحو كييف لفرض السيطرة على السلطة».

وأكد أن يانوكوفيتش كان قادراً، بحسب رأيه، على الحفاظ على النظام العام في البلاد والحيلولة دون وقوع الانقلاب، لكنه كان «مشلولاً عملياً» بعد أعمال القتل في الميدان وسط العاصمة.

ميدانياً، أعلنت «جمهورية دونيتسك الشعبية» في شرق أوكرانيا مقتل 5 أشخاص في قصف للقوات الأوكرانية طاول مستشفى بأحد أحياء مدينة دونيتسك.

وقالت وزارة الداخلية الجمهورية أمس إن شخصاً قتل، وهو داخل المبنى، فيما لقي الأربعة الآخرون مصرعهم في الشارع، حيث طاول القصف أيضاً مباني مدارس ورياض أطفال.

وفي وقت سابق أعلنت «دونيتسك الشعبية» مقتل أربعة مدنيين وإصابة 19 آخرين بجروح في قصف لمدينة دونيتسك ومناطق قريبة منها خلال الـ 24 ساعة الأخيرة.

وأوضح إدوارد باسورين نائب قائد قوات «دونيتسك الشعبية» أمس، أن القصف أدى إلى تدمير 17 مبنى في دونيتسك وكذلك 22 في مدينة ماكييفكا، مشيراً إلى رصد 11 حالة خرق للهدنة خلال الليلة الماضية، مضيفاً أن القوات الأوكرانية خسرت 21 شخصاً بين قتيل وجريح وكذلك عدداً من المدفعية والمدرعات.

وأشارت إدارة دونيتسك إلى مقتل 3 أشخاص وإصابة 8 آخرين بجروح نتيجة قصف المدينة خلال الساعات الـ 24 الأخيرة، مشيرة إلى أن الوضع في دونيتسك لا يزال متوتراً. وأفادت سلطات المدينة بأن القصف الثلاثاء ألحق أضراراً كثيرة بالمرافق العامة وعشرات المساكن في مختلف الأحياء السكنية.

وأكد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن حصار كييف «للدونباس» يعرقل إيصال الأدوية ويمنع مدنيين من مغادرة المناطق الخطرة.

ومن بقي من السكان في مدينة ياسينوفاتايا يحاولون إصلاح بيوتهم المنهارة بقدر استطاعتهم، بعد أن دكتها قوات كييف بمدفعيتها الثقيلة ومنظومات الصواريخ.

الأوضاع الأمنية تتدهور يومياً مع إعلان كييف استئناف عمليتها العسكرية، ما يعني زيادة معاناة شعب دونباس.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى