اختراعات «داعشية»

بلال شرارة

المسألة أكبر من إعدام الطيّار الأردنيّ معاذ الكساسبة على يد «داعش» حرقاً، إذ سبق لإرهاب «داعش» أن قام ولا يزال بحفلات إعدام جماعية لعناصر نظامية سورية ضباط وجنود ولمدنيين سوريين ولرهائن غربيين، كذلك لعراقيين، وأحرق وذبح العديدين أمام الرأي العام.

القاعدة «الداعشية» هي «كلّ من ليس مع داعش هو ضدّها أيّاً تكن طائفته أو مذهبه أو جنسيته».

«داعش» اختراع دولي إقليمي مهمته أن يكون «قرداً على بركتنا» ويدفعنا أكثر فأكثر إلى المطالبة بتطوير دور التحالف الدولي والسيطرة على جغرافيا بلادنا ومواردها البشرية والطبيعية.

«داعش» هي التعبير المختصر لاستراتيجية «الفوضى البناءة» وهي تقوم بدورها البشري والجغرافي دفعاً إلى تعزيز العصبيات العرقية والمذهبية والجغرافية الكونفيدرالية والفيدرالية .

أزعم أن «داعش» هي التعبير عن تمويه النوايا الدولية والإقليمية لحلف شمال الأطلسي وأرى أن خير تعبير عنه هو «حامينا حرامينا». صحيح أنه يضرب «داعش» لكنه يضربها من «الجو» وعلى أطراف أصابعها و»يصيب» هناك بالتأكيد. انها مناورة جوية ستستمرّ بالذخيرة الحية وستدمّر مواقع وتقتل أشخاصاً محليين أو غربيين أو دوليين يعكّرون أساساً صفو استقرار النظام الإقليمي والدولي والمتصدّي لقيادة العالم ولاستراتيجية الفوضى البناءة التي تهدف اليوم إلى إرساء الشرق الأوسط الجديد، وغداً إخضاع أوروبا العجوز، على ما يرى بريجنسكي ورامسفيلد .

يومياً ستنفجر سيارات ويُقتل بشر بالجملة في سائر الأقطار العربية، ويومياً ستستهدف مصر ولبنان والأردن الى جانب سورية والعراق ، ويومياً ستتصاعد التوترات والعنف في اليمن والبحرين، ويومياً سيحدث موت كثير في ليبيا وفي الجوار الليبي، ويومياً ستنشغل أفريقيا أكثر بالحرب ضد «بوكو حرام» لتأهيلها للخضوع لصورة الحركة الأميركية المادية ـ العسكرية في القارة البيضاء.

من حق الدول الكبرى أن تغلّب المصالح على المبادئ في عالم رأسمالي بأكمله، وأن تسعى إلى إحلال نظامها وسيطرتها هنا في الشرق اليوم وغداً في أفريقيا، وإشعال التوترات في أوروبا وجميع المشاكل النائمة عالمياً!

اليوم «داعش» في الشرق، ما هو الاختراع الأفريقي المشابه؟ هل هو «بوكو حرام»؟ وما هو الاختراع الأوروبي المشابه؟

العالم المتلاصق كلّه سيرقص على النيران التي تلتهب في خلاياه أو على أطرافه.

العالم البعيد، عالم حاملات الطائرات وعالم قطبي الثلج الجنوبي والشمالي وسهول الجليد بعيد وسوف لا يهتم لموتانا ولن يكون في إمكاننا أن نطاله. المطلوب أصلاً أن نعاقب أنفسنا على انقسامنا وقلة عقلنا، وأن نعلم أن البشرية مذ وجدت تخوض حروباً للسيطرة على سورية، وأن الخلاص هو الشرق أوسطي وشمال أفريقي، لذا يحاولون إلهاء مصر بحروب صغيرة ضدّ قيامتها.

رحم الله موتانا

متى ننهض إلى الحياة؟

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى