الروائيّ محمد سامي البوهي يقتحم عوالم الصيّادين المنسيّة
صدرت لدى «دار نون» في القاهرة، رواية «الأسماك تضيء أيضا» للروائي محمد سامي البوهي وهي تقتحم العوالم المنسية للصيادين والبحارة وعمال المنارات والملاحة، حيث تتناول تلك الحيوات التي لا نعلم عنها شيئاً فتكشف عاداتهم وتقاليدهم.
يكشف الكاتب محمد سامي البوهي في روايته «الأسماك تضيء أيضا» عن أناس يعيشون حياة بدائية بلا ماء، أو كهرباء، ولا تعنيهم تلك المدنية الحديثة التي نسعى إليها، فحياتهم معلقة بين السماء والماء، أما الطريق فبالنسبة إليهم هو المجهول الذي يقفون على حافته ليبيعوا إنتاجهم من السمك. في جزيرة «سنجار» الواقعة في قلب بحيرة البرلس، عاش الكاتب بين أهلها وخاض التجربة ليقترب منهم وينقل حياتهم بصدق، فاكتشف أنه وقع في مأزق إذ حمّله هؤلاء الناس أمانة توصيل رسائلهم إلينا بأن هناك من يعيش ولا نعلم عنهم شيئاً، وقام الكاتب برحلات كشفية إلى قرية الصيادين في المكس، وعزبة البرج في دمياط، وبلطيم والحماد في البرلس. كما اتخذ من فلسفة النور عنصراً مهماً في تشكيل تلك الحياة وخطاً رئيسياً شكل به أجواء روايته، منطلقاً من حياة عمال المنارات على نحو مغاير للذي عرضته السينما المصرية وتجاهلته، فالرواية تضع أيدينا على واقع أشبه بالخيال، وشخوص واقعية أشبه بشخوص روايات البؤساء، لكنها حقيقية وتمرّ أمامنا ولا نراها.
من أجواء الرواية نقتطف: «ماذا لو سقطت حبة سكر بين تلال الملح؟ سؤال ظل يلحّ عليّ كلما باغتُ لساني الجاف بحفنة سكر، فشرب الماء بين تلك الحقول يزيد العطش، والتوقف عن العمل قبل أن ننتهي من تعبئة كوم الملح الأخير يجلب النحس، لذلك كان يجب ألاّ أرحل قبل أن أطمئن إلى أن كل شيء على ما يرام، فتلال الملح حتما تطرد الشياطين أما إذا أهملت فإننا لن نسلم من لعنتها. أخبرني أبي يوم أتى بي إلى هنا بأن التعساء وحدهم هم من منحوا تلك الأرض ملوحتها بعرقهم، ودموعهم، وأجسادهم التي تحللت عقب الموت، أما الأغنياء فقد خلقوا ليتذوّقوا فقط: حلو، مر، مالح، حامض، كل شيء… لذلك فالكل هنا اعتاد أن يخلع نعليه تقديساً لأصحاب تلك الحقول البيضاء».
صدر للكاتب سابقاً «لوزات الجليد» و«رائحة الخشب» و«أوطان بلون الفراولة» و«بلوتوث» و«سيكترما» و«الرئيس لا يأكلها تفاحا» و«الثورة».