حتى مكتبات الموصل ينهبها «داعش»
عندما اجتاح مسلحو «تنظيم الدولة» المكتبة المركزية في الموصل في وقت سابق من هذا الشهر، كانوا في مهمة لتدمير عدو مألوف هو أفكار الآخرين. وقال سكان إن المتطرفين حطموا الأقفال التي كانت تحمي أكبر مستودع للتعلم في المدينة الواقعة شمال العراق، وحمّلوا نحو 2000 كتاب، بما في ذلك قصص الأطفال والشعر والفلسفة، ومجلدات عن الرياضة والصحة والثقافة والعلوم، في ست شاحنات من طراز «بيك أب»، وتركوا النصوص الإسلامية فحسب وكالة «أسوشيتيد برس».
وتبعاً لشهادة رجل من سكان الجوار نقل عبارة قالها له مسلح من داعش: «هذه الكتب تروّج للكفر وتدعو إلى عصيان الله، لذلك ستحرق». وأردف الرجل أن المسؤول في «تنظيم الدولة» ألقى كلمته المرتجلة أثناء تعبئة الآخرين للكتب في أكياس الطحين الفارغة.
منذ سيطرة أعضاء «تنظيم الدولة» على ثلث العراق وسورية المجاورة، سعوا إلى تطهير المجتمع من كل ما لا يتوافق مع تفسيرهم العنيف للإسلام، فدمروا بالفعل العديد من القطع الأثرية التي اعتبروها وثنية، وحتى المواقع الإسلامية التي اعتبروها وثنية، وأصبحت الكتب راهناً مستهدفة أيضاً على نحو تضم الموصل، أكبر مدينة في «الخلافة» التي أعلنها «تنظيم الدولة»، سكاناً متعلمين ومتنوعين نسبياً، يسعون إلى الحفاظ على المواقع التراثية والمكتبات. فالمجموعات التي يعتقد أنها دمرت في المكتبة المركزية هي الصحف العراقية التي يعود تاريخها إلى مطلع القرن العشرين، والخرائط والكتب من الإمبراطورية العثمانية، ومجموعات كتب قدمتها نحو مئة من العائلات الراسخة في الموصل.
بعد يوم من نهب المكتبة المركزية، اقتحم المسلحون مكتبة جامعة الموصل، وأضرموا النار في مئات من كتب العلم والثقافة أمام الطلاب. ومنذ انتصاره على القوات الحكومية والسيطرة على الموصل الصيف الماضي دمر «تنظيم الدولة» عشرات المواقع التاريخية، بما في ذلك أضرحة داخل مساجد أقيمت منذ قرون.
من ناحيته قال النائب العراقي حكيم الزاملي «إن التنظيم ينظر إلى الثقافة والحضارة والعلم كأعداء شرسين له»، مقارناً بين «داعش» والمغول المداهمين في العصور الوسطى، الذين نهبوا بغداد عام 1258 وألقوا مجموعات الكتب القديمة من مجالات التاريخ والطب وعلم الفلك في نهر دجلة، ويروى أن المياه تحوّلت إلى اللون الأسود من الحبر الجاري. ويقارن: «الفرق الوحيد أن المغول رموا الكتب في نهر دجلة، بينما تحرقها «داعش» الآن… طريقة مختلفة، بيد أن الذهنيّة هي نفسها».