بروح رياضية

حسن الخنسا

بعد ثلاث سنوات على الغياب يعاد خنق اللهفة وسلب الأرواح، ويتكرر عرض مسرحية عنفية لم تعجب أحداً! بل أثارت حنق وغيظ وغضب الكثيرين. أحيت أوجاع من فقد سابقاً، وأسست لمشاعر حقد وألم جديدة، بدلاً من أن يكون الهدف تأسيس مرحلة واعدة بحضور أرقى للاعب الثاني عشر الجمهور ، وللمسؤول عن «أمنه وحمايته» الشرطة …

مما لا شك فيه أنه عندما نذكر كرة القدم المصرية يجب علينا أن نستحضر عدد الضحايا الذين سقطوا على مدرجات ملاعب الفراعنة، كما يبدو أن مسلسل القتل والاشتباكات الدامية بين جماهير كرة القدم والشرطة في مصر لن ينتهي.

في أوائل شباط عام 2012 وقعت كارثة ستاد بورسعيد والتي نجم عنها موت 74 مشجّعاً من محبّي النادي الأهلي، ويأتي علينا شباط بعد عامين بشكلٍ آخر وهذه المرة بسقوط العشرات من مشجّعي الزمالك، وذلك في مباراة الأخير مع إنبي في ستاد الدفاع الجوي في إطار مباريات الدوري العام المصري، بعد الاشتباكات الدامية التي وقعت بين الشرطة المصرية ومشجعي النادي الأبيض.

وأصدرت وزارة الداخلية بياناً ذكرت فيه تفاصيل الواقعة، وجاء فيه أن عدداً من مشجعي النادي الأبيض حاولوا دخول استاد الدفاع الجوي من دون حيازتهم تذاكر، فتصدّت لهم قوات الأمن المصرية، ما أدى إلى تدافع كبير على بوابات الاستاد بين رجال الأمن والمشجعين. تطور الاشتباك إلى إلقاء قنابل مسيلة للدموع ما أدى إلى حالات اختناق سقط حصيلتها حوالى 19 مشجعاً من الوايت نايتس!

إلى متى ستظل الرياضة في العالم العربي مصدراً للقلق والخوف على الأمن، ومسرحاً لسقوط القتلى والضحايا بغضّ النظر عن المتسبب في الحادثتين؟ إلى متى سيبقى محبو الرياضة في العالم العربي خائفين من متابعة نواديهم المفضلة في مدرجات المستطيل الأخضر؟ ألا تكفينا الدماء التي تسيل بعيداً من الرياضة والملاعب؟

إلى متى ستهمّش أهمية حضور الجماهير معنوياً على اللاعبين، وروحياً على الملاعب والأجواء الرياضية التي من المفترض أن تسعى ـ في هذا القرن وفي ظل ظروف الحروب السيئة إلى تعزيز المفاهيم الرياضية، وتنمية المواهب الشابة، والانطلاق نحو العلا، ومادياً نظراً إلى المردود الكبير الذي تحققه البطولات التي تتميز بحضور لافت للمشجعين ما ينعكس إيجاباً على أداء الفرق ما يؤدي إلى ارتقاء البطولة وتحوّلها إلى حدث يتهافت الآلاف لحضوره؟!

يجب أن تكون الرياضة مصدر فرح وحماسة وتشجيع حضاري، لا مكان للدماء فيه. المعروف عن مشجعي كرة القدم الإنكليزية أنهم الجمهور الأشرس في عالم المستديرة الساحرة، لكننا لم نشهد في تاريخ الكرة الإنكليزية على قِدمِها وقوع حوادث من هذا النوع الإجرامي.

نتج من الحادثة المذكورة قرار من مجلس الوزراء المصري بتأجيل الدوري المحلي إلى أجلٍ غير مسمى، فيما قرر مجلس إدارة اتحاد الكرة تجميد قرار عودة الجماهير إلى الملاعب والسابق صدوره بالتنسيق مع وزارتي الداخلية والرياضة.

وقدم رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» تعازيه إلى الاتحاد والشعب المصريين، وعبر عن أسفه وحزنه لما حدث في ملعب الدفاع الجوي. وأكد أنه بانتظار نتيجة التحقيقات، مشيراً إلى تعاطفه مع أهالي القتلى الذين فقدوا أرواحاً في ملعب لكرة القدم.

وأضاف بلاتر: «من المحزن جداً أن يحدث ذلك في مباراة كرة قدم بينما من المفترض أن تكون مسرحاً للفرح والمشاعر الإيجابية». وتابع: «نحن في انتظار نتائج التحقيقات في هذه المأساة، ونحن مستعدون لتقديم أي مساعدة يحتاجها الاتحاد المصري في التعامل مع آثار هذه الواقعة وتبعاتها».

وقال بلاتر عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»: «احتفالات أمم أفريقيا 2015 أفسدت بعد سماع أخبار حزينة للغاية من مصر».

وشارك بلاتر الأحد، في حفل اختتام كأس الأمم الأفريقية 2015، التي أسدل الستار عليها بتتويج كوت ديفوار باللقب.

يذكر أنها المرة الأولى التي تحضر فيها الجماهير مباراة في الدوري المصري بعد 3 سنوات على مذبحة بور سعيد التي راح ضحيتها 74 شخصاً.

وعلى رغم هذه الأحداث أقيمت المباراة بشكلٍ طبيعي وانتهت بتعادل الزمالك المتصدر 1-1 مع إنبي صاحب المركز الثاني، قبل أن يعلن الاتحاد المصري ومجلس الوزراء إيقاف النشاط الكروي لأجلٍ غير مسمى.

وقال محمود الشامي عضو مجلس إدارة الاتحاد المصري: « من غير المفترض أن تتوقف المسابقة لأكثر من 10 أيام حتى لا تتضرر صناعة كرة القدم في البلاد».

ولا تبدو الكرة المصرية في أفضل حالاتها على الإطلاق فبعد الفوز بكأس الأمم الأفريقية ثلاث مرات متتالية بين 2006 و2010، أخفق المنتخب الوطني في التأهل للبطولة القارية ثلاث مرات متتالية أيضاً.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى