«التغيير» الكردستانية بين إغراءات السلطة وخسارة المعارضة
اتسمت الأجواء في كردستان العراق بالتلويحات التي تشير ربما إلى انفراط عقد تحالف حزب الاتحاد الوطني بقيادة جلال طالباني والحزب الديمقراطي بقيادة مسعود بارزاني، بعد أن رضي الأخير بحليف جديد هو حركة التغيير على حساب حزب طالباني في تشكيل حكومة كردستان المقبلة… فيما يرى العديد من المراقبين، أن الخاسر الأكبر في الخلاف البارز بينهما سيكون تنظيم حركة تغيير، الذي سينضم إلى السلطة من دون تحقيق مناصب سيادية، فيما سيفقد أسهمه في المعارضة لو أحسن الاتحاد الوطني الكردستاني التصرف، وشغل مكانه في المعارضة.
ويعزو المراقبون ذلك إلى ميل بعض القوى للمعارضة، كما كانت حركة تغيير، التي تعتقد الآن أنها حققت مكسباً مهماً بحصولها على وزارة البيشمركة، المختلف عليها، سيكون منصب وزيرها شكلياً ومشابهاً لمنصب وزير الدفاع سعدون الدليمي في حكومة المالكي كونه لن يستطيع فعل أي شيء بوجود القائد العام للقوات المسلحة في الإقليم بارزاني ، إضافة إلى أن الحركة لا تمتلك جناحاً مسلحاً كما هو الأمر بالنسبة لحزب طالباني الذي تتفوق قوات البيشمركة العائدة له على قوات بيشمركة بارزاني.
وقال مصدر كردي إن «الحزب الديمقراطي الكردستاني سيمضي بتشكيل الحكومة الجديدة للإقليم بغض النظر عن مشاركة الاتحاد الوطني في هذه الحكومة من عدمها، وإن الحقائب والمناصب التي ستكون من حصة الاتحاد الوطني ستدار بالوكالة لحين قبول الاتحاد الوطني المشاركة في الحكومة». وتوقع المصدر عقد اجتماع قريب جداً بين الأطراف السياسية التي قررت المشاركة في الحكومة الجديدة، لإبرام اتفاق تشكيل الكابينة الحكومية الثامنة للإقليم. لكن مراقبين سياسيين في «إقليم كردستان» توقعوا أن يكون الفشل مصير حركة تغيير، بينما يكون العكس بالنسبة للاتحاد الوطني، الذي يحميه عدم المشاركة من الانهيار ويهيئ له قيادة الحركة السياسية المعارضة في الإقليم.
فشل مرتقب
وبحسب ما تشير إليه تجربة التحالفات والحكومات التي شكلتها الأحزاب السياسية الكردية مع الحزب الديمقراطي الكردستاني، بقيادة بارزاني، فإن مصيرها جميعاً كان الفشل، وإن القوى السياسية التي لم تتحالف مع حزب بارزاني شهدت تطوراً ودام بقاؤها على الساحة السياسية.
وفي هذا السياق، أشارت صحيفة «هالاتي» الكردية المستقلة، إلى أنه «في الثمانينات من القرن الماضي، تم تأسيس جبهة سياسية باسم جود شارك فيها الحزب الاشتراكي والحزب الشيوعي وأحزاب أخرى مع حزب بارزاني، وكان مصير الجميع الفشل والدخول في حرب بالنيابة عن الحزب الديمقراطي الكردستاني، وتكبدهم أكبر الخسائر في الحرب التي دارت بين حزبي البارزاني والطالباني آنذاك».
ولاحظت المصادر أن الاتحاد الوطني «استمر في قوته إلى أن قام بتوقيع الاتفاقية الاستراتيجية مع الديمقراطي، وتوزيعهما المناصب مناصفة بحسب الاتفاقية».
ويؤكد المراقبون أن هذه الاتفاقية الاستراتيجية «منحت في الواقع الحزب الديمقراطي قوة أكبر، ما عرّض حزب الاتحاد الوطني إلى أكبر نكسة في تاريخه»، وهي تراجعه في انتخابات برلمان كردستان التي أجريت في أيلول الماضي، وسيكون الاتحاد الوطني على أبواب الانهيار إن لم يتخذ قراراً جريئاً يوازي قراراته في الثمانينات والتسعينات.
قبضة حديدية
وتلفت مصادر كردية إلى أن «فشل تجربة حزب طالباني في تحالفه مع حزب بارزاني لا يعود إلى ضعف قيادات الاتحاد وعدم معرفتها بالواقع، بل إلى طبيعة حزب بارزاني العشائرية الثأرية، والحزب الديمقراطي يستغل التحالفات والمهادنات من أجل إحكام قبضته على مؤسسات الحكم في كردستان».
وعلى أساس هذه المعطيات، تتوقع المصادر أن «حركة تغيير سوف لا تكون أفضل حظاً في حكومة كردستان المرتقبة، ومصيرها لن يكون أيضاً أفضل من مصير حزب الطالباني في حال عدم مشاركة الاتحاد الوطني في الحكومة». وتتابع المصادر أن «حركة تغيير لن تتمكن من تنفيذ وعودها لجمهورها بمحاربة الفساد، لأنهم سيكونون بمواجهة أقارب بارزاني وحلفائه، وإن هذا الأخير شكّل هيئة نزاهة في الإقليم، لكن 36 مسؤولاً فقط كشفوا عن ذممهم المالية من مجموع آلاف من المسؤولين في الإقليم».
وإذا فشلت حركة تغيير في إحداث تغيير في واقع حكومة «إقليم كردستان»، فإنها ستغامر بفقدان شعبيتها تدريجياً لمصلحة حزب طالباني، بخاصة إذا رفض حزب الاتحاد المشاركة في الحكومة وتحول إلى معارضة سياسية في الإقليم.
وتحول الاتحاد الكردستاني إلى المعارضة، سينعش العملية السياسية والديمقراطية في إقليم كردستان، ويساعد في تنفيذ بعض الإصلاحات، كما من الممكن أن يستعيد الاتحاد شعبيته، تماماً كما فعلت حركة التغيير من معارضتها للحكومة. أزمات سياسية
عزا رئيس «إقليم كردستان» مسعود بارزاني المشاكل الأمنية في العراق إلى وجود الأزمات السياسية، معرباً عن أمله بأن تسهم نتائج الانتخابات التشريعية نهاية الشهر الجاري في تحسين الوضع الأمني.
وقال بارزاني في بيان صدر على هامش اجتماعه مع وفد السفارة الأميركية في بغداد، إن «الأوضاع الأمنية في العراق وصلت إلى مرحلة خطيرة»، مشيراً إلى أن «المشاكل الأمنية ستنتهي حين تعالج الأزمات السياسية في العراق».