أفكار جهنمية… لكنها جمعتهم!
شهناز صبحي فاكوش
تشتتت أفكارهم، انفضت الجموع من حولهم، فعقدوا صفقاتهم مع الشيطان، سخروا أشباحهم حاكوا مؤامراتهم، رسموا… خططوا… نفذوا. وسيلتهم أفانين قتل وتدمير. ضحاياهم أناس ذنبهم أنهم انتموا إلى ذات بلادهم، وفي النهاية وصلوا لمرادهم.
سيناريو هوليودي هذا الذي صوّر فيه مشهد حرق الطيار معاذ الكساسبة. ـ كما إخراج فيلم برجَيْ نيويورك ـ احتسبته الأمة شهيداً لأنه ضحية منذ اللحظة الأولى التي أعطي فيها الأمر بالإقلاع من مطار عمّان.
لعلّ والد الرجل أكثر فطنة ممّن يحملون السياسة أسفاراً على ظهورهم، أو من أغبياء يحاولون التمثل بلبوس السياسة، ظناً أنهم أكثر فهماً من الآخرين.
اكتشف الرجل بحسّ فطرته الطيبة، أنّ ابنه أرسل كي يموت. وأنّ قوات التحالف هي التي ضربت طائرته حين كان يسدّد لإصابة أهداف حساسة لـ«داعش».
هل حقاً يريدون القضاء على «داعش»، أم أنّ لها أدواراً ومهام لم تنهها بعد ليصل رأسها إلى المقصلة، كما سابقاتها؟ من يأتي لاحقاً؟
من يعتقد أنه الذكي الوحيد، في الحقيقة هو الأكثر غباءً بين مخلوقات الأرض. حاولوا أن يروّجوا بالبروباغندا التي يمتهنون، أنّ طائرته ضربت بصاروخ داعشي، إلا أنّ الحقيقة كما في كل مرّة… ونستعيد الكرة بالتذكير.
أميركا تضحّي بالبرجين ومن فيهما لتتوّج ذاتها مناهضة للإسلام الإرهابي. وحامية للديمقراطية… يحتلّ بعدها بوش العراق بإجماع أغلبية شعبه المخدوع ومؤسساته، لأنه «يهدّد أمنه القومي» حسب ادّعائه. والحقيقة أنه طريق للوصول إلى نفط الخليج.
أما هولاند فهو وحده حكاية، يضحّي بـ«شارلي إيبدو»، ليكسب عطف شعبه المنفضّ من حوله، مصدّراً أزماته باتجاه الإرهاب، منصّباً نفسه حامياً للأقليات بدءاً من يهود فرنسا، يجمع العالم حوله، معلناً للرأي العام أنه سيكون رأس الحربة ضدّ الإرهاب.
مكسب سياسي داخلي وحجة للتدخل خارجياً. يكللها بإرسال «شارل ديغول» إلى منطقة الخليج، لترسو قبالة ميناء جيبوتي لمواجهة «داعش:. أفكار جهنمية سبيلها دم الأبرياء.
يَصدرُ الأمر بمنتهى البساطة للأردن لاحتواء الشرخ الحاصل في شارعها السياسي نصيحة تضحّي بعدها بطيارها الشاب، مشهد مروّع إجرام أكثر من نازي يفطر قلوب الجموع على مساحة العالم. يبدو أنّ والدته لم تحتمل فغادرت إلى حيث ولدها.
توحّد الجريمة على شناعتها ما بين مؤيد ومعارض، إسلامي وتقدمي. الضحية الكساسبة وحّد مواقف الأردنيين، وأعاد التفافهم حول حكومتهم والملك، في نسيان لمشاكلهم، وغاياتهم مقابل الأخذ بثأر اعتبره الأردنيون ثأراً جمعياً.
في كلّ مرة لا بدّ من ضحية، لهدف يستفيد منه المخططون المسؤولون، لكسب سياسي أو عسكري. في النهاية فتش دائماً عن المستفيد…
أوباما صدّر الربيع العربي، ضحّى بأمتنا كاملة، علّه الأدهى بين حكام بلاده. يمسك بخيوط جميع الدمى في مسرح العرائس الموالي له. قايض دماء شعبه بدمائنا. باعهم منتجات معامل سلاح بلاده. سعياً إلى إضعاف دول الطوق حول الكيان الصهيوني.
تجاوز اختناق الأزمة الاقتصادية. ناور طويلاً في الملف الإيراني النووي بين مدّ وجزر. ليأتي ردّ السيد خامنئي في النهاية إنْ لم يكن اتفاقاً وسطياً، فلن نوقع اتفاقاً سيئاً.
مرّةً بوش وثانية أوباما… هولاند، براون، ماكين، والآن بدأت الأمور تسير باتجاه دول المنطقة. تبدأ الأردن بتقديم قربانها ليبقى عرش المملكة ثابتاً. بعد الامتعاض لما تقوم به حكومتها، من فتح الطرق المختلفة لعبور الإرهابيين الحدود باتجاه سورية، وتدريبهم في معسكراتها. سورية التي تحتضنها قلوب الاخوة الأردنيين.
دم الكساسبة كان الجامع الأكبر، هل هو تبادل أدوار أم رغبة حقيقية لضرب الإرهاب؟ ثأر أدى إلى 56 طلعة جوية أردنية ضدّ «داعش». ما نتائجها؟
ماذا سيكون في السعودية مع الملك الجديد، ما موقف الإمارات؟ وهي تقدم طائراتها للأردن لحرب «داعش».
حتى روسيا لم تَسْلم من مؤامراتهم، شغلوها بأوكرانيا، يصرّح الرئيس بوتين لا نريد أن نشنّ الحرب على أحد ولا نقبل أن نُحكم من أحد. لا نقبل أن تتحكم أميركا بالعالم.
المستفيد الوحيد من كلّ ما يجري عالمياً وساحته منطقتنا، هو الكيان الصهيوني. الذي يحاول كسر الحزام في القنيطرة. بعد الضربة التي تلقاها في شبعا اللبنانية رداً على استهدافه رجال المقاومة في القنيطرة. هل يغامر صهاينة الاحتلال ثانية؟
نتنياهو يستفيد من «شارلي إيبدو» ويدعو يهود فرنسا لهجرة مكثفة إلى الكيان الصهيوني. وينتفض لمجرّد التصريح بأنّ الملف النووي الإيراني قد ينتهي إلى توقيع اتفاق. ويتعهّد بمنعه لأنه يؤثر على أمن الكيان. في محاولة كسب جولته الانتخابية.
مع كلّ أزمة في المنطقة تصدر القرارات ببناء مستوطنات صهيونية جديدة في الأرض المحتلة. لإشعار مستوطني الكيان بالاستقرار. وتصعيد المواقف خاصة عند ضلوعهم في عمليات عسكرية ضدّ سورية ولبنان. هل يستفيق العرب؟
الردّ دائماً بتحقيق المزيد من النتائج الإيجابية العسكرية على الأرض السورية والسير في ذات الوقت في طريق المصالحات الوطنية. وتعزيز مساعي الحوار الوطني عبر روسيا الصديقة. هذا ما ينجز في سورية وإنْ كان يغيظ أعدائها.
المقاومة السبيل الوحيد لإنهاء أزمات المنطقة، وتوحيد جبهاتها وقطع الذراع الصهيوني عند تدخله، ومحاربة «داعش» والإرهاب على كامل الأرض السورية.
من يخشى على بلاده من الإرهاب عليه بالضغط على تجفيف منابع دعمه عسكرياً ولوجستياً، ومنع دعمه مالياً. والتضييق على «داعش» أمر عاجل حيثما وجدت.