حمص الجريحة لا تنطفئ فيها شعلة القصيدة

كتبت هنادي ديوب من حمص سانا : ترك الشاعر الشاب سليمان الابراهيم، رغم حداثة تجربته بصمة واضحة في فن شعر التفعيلة، في ظل وجود أسماء شعرية مهمة في مسقطه حمص سجلت حضوراً سورياً وعربياً. ويقول الابراهيم إن القصيدة تعبير عن إحساس صادق يراود الشاعر وينقله في كلمات تعبر عما يجول في خاطره، مؤكداً اعتماده في معظم قصائدهعلى الكلمات الواضحة السهلة والرموز التي تعكس ما يشعر به. ويضيف أنه منذ بداياته الحقيقية قبل عشر سنين تكبر تجربته يوماً وتغدو أنضج، مثلما هي الحالة الطبيعية لدى أي إنسان، مشيراً إلى تنوع مواضيع قصائده بين العاطفة والوطن. يقول في قصيدة «حواء»:

«القلب شقق إذ نبض

فضعي عليه الناي حتى يستريح

والناي أغنية الجسد

إن ينحني يوماً أمام الريح».

للوطن وقع آخر في قصائده محاولاً في قصيدته «الحمراء» وصف الواقع الإنساني، داعياً إلى إنقاذ الإنسان مما تشهده البلاد من ويلات الحرب، قائلاً:

«ماذا جرى

لتخون أخشاب السفينة نوحها

وتدس بين ثيابها الطوفان

هل يا ترى

ثقب التنافر ندبة خلقية فينا

أم أننا نحن انثقبنا الآن

إني أرى

كف المحيط من الشواطىء فارغا

فتهيّأوا كي تغرقوا أو أنقذوا الإنسان»

في قصيدته الوجدانية «في الليل» يعكس ارتباط الشاعر بهذا المكون الطبيعي الملهم ويرى فيه واحة خصبة لاستقاء مزيج من مشاعر الوحدة والاشتياق:

«في الليل أصوات تجيء ولا تجيء

كأنها أرجوحة جاءت في الزمن البعيد لتحملك

نحو الطفولة والمنى

ولكل ما أهملت في الليل القديم أهملك

ما كان ذنبك أن حلمك منزلك»

في قصيدته الجدلية «لو لم أكن» يتمنى عدة أمور لتغيير واقعه نحو الأفضل:

«ولم يكن قدري قميصاً يرتديني

لو لم يكن

شط السماء يضيق عن مد الخيال

لو لم يكن هذا المحال

فلربما فكت وثاقي رفرفات القبرة

لو لم تكن هذه الحياة

لنفضت عني المقبرة

لوكان عمري نخلة

أو ظلها

لكنه ما أقصر».

يلفت الإبراهيم إلى البيئة المحتضنة لموهبته منذ الصغر والتي تتمتع بالذائقة الأدبية، إضافة إلى الطرب الأصيل وميوله نحو الشعر، كانت عوامل مهمة في نضوج موهبته واكتمالها وخروجها إلى العلن.

الشاعر من مواليد حمص 1991، ويحمل إجازة جامعية في الحقوق من جامعة البعث شارك في مهرجان «خوابي» الثقافي في حمص وفي «يامال الشام» في دمشق إضافة إلى عدد من الأمسيات في مراكز حمص الثقافية ومشاركات أخرى عبر اتحاد الكتاب العرب في حمص وطرطوس.

ابراهيم أسويد.. شاعر الحداثة وروائيّ الواقعيّة

كتبت حنان سويد من حمص ـ سانا : غرف من بحور الشعر العربي واعتلى منصة الإبداع الأدبي، تاركاً بصمة جميلة في الحركة الثقافية في مدينة تميزت بفنونها الأدبية منذ عهد الفينيقيين. إنه ابن اللاذقية الشاعر والكاتب والقاص ابراهيم محمد أسويد الذي يرى أن الشعر هو رؤية الوجود، وهذا ما تبقى من ألق في عالمنا وسيبقى ألدّ أعداء أولئك الذين يحوكون الشر، أو مثلما يعبر شكسبير بقوله إنّ لا يحب الشعر لا يصلح إلا للدسيسة والدناءة، وسيبقى الشعر مثل الغيمة التي تهطل ليزهر البيلسان في النفوس الكئيبة من جديد.

يختصر «أسويد» تجربته الشعرية بهذه الأبيات من قصيدته «رأي وموقف في الشعر» قائلاً «الشعر لفظ اختيرت محاسنه… كالدر يطلب في أصداف بحار… والشعر معنى جميل تأتين به… وليس يعييك في جلب واحضار… والشعر تركيب تعبير وعاطفة… تلازما كنزيل البيت والجار… والشعر لحن وأوزان مقطعة… وكم تغنى على عود وأوتار… والشعر تصوير ما أوتيت من حلم… وما تهيأ في فكر وإبصار.

تتنوّع المواضيع في مجموعات أسويد الشعرية وتصدرت القضية الفلسطينية عدداً منها وأبرزها مجموعته «أبابيل الأرض» التي أهداها لعيون أطفال فلسطين التي تتطلع إلى السلام وإلى كل قطرة دم نشرت عبيرها فوق التراب المقدس، والى كل أم ودعت ابنها الوداع الأخير ليزرع أشلاءه في ربوع الوطن، واستوحى عناوين قصائده من عبير بيارات فلسطين المقاومة للاحتلال فكان بعضها بلغة نثرية وبعضها الآخر موزوناً بلغة حماسية.

في قصيدته «حجر وتنطلق الشرارة» يقول: «حجر وتنطلق الشرارة… حجر وتلتهب الشوارع بالحجارة… حجر وتنتعش الخليل وقبة الصخرة… وبيت المقدس العربي والأقصى وتمتد البشارة 00 حجر وتمطر من جديد… حجر وتندحر المجازر كلها من دير ياسين الى صبرا وشاتيلا… إلى قانا وغزة والخليل… من بلاد الأرز لبنان الحبيب الى قنيطرة الشام… إليك يا جولاننا المغلول… يا ذاك الأسير… جولان أمتنا الحزين… فمتى سفوح الشيخ تنهض مرة أخرى لنبدأ من جديد؟».

يمتلك أسويد لغة قوية في السرد والتعبير قوامها مفردات استقاها من ثقافته الرفيعة التي صقلها يوماً فآخر، كيف لا وهو الموجه الأول لمادة اللغة العربية في اللاذقية وعضو في اتحاد الكتاب العرب منذ أكثر من خمسة عشر عاماً. هذه الثقافة تتجلى في قصائده التي تعالج قضايا إنسانية واجتماعية ولا تخلو من الحكمة والسمو بالنفس البشرية نحو الأفضل وهذا ما نلمسه في ديوانه «عناقيد الحياة» إذ يقول: «ستعلم حين تؤلمك الماسي… ويرغب بالاظافر منك جلد… بان أخاك من واساك حياً… وما سمك الهموم وأنت ند… فذلك لا يبيع ولو تأذى… وذلك لافتدائك مستعد».

في ديوانه «الفجر الجديد» نستشف معاني الوصف الجمالي التي ينفرد فيها شاعر الحداثة أسويد في قصائده التي تحاكي مواضيع متفرقة، فهو الإنسان المحب للوطن ولمدينته، وهو الأب الحنون، وهو المحب للحبيبة وهو المؤمن بالرسالات السماوية كافة. ومن قصيدته التي يصف فيها مدينة اللاذقية وعنوانها «اللاذقية عروس الجمال» نقرأ هذه الأبيات: «يا عروس الجمال والقلب صب… أورقت فيك بارقات الجمال… لك في مجتلى الشروق ظلال 00ومن الغروب رائعات الظلال.. يصنع البحر في يديك سواراً.. أزرق اللون عامراً بالخيال».

يحظى الشاعر أسويد بإعجاب نخبة من المثقفين والنقاد داخل سورية وخارجها، وقال أحدهم فيه إن الشاعر اسويد لصيق بشعره وصادق تأتي نغمته الشعرية لتأخذنا مع النسيم الى بياراتها وتياراتها، فلسنا ندرك من أين تتألف أو كيف تتألف. ننصهر بنصوصه على ضفاف الحلم بموسيقى تستقر في أرواحنا .

ولد الشاعر أسود في قرية المشيرفة، محافظة اللاذقية، التي تتربع فوق مرتفع من الأرض تحيط بخصرها أساور رائعة من أشجار الليمون والبرتقال والزيتون. حصل على الإجازة الجامعية في اللغة العربية عام 1976 وعمل مدرساً لمادة اللغة العربية لأكثر من عشرين عاماً ثم موجهاً اختصاصياً في المادة ذاتها. من مؤلفاته في الشعر «أزهارالبنفسج» وفي القصة «صرة الذهب» و»أبطال البحر» و»هابيل» و»هدية الشيطان»، وله دراسات شعرية متنوعة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى