بوتين يستدعي الاحتياط رداً على تحديات «الناتو»

على وقع تصاعد اللهجة بين روسيا والولايات المتحدة الأميركية على خلفية الأزمة في شرق أوكرانيا عقدت القمة الفرنسية الألمانية الأوكرانية في كييف لتسويق مبادرة من أجل حل الأزمة، حيث ينتظر بعد محطة كييف، عقد قمة بين الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند والمستشارة الألمانية انجيلا ميركل والرئيس الروسي فلاديمير بوتين في الكرملين اليوم الجمعة.

وتفترض مبادرة كل من هولاند ـ ميركل:

أولاً، تكرار سيناريو النزاعات المجمدة كترانسنيستريا المنفصلة عن مولدوفا.

ثانياً، لا تستبعد تجميد النزاع ومنح دونيتسك ولوغانسك استقلالية محدودة.

ثالثاً، تضمن نشر قوات حفظ سلام في منطقة النزاع في أوكرانيا.

وأفاد متحدث باسم الرئاسة الأوكرانية بأن قمة كييف جرت وراء أبواب موصدة، ثم توسع بحضور الأطراف كافة، ومن دون الإدلاء بتصريحات صحافية في ختامه.

في الأثناء وقع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس مرسوماً يقضي باستدعاء قوات الاحتياط إلى معسكرات التدريب، وترأس جلسة استثنائية لمجلس الأمن القومي.

ومن الممكن للخطوة الروسية، التي تأتي رداً على قرارات الناتو العسكرية في المنطقة وانسجاماً مع العقيدة التي وقعها بوتين مؤخراً، أن تزيد منسوب التوتر في العلاقات بين موسكو من جهة وكل من واشنطن في شكل خاص وحلف شمال الأطلسي من جهة ثانية، إلا أنها تبقى بمثابة رسالة مفادها بأنه في حال ذهاب الولايات المتحدة باتجاه التصعيد فإن لدى روسيا الأدوات والوسائل لمواجهة هذا التحدي.

وكان قرار الرئيس الروسي جاء بعد إعلان الأمين العام لحلف شمال الأطلسي «الناتو» ينس سيتولتنبرغ أن الحلف سينشر قوات تدخله ومراكز قيادتها في 6 دول في شرق أوروبا رداً على «التحديات على كافة الاتجاهات».

وفي مستهل لقاء وزراء دفاع دول الحلف أمس، قال سيتولتنبرغ إن على الحلف أن يقدم على أكبر تعزيز لإمكاناته العسكرية منذ انتهاء «الحرب الباردة». وقال إن تعداد قوات التدخل التابعة للحلف يجب أن يصل إلى 30 ألف فرد، بينها المجموعة الطليعية التي ستضم 5 آلاف عنصر.

وأكد الأمين العام للناتو «على الناتو الاستعداد للرد على التحديات التي تهدد أمنه من كافة الجهات، من الجنوب والشرق على حد سواء». وقال: إن كل جهود الناتو بهذا الشأن «دفاعية بحتة وتأتي رداً على خطوات روسيا في القرم وأوكرانيا» بحسب تعبيره.

وفي السياق، أكد المتحدث الرسمي باسم الخارجية الروسية ألكسندر لوكاشيفيتش أن تزويد أوكرانيا المحتمل بالأسلحة الأميركية يهدد أمن روسيا الاتحادية. وقال إن «هذه الخطط تثير لدينا قلقاً بالغاً نظراً للخطط الانتقامية لـ «فريق الحرب» في كييف. هذا لن يزيد النزاع تصعيداً في الجنوب الشرقي فحسب، بل ويهدد أمن روسيا الاتحادية، التي تعرضت أراضيها عدة مرات للقصف من الجانب الأوكراني».

وشدد المتحدث باسم الخارجية الروسية على أن «هذا القرار قادر على إلحاق أضرار فادحة بالعلاقات الروسية الأميركية»، مشيراً إلى أن روسيا تدعو إلى وقف القتال في جنوب شرقي أوكرانيا فوراً وتأمين عودة طرفي النزاع إلى الحوار المباشر لتنفيذ اتفاقات مينسك.

من جهة أخرى، قال المتحدث باسم الخارجية الروسية إن موسكو تشاطر قلق المفوض الأممي السامي لحقوق الإنسان زيد رعد الحسين في شأن خطورة تصعيد النزاع المسلح في جنوب شرقي أوكرانيا على المدنيين في تلك المنطقة.

وانتقد في الوقت ذاته بيان المفوض الأممي الذي لم يعكس وقائع انتهاك حقوق الإنسان من قبل السلطات الأوكرانية، ومن بينها فرض الرقابة على الإعلام وحظر بث وسائل الإعلام التي لا ترضي كييف وكذلك خطف صحافيين من قبل السلطات الأوكرانية وقتلهم على يد متشددين.

كما أعرب لوكاشيفيتش عن استغرابه كون بيان زيد رعد الحسين يتضمن تقييمات منحازة في شأن وضع القرم، وكذلك مزاعم حول انتهاك حقوق التتار في القرم والأوضاع في بعض وسائل الإعلام في شبه الجزيرة، مشيراً إلى أن ذلك لا يمت بصلة إلى النزاع الدائر في أوكرانيا.

إلى ذلك، أكد وزير الخارجية الأميركي جون كيري من كييف أمس أن بلاده لا تبحث عن المواجهة مع روسيا وتتمسك بالحل الدبلوماسي لأزمة دونباس.

وقال كيري في مؤتمر صحافي عقب اجتماعه بالرئيس الأوكراني بيترو بوروشينكو: «نحن لا نبحث عن نزاع مع روسيا، لا الرئيس الأوكراني بوروشينكو، ولا الولايات المتحدة، ولا الاتحاد الأوروبي»، إلا أنه شدد في الوقت ذاته على أن بلاده «لا تستطيع إغماض عينيها» عما وصفه بالدعم الذي تقدمه روسيا لأحد طرفي النزاع شرق أوكرانيا.

وأشار كيري إلى أن روسيا يمكنها أن تتفادى العزل الدولي فقط في حال التوصل إلى تسوية سلمية للنزاع في أوكرانيا. وقال: «من الممكن أن يتوقف هذا النزاع، لكن فقط في حال وجود وقف لإطلاق النار، وسحب الأسلحة، وأن يجلس الطرفان إلى طاولة المفاوضات. وهذه هي الوسيلة الوحيدة التي بواسطتها ستتمكن روسيا من تفادي العزل الدولي».

وشدد الوزير الأميركي على أن بلاده تنتظر خطوات محددة لوقف فوري لإطلاق النار في دونباس، مضيفاً: «بالدرجة الأولى كي تتم تسوية هذا النزاع من الضروري الآن إظهار التمسك بوقف إطلاق نار فوري وكامل. وهذا لا يجب أن يبقى مجرد تصريح على الورق»، لافتاً إلى أن هذه الخطوات يجب أن تتخذها قوات الدفاع الشعبي وأيضاً الجانب الروسي الذي طالبه بممارسة ضغط عليها.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى