وجهة نظر: موقف سورية من عملية القنيطرة
هيثم طاطور ـ فلسطين
تمّ احتلال هضبة الجولان وسيناء والضفة الغربية وقطاع غزة في حرب 1967 النكسة ، وبقيت أراضي العرب باستثناء سيناء تحت الاحتلال «الإسرائيلي» حتى يومنا هذا.
وهذا يعني أنّ واقع الاحتلال للأراضي الفلسطينية من حيث الزمان وهوية المحتلّ مشابه تماماً للواقع الاحتلالي لهضبة الجولان. لا بل أنّ قرارَي مجلس الأمن 242 و338 ينطبقان على مجمل الأراضي العربية المحتلة في هذه الحرب، ويلزمان «إسرائيل» بالانسحاب الفوري من هذه الأراضي حتى حدود الرابع من حزيران من تلك السنة.
والسؤال المهمّ هو: لماذا نطالب بتضامن وشراكة عربيّين ودوليّين وعالميّين من أجل تحرير الأرض في فلسطين من جهة، ونطالب الرئيس الأسد بتحرير جولانه وحده من جهة أخرى؟
ألا يُعتبر هذا السلوك عُهراً سياسياً من الدرجة الأولى ونفاقاً ما بعده نفاق؟
صدّقنا حين قلنا أنه بدعمها واحتضانها وتمويلها وتسليحها فصائل المقاومة الفلسطينية كانت سورية تماماً كمن تدافع عن نفسها. لا بل استطاعت من خلال ذلك تحديد هوية العدو الأول في الصراع العربي ـ «الإسرائيلي».
إنّ الأداء السوري بكافة مركباته على مسرح المقاومة في لبنان وفلسطين يعتبر شكلاً من أشكال الردّ على الانتهاكات «الإسرائيلية» الدائمة، ويظهر ضمن استراتيجية سورية أكثر أمناً، ذكاءً وحنكة، وتأخذ بالاعتبار واقع التفوّق العسكري والجوّي «الإسرائيلي» في المنطقة، وتبقي خيار المواجهة المباشرة خياراً سورياً تحدّد فيه دمشق وحدها توقيت الحرب، لأنّ الجهة التي تبدأ الحرب عادةً في كلّ صراع هي الجهة الأكثر جاهزية لذلك.
إنّ مطالبة سورية بتحرير الجولان وحدها وبمعزل عن العرب تأتي في سياق مشروع فائق الدقة يهدف إلى الفصل بين الحالتين: السورية والفلسطينية، ذات الواقع الاحتلالي الواحد، ومن أجل تهيئة المناخ النفسي العربي مستقبلاً لجعل الفلسطينيين يحرّرون أرضهم المحتلة وحدهم وبمعزل عن العرب أيضاً.
إنّ هذا مؤشر هامّ وخطر إلى أنّ إسقاط سورية لا يخلو من جوهر الخطوة التمهيدية من أجل تصفية القضية الفلسطينية هذه المرّة وإلى الأبد.