بيونغ شول فيلسوفاً كوريّاً لامعاً معالجاً قضايا العصر

خدع بيونغ شول، مواليد سيئول، عاصمة كوريا الجنوبية عام 1959 ، أبويه حين قال لهم إنه مسافر ليكمل دراسته في الميتالورجيا علم الفلزات في ألمانيا، إذ سافر في الواقع لاستئناف شغفه الذي يتضمنه اسمه، إذ يعني رمز «شول» في الصينية، بحسب الصوت، «حديد» أو «معدن»، ويعني أيضاً «نور»، وفي الكورية تعني الفلسفة «شول هاك» أي «علم النور».

صحيفة «إيه بي سي» الإسبانية حاورت بيونغ شول الذي درس الفلسفة في جامعة فريبيرغ والأدب الألماني وعلم اللاهوت في جامعة ميونيخ وهو اليوم بروفيسور في الفلسفة والدراسات الثقافية في جامعة الفنون في برلين، وأحدث إصداراته «علم نفس السياسة» الذي يوجه فيه النقد إلى التقنيات الجديدة لسلطة رأس المال النيوليبرالية.

في مقالاته الأولى، مثل «مجتمع التعب» و«احتضار الإيروس»، يلح بيونغ شول على أن علم نفس السياسة يلجأ إلى «نظام السيطرة الذي، بدلاً من استخدام السلطة القامعة، يستخدم السلطة الجذابة والذكية سمارت التي تخضع الإنسان بنفسه لهذا التحكم».

هنا وقائع الحوار:

هل تعتقد أن الفلسفة نوع أدبي أو نظام علمي؟

ـ لا شيء من كليهما.

ما هي الفلسفة إذن؟

ـ سؤال شديد الصعوبة.

يقولون إن الفيلسوف الحقيقي مفسد للبهجة، ومكلف بنشر رسالة لا يريد أحد سماعها.

-أعتقد أن الذين يقرأون كتبي يشعرون بالصدمة مرات عديدة، البعض يقرأها مثل توراة، والبعض يهرب منها كأنها عمل شيطاني. كتبي تنفض اليقين الثابت الذي استراح له كثر، تلفت الانتباه إلى الجانب الداخلي القبيح، المختفي خلف قناع جميل. تعرّي الأوهام الحتمية. «مفسد البهجة» تعبير شديد الرقة.

تقول في كتابك «علم نفس السياسة» إن الحرية كانت حدثاً وإننا نعيش في وهم الحرية المضيء وإنها في الحقيقة ليست سوى عبودية طواعية للعزلة، ورغم أننا نريد أن نستيقظ فإننا لا نستطيع… هل واقعنا فظيع إلى هذا الحدّ؟

ـ نعيش حقيقةً في وهم الحرية. لسنا أحراراً ما يكفي. نلاحظ أن التواصل الذي يعتبر حرية يتحول إلى رقابة. التواصل والشفافية ينشئان التزاماً بالتراضي. لدينا انطباع اليوم بأننا لسنا كائنات خاضعة بل مشروع يتجدد دوماً، يعاد خلقه وتحسينه بلا توقف. المشكلة أن هذا المشروع، الذي يتحول فيه الفرد إلى كائن خاضع، يظهر مثل صورة مجبرة. الأنا كمشروع تظهر إجبارات الأنا الخاصة التي تنعكس، مثلاً، في زيادة الخنوع أو التفاؤل. نعيش في حقبة تاريخية خاصة تتكاثر فيها الإجبارات من خلال الحرية الخاصة.

لمَ كتبك صغيرة؟

ـ لمَ يجب أن نكتب كتباً ضخمة؟ يلجأ الكاتب إلى الكتاب الضخم لأن العبارات القليلة لا تسعفه، لذا أوجز العبارات لتكون كتبي أصغر كل مرة.

هل تساعد أعمالك عبر وضوحها على فهم اللحظة التي نعيشها؟ الناس تائهون تماماً وكتبك تنير لهم الطريق؟

ـ أصف في كتبي من أين يأتي هذا التيه. أفهم جيداً ما يحدث مثلاً في إسبانيا إذ تعاني ما عانته كوريا الجنوبية سابقاً، فبعد الأزمة المالية الأسيوية جاء صندوق النقد الدولي مثل شيطان ليمنحنا المال ويسرق أرواحنا. الكوريون يعانون الآن من سجن تنافسي هائل ومن الاستسلام. مع اختفاء للتضامن يعاني الناس الاكتئاب ومتلازمة بيرنوت. نسبة الانتحار إلى ازدياد وتصل كوريا إلى أعلى نسبة منه في العالم. لا يسع الناس تحمل الضغوط، وحين يفشل الفرد لا يتهم المجتمعبل يتهم نفسه، يشعر بالخزي وينتحر. تسببت الأزمة الاقتصادية بصدمة اجتماعية وأدت إلى عجز الناس وشللهم.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى