هزيمة «داعش» تتطلب استراتيجية متكاملة لحلّ مشكلات الشرق الأوسط

تحدّثت صحيفة «أوبزرفر» البريطانية في افتتاحيتها أمس عن تنظيم «داعش»، وكيف أن مواجهته تتطلب استراتيجية عسكرية وسياسية ودبلوماسية متكاملة لحلّ مشكلات الشرق الأوسط، لا سيما في سورية والعراق وإيران. واستهلت الصحيفة افتتاحيتها بالإشارة إلى أن قيام «داعش» بقتل الطيار الأردني معاذ الكساسبة قد غيّر من موقف الأردن في المعركة ضدّ التنظيم. وقالت إنّ عزم الأردن المفاجئ والشامل الهجوم على «داعش» بعد أشهر من لعب دور مساند بهدوء في التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة مؤثّر، على رغم أن هناك شكوك تحيط به. وأشارت إلى إعلان «داعش» عن مقتل رهينة أميركية في غارات الأسبوع الماضي، واعتبرت الصحيفة أن الغضب لا يمكن أن يكون أساساً سليماً لسياسة وطنية، لكنها لفتت إلى أن هذا يتناقض بشدة مع النهج البريطاني الأكثر تقييداً، فوفقاً لتقرير من قبل لجنة الدفاع في مجلس العموم، فإن مساهمة بريطانيا في المعركة ضدّ «داعش» متواضعة بشكل لافت للنظر، وأشار أعضاء اللجنة إلى اندهاشهم وقلقهم الشديد من عدم بذل جهد أكبر.

وتمضي الصحيفة قائلة، إن مستوى الالتزام باستراتيجية تدمير «داعش» التي أعلنها الرئيس الأميركي باراك أوباما في أيلول الماضي، ودعمها رئيس الحكومة البريطانية ديفيد كاميرون يعتمدان على درجة من التقديرات المتغيرة للتهديد الذي يمثله التنظيم. فقد عانى «داعش» من تراجع في الأشهر الأخيرة بعدما سيطر في البداية على رقع كبيرة من أراضي سورية والعراق. وانتهى حصاره لبلدة عين العرب الكردية على يد المقاتلين الأكراد. ويقول المسؤولون الأميركيون إن التنظيم عانى من خسائر هائلة في الهجمات الجوية على مقراته في مدينة الرقة السورية. ووفقاً لكينيث بولاك، الخبير في الشأن العراقي في معهد «بروكينغز»، فإن القوات العراقية والكردية والأميركية تحوّل المدّ ضدّ «داعش»، فلم يحقق التنظيم انتصارات كبرى منذ الصيف، ويقول المسؤولون الأميركيون في العراق إنهم واثقون من أن جيشاً عراقياً أصغر سيكون مستعداً لبدء عمليات كبرى لاستعادة العراق خلال الأشهر الأربعة أو الستة المقبلة. وخلال فترة تتراوح بين 6 و18 شهراً، فقد يتم طرد «داعش» تماماً.

وتتابع الافتتاحية قائلة إنه في حين أنّ «داعش» قد يكون في حالة تراجع الآن، فإن المشكلات الأكبر التي يمثلها هذا التنظيم ويغذيها مثل انتشار الأفكار المتطرفة والانقسام السني ـ الشيعي في المنطقة والإخفاقات المزمنة لحكومتي دمشق وبغداد لا تزل من دون حل. وفي ليبيا التي تسودها الفوضى، فإن مقلّدي «داعش» ومساعديه يزيدون مع انزلاق البلاد نحو التفكك. كما أن منطقة شمال أفريقيا تواجه خطر انتشار العدوى، وكذلك وصل «داعش» إلى أفغانستان وباكستان، ما يثير القلق من تجدّد إثارة الفتن الطائفية. وانطلاقاً من تلك الخلفية المزعجة سريعة التحول، فمن المهم أن يكون هناك وضوح في شأن ما يمكن أن تقوم به بريطانيا والدول الحليفة الغربية والعربية في شأن «داعش». وسيكون من الحماقة مثلاً التفكير في تدخل عسكري واسع النطاق في سورية والعراق، لأن هذا من شأنه أن يحقق حلماً لـ«شهداء داعش الزائفين»، كما أنّ التدخل من هذا النوع يحمل خطر بالوقوع في مستنقع آخر. وفي المقابل، فإن عدم التحرّك أيضاً ليس حلّاً. والمطلوب الآن، استراتيجية عسكرية وسياسية ودبلوماسية متكاملة للتعامل مع المشاكل المرتبطة بالعراق وسورية وإيران. وفي سورية، أشارت «أوبزرفر» إلى ضرورة أن تدرك الولايات المتحدة وبريطانيا أن هدف الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد من السلطة لن يتحقق، ودعت إلى ضرورة التواصل المحدود مع نظام دمشق مرة أخرى، واصفة ذلك بأنه السبيل العملي الوحيد لوقف الكارثة الإنسانية التي تتسبب فيها الحرب. وفي ما يتعلق بإيران. دعت الصحيفة إلى ضرورة التوصل إلى اتفاق في شأن الملف النووي وفتح حوار أوسع نطاقاً بين الغرب وطهران. ولفتت إلى أن إيران قادرة على التصدي لـ«داعش» في سورية والعراق لو تم الاعتراف بمصالحها.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى