معارك الجنوب بداية انهيار مشروع سياج حماية العدو «الإسرائيلي»…

سعد الله الخليل

بالتزامن مع زيارة دي ميستورا إلى سورية ومساعيه كي ترى خطته بتجميد القتال في حلب النور، والتي يبدو أنه حصل على الضوء الأخضر من القوى الدولية للسير فيها، وفيما يجول المبعوث الأممي على المسؤولين السوريين لنقاش مبادرته، تخطف الجبهة الجنوبية الأضواء بعيداً عن دمشق، حيث تدور المعارك الشرسة وحيث يتقدّم الجيش العربي السوري في عمق مناطق سيطرة المجموعات المسلحة في ريف درعا، وللتزامن بين الحدثين دلالات لا يمكن تجاهلها… أولها مساعي المعارضة لتوسيع مساحة المبادرة وضمّ ريف دمشق والمنطقة الجنوبية إلى خطة تجميد القتال، وهو ما أكدته مصادر متابعة لجهود المبعوث الأممي.

باشتعال جبهة الجنوب يصبح للمفاوضات قوة نارية تصل إلى ما وراء الحدود، بعد انكشاف حجم التورط «الإسرائيلي» في الجبهات السورية، وهو ما أعلنته دمشق منذ اليوم الأول لانطلاق شرارة الأحداث في سورية، ويوماً بعد يوم تتضح تلك الرؤية وتثبت وجهة النظر السورية، فمساعي تشكيل جيش لحد سوري جديد، والتنسيق مع تنظيم أو تنظيمات مدعومة بشكل مباشر من «الإسرائيلي» يثبت يد تل أبيب التي أطلقت لقتال الجيش السوري في تلك المنطقة الاستراتيجية المتاخمة للجولان في معارك وعمليات أطلق عليها أسماء وتوصيفات من «صدى الأنفال» إلى معارك الجنوب بتنسيق عال ضمّ أكثر من 55 تنظيماً عسكرياً مسلحاً معارضاً بتعداد 30 ألف مقاتل مجهّز ومدرّب بتسليح نوعي كبير.

اليوم وبعد سيطرة الجيش العربي السوري على قرية دير العدس الاستراتيجية والتي تعتبر صلة الوصل بين كيان العدو «الاسرائيلي» وريف درعا بعد السيطرة على تل مرعي وبلدة الدناحي ودير ماكر والتلال الحاكمة في المنطقة، يفتح الباب لتحطيم طموح «تل ابيب» عبر تفكيك ثالوث النار في الجنوب والمتمثل بالأردن و«جبهة النصرة» و«إسرائيل»، ويكسر التنسيق اللوجستي بين هذه الأطراف الثلاثة.

لا يمكن فصل هذه المعركة عما سبقها من معارك وجولات، فبعد معركة نوى التي عزلت حوران عن التأثير «الإسرائيلي»، وردّ المقاومة القويّ على غارات القنيطرة في مزارع شبعا، فكما شبك العدو مثلث النار أتى الردّ بمثلث نار جديد من جبهة الجولان وشبعا واكتمال المثلث في جبهة درعا والقنيطرة، ولعلّ ولادة حركة المقاومة الوطنية في حوران حمو والتي وضعت نصب أعينها ضرب خلايا صهيونية وعملاء تحرّكهم غرفة عمليات أردنية، خير دليل على بدء انهيار مشروع جعل المنطقة الجنوبية سياج حماية للعدو «الإسرائيلي» وخاصرة رخوة في الجسد السوري.

المدّ السوري الميداني في الجبهة الجنوبية يأتي بالتزامن مع مواقف سياسية سورية بالغة الأهمية أطلقها وزير الخارجية وليد المعلم عن الدور الأردني بدعم مشروع الحرب على سورية وانفضاح مراميه وإصراره على لعب دور التابع الأميركي، فمن يحارب «داعش» في الرقة لا يدعم «جبهة النصرة» على حدوده، وكلاهما موضوعتان على لائحة الأمم المتحدة للمنظمات الإرهابية، ولا يمكن لمنطق أن يصدّق بوجود إرهاب صديق وإرهاب عدو، هذا التناقض وقف عنده الرئيس الأسد في لقائه الأخير مع شبكة «بي بي سي» بتوحيد المرجعية لكلّ التنظيمات الإرهابية التي تنهل من فكر الوهابية السعودية، وهو ما يضع الأردن والسعودية على محك مفهوم الحرب على الإرهاب بدعم «النصرة» ومحاربة إعلامية استعراضية لـ«داعش».

بين جولات السياسة ونيران الميدان خلاصات لا بدّ من الوقوف عندها، ولعلّ النداءات التي خرجت من مساجد بلدة تل الحارة في ريف درعا تطالب المسلحين بمغادرة البلاد، إحداها والتي تبدو كصوت صارخ في وجه من أراد تغييب هذه المنطقة عن الذاكرة الوطنية مستخدماً المساجد لإطلاق شرارة الحرب، فهل ستكون معارك الجنوب صرخة انتهاء الحرب واندحار تلك المجموعات ومعها حزام «إسرائيل» العازل وجيش لحدها السوري المتهاوي؟

«توب نيوز»

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى