بوتين يرسم مستقبل أوروبا… والحوثي يتحكم بتوازنات الخليج

كتب المحرر السياسي:

فرض الرئيس الروسي فلاديمير بوتين روزنامته الأوروبية من بوابة أوكرانيا، حيث بدأت مفاعيل الهدنة بين جيوش الشرق وجيش الغرب في كييف، مع إعلان وزير الخارجية الأميركي جون كيري من ميونيخ بعد حواره مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، عن استبدال الأسلحة المقرّر إرسالها إلى حكومة كييف بمساعدات اقتصادية، بعدما سبقه الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل برفض تسليح جيش كييف كعلامة التزام بالسعي إلى الحلّ السياسي، مع القمة التي جمعتهما في موسكو إلى الرئيس بوتين.

بوتين بعد موافقة كييف على المبادرة المشتركة الروسية الألمانية الفرنسية، يعلن عن لقاء الأسبوع المقبل في مينسك عاصمة روسيا البيضاء، حيث ولد الاتفاق الأول لوقف النار في أوكرانيا في أيلول من العام الماضي، في رمزية تعكس موازين القوى الواضح رجحانها للكفة الروسية، بصورة فرضت دور روسيا البيضاء الحليفة لموسكو في المعادلة الأوكرانية مجدداً.

في مقابل شمال الشمال حيث يرسم بوتين المعادلات، في جنوب الجنوب، نجح ثوار اليمن بقيادة السيد عبد الملك الحوثي، بتأكيد سيطرتهم على البلاد بعد الإعلان الدستوري يوم الجمعة في السادس من شباط، فمرّت أربعة أيام من دون أحداث أمنية يحسب لها الحساب كحال تمرّد، توقعه الكثيرون خصوصاً في الجنوب، وفشل بيان مجلس التعاون الخليجي المندّد بالثورة، وما تبعه من مواقف دولية مساندة، في التحوّل إلى إمكانية عملية لتغيير التوازنات، مع فشل التشاور في إطار الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن في الحصول على موافقة روسيا لفرض قرارات وإجراءات عقابية بحق الثوار، عبر اللجوء إلى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، فكانت العودة إلى المساعي السياسية بقيادة المبعوث الأممي جمال بنعمر، وهي المساعي التي نادى بها الثوار، لكن من النقطة التي بلغتها الثورة، البحث بتشكيل بديل يسدّ الفراغ الدستوري يتولى إدارة المرحلة الانتقالية.

الخليج يدخل مرحلة جديدة تتقابل فيها الأفعال بالأقوال، ويظهر بوضوح أنّ من لا يملك إلا قناة «العربية» لن ينجح في تغيير معادلة أنشأها من يملك عشرات الآلاف من المقاتلين وملايين المريدين، في الدولة المحورية بعدد سكانها بين دول الخليج التي لا يعادل مجموعها نصف عدد سكان اليمن وحده.

وكان لافتاً، وسط الضجيج الخليجي المتعالي ضدّ إيران، أن ينعقد اللقاء الثاني بين وزيري خارجية أميركا وإيران جون كيري ومحمد جواد ظريف، وتخرج مصادر الطرفين تتحدّث عن الإيجابية العالية، ويعلن مساء عن معاودة جمال بنعمر مساعيه كمبعوث أممي للحلّ السياسي، بمثل ما عاد ستيفان دي ميستورا تحت العنوان نفسه إلى سورية.

في لبنان لا مساعي سياسية، ولا متغيّرات في الملف الأبرز، استحقاق رئاسة الجمهورية، الذي سيحضر في الصورة التاريخية لقداس مار مارون بغياب كلّ من رئيس الجمهورية العتيد والبطريرك الماروني معاً، وستكتمل الرمزية إذا حضر العماد ميشال عون كما تقول مصادر كنسية، فيبدو كمن يملأ الفراغ، ومع غياب الرئيس أمين الجميّل، سيجلس عون منفرداً على الكرسي الذي يتقدّم المشاركين، بصفته رئيساً سابقاً وحيداً يحضر القداس.

وبين الرمزية والرموز، شهدت طرابلس خروجاً علنياً إلى الحرب الصامتة التي يشنها النائب خالد الضاهر على وزير الداخلية نهاد المشنوق، بعدما حضر الضاهر اعتصام الإسلاميين في ساحة «الله» احتجاجاً على قرار المشنوق شمول العملية للمجسّم الذي يحمل كلمة «الله» في ساحة من ساحات طرابلس، ليبلغ التهجّم الذي أطلقه الضاهر دعوته إلى إزالة تمثال السيد المسيح فاتحاً يديه، في يسوع الملك.

حرب الضاهر على المشنوق الممتدّة من ساحة «الله» إلى يسوع الملك، صارت أمام الرئيس سعد الحريري كما تقول مصادر مقرّبة من المشنوق، ويفترض أن يبت بحسم إعلان أن لا علاقة للضاهر بكتلة المستقبل، لكن مصادر في كتلة المستقبل النيابية دعت إلى التريث في التوقعات بانتظار ما سيقوله الرئيس فؤاد السنيورة.

يتميّز قدّاس عيد مار مارون اليوم بأمرين. الأول، غياب رئيس الجمهورية لشغور هذا المنصب منذ نحو تسعة أشهر. والثاني حضور حزب الله المناسبة للمرة الأولى.

كما يحضر القداس الذي سيترأسه الساعة الحادية عشرة من قبل ظهر اليوم في كنيسة الجميزة، رئيس أساقفة بيروت للموارنة المطران بولس مطر، رئيس مجلس النواب نبيه بري ممثلاً بالنائب عبد اللطيف الزين ورئيس الحكومة تمام سلام العائد من ميونيخ. وفيما رجحت مصادر مطلعة على التحضيرات للقداس لـ«البناء» أن يحضر رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون، لفتت إلى أن رئيس حزب الكتائب أمين الجميّل سيغيب لأسباب صحية.

الاستحقاق في الفاتيكان اليوم

ويحط الاستحقاق الرئاسي في الفاتيكان اليوم حيث يعقد لقاء بين البطريرك الماروني بشارة الراعي ومدير دائرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في وزارة الخارجية الفرنسية جان فرنسوا جيرو. فيما أكدت مصادر مقرّبة من بكركي لـ«البناء» أنّ هناك حراكاً ودفعاً كبيرين من الدوائر الفاتيكانية باتجاه الولايات المتحدة الأميركية والدول المعنية لإنتاج اتفاق على انتخاب رئيس في أقرب وقت ممكن».

وفي موازاة المحاولات الفرنسية على هذا الصعيد، توقف المراقبون عند كلام رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد على «أنّ الفراغ لن يُملأ قبل أن يتفاهم اللبنانيون على العقلية والمنهجية التي سيلتزمها الحكم في لبنان، خصوصاً مع العدو الصهيوني والإرهاب التكفيري»، وكذلك عند تصريح نائب رئيس المجلس السياسي في حزب الله محمود قماطي من الرابية «ما منترك عون وما منرضى بدالو».

وأشارت مصادر مطلعة في 8 آذار إلى «أنّ موقف حزب الله عبّر عنه قماطي في شكل واضح لا يقبل أيّ التباس»، ولفتت إلى «أنّ موقف رئيس كتلة الوفاء للمقاومة يخفي رسالة للفريق الآخر أنّ أيّ رئيس يمكن أن يقبل به حزب الله هو الرئيس الذي يستوفي شروطاً محدّدة، وفي طليعتها التزامه حفظ المقاومة وعدم الغدر بها كما فعل غيره، الوضوح في التزامه الوطني الإصلاحي، وعدم تحويل الملفات اللبنانية الأساسية إلى سلعة كما فعل غيره، وعدم استفزاز المسيحيين والعودة إلى منطق تهميشهم».

ورأت المصادر «أنّ رفض الفريق الآخر العماد عون، والبحث عن رئيس آخر بحجة أنّ رئيس تكتل التغيير والإصلاح ملتزم بحفظ المقاومة، يعني البحث عن «ميشال عون» آخر يلتزم بهذه المعايير»، مؤكدة «أنّ أحداً لا يتقدّم على الجنرال عون في هذه المعايير، عند حزب الله».

سلام يطلب مساعدة إيران

هذا الاستحقاق كان حاضراً خلال لقاء بين الرئيس سلام ووزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في ميونيخ. وبحث الجانبان العلاقات الثنائية بين لبنان وإيران والوضع في المنطقة.

كما أطلع سلام ظريف على الوضع السياسي في لبنان والعمل الذي تقوم به الحكومة، خصوصاً في المجال الأمني ومواجهة الإرهاب، متمنياً على الوزير الإيراني أن تساهم طهران في المساعدة على انتخاب رئيس للجمهورية مثلما دعمت تأليف الحكومة الائتلافية.

واجتمع سلام إلى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الذي أشاد أيضاً بأجواء الحوار في لبنان، آملاً أن تؤدي إلى «تغييرات إيجابية» في المناخ السياسي.

من جهته، دعا رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط إلى «التفكير بصيغ جديدة للخروج من الواقع الراهن في ما يتعلق بملف الاستحقاق الرئاسي، مقترحاً: «إعادة الاعتبار للبعد الوطني في هذا الاستحقاق بدل حصره عند المسيحيين فقط». وشدّد على «أنه لا بدّ من إقرار جميع الأطراف السياسية بأن لا مفرّ من التسوية الرئاسية، وعدم انتظار تبلور التفاهمات الخارجية».

السلاح الفرنسي إلى نيسان

على خط آخر، وفيما لا تزال فرنسا تتلكأ في تسليم السلاح إلى الجيش اللبناني بموجب الهبة الفرنسية، مرجئة هذا الأمر إلى الأول من شهر نيسان المقبل بحسب ما تبلغ سلام من وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس في ميونيخ من دون اتضاح الأسباب، تسلّم الجيش في مرفأ بيروت 72 مدفعاً من نوع M198 كما تسلم 151 مستوعب ذخيرة متنوّعة، ضمن إطار برنامج المساعدات الأميركية المخصصة للجيش.

وقال السفير الأميركي ديفيد هِلْ الذي حضر عملية التسليم: «إنّ الدعم المستمرّ الذي تقدّمه الولايات المتحدة للجيش اللبناني نابع من الشراكة الثابتة بين البلدين الصديقين، وأنّ بلاده بصدد تقديم المزيد من المساعدات النوعية له، بهدف مكافحة الإرهاب والحفاظ على استقرار لبنان».

ضاهر يواجه المشنوق في طرابلس

في سياق آخر، حقنت بعض القوى الإسلامية في طرابلس بعد إزالة لافتة مكتوب عليها كلمة الله وطرابلس قلعة المسلمين في ساحة عبد الحميد كرامي، تنفيذاً لقرار وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق. ونفذت هذه القوى اعتصاماً ليل أول من أمس، شارك فيه النائب خالد ضاهر الذي طالب بإزالة تمثال يسوع الملك وصور القدّيسين «الذين يفتحون أيديهم» في جونيه.

وتوقفت مصادر طرابلسية عند كلام ضاهر، واصفة إياه بأنه «استفزازي جداً ويشكل شرارة الفتنة في البلد».

وفيما اعتبرت المصادر «أنّ ما يقوم به ضاهر وبعض قيادات المستقبل هو بمثابة محاولة لتعطيل وعرقلة ما يقوم به المشنوق، سألت المصادر هل سيتدخل رئيس تيار المستقبل سعد الحريري لحسم الصراع الدائر بين لجنة الحوار، ولجنة رافضي الحوار الذي انفجر أيّ الصراع في طرابلس على خلفية إزالة الصور والشعارات السياسية»؟

لبنان يرفض المشاركة في مؤتمر واشنطن

في مجال آخر، أعلن وزير الخارجية جبران باسيل من بلجيكا التي يزورها على رأس وفد وزاري، رفض لبنان حضور مؤتمر واشنطن حول الإرهاب بسبب دعوة «إسرائيل» إلى هذا المؤتمر. وسأل باسيل: «هل نتكلم مع إسرائيل عن الإرهاب وهي الإرهاب بعينه وهي تمارسه على لبنان والفلسطينيين»؟ وقال: «إنّ مشاركة إسرائيل في هذا المؤتمر بالنسبة إلينا مرفوضة أساساً».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى