بوتين يحسم نصره في أوكرانيا ويعلن نهاية الحرب الاثنين الجيش السوري والمقاومة يحييان ذكرى مغنية في تل حارة

كتب المحرر السياسي:

نجحت موسكو في تمرير قرار تحت الفصل السابع لتجفيف موارد الإرهاب وإضافة اسم «جبهة النصرة» إلى جانب اسم «داعش» فيه، مع ضمان تصويت بالإجماع في مجلس الأمن الدولي، وفق نص يمنع دول الجوار من المشاركة في بيع النفط المنهوب من قبل «داعش» و«النصرة» من سورية والعراق، ومنع تسهيل المتاجرة بالآثار المسروقة، وتمّ هذا النجاح على إيقاع الانتصارات التي يحققها الجيش السوري على «جبهة النصرة» في جبهات درعا والقنيطرة، والانتصار الذي احتفل به الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في عاصمة بيلاروسيا مينسك، بعد مفاوضات استمرت لستة عشر ساعة مع الرئيس الفرنسي والمستشارة الألمانية والرئيس الأوكراني.

أعلن الرئيس بوتين نصره، ونهاية الحرب في أوكرانيا، وبالتالي خريطة جديدة لأوروبا وحلف الأطلسي، لا مكان فيهما لتهديد الأمن القومي الروسي، وتعني نعياً ضمنياً لخطة نشر الدرع الصاروخية التي كانت محور خلاف كبير مع واشنطن وعواصم الغرب.

قال بوتين في اختتام محادثات ماراتونية استمرّت نحو 16 ساعة في العاصمة البيلاروسية مينسك إنّ أطراف الرباعية استطاعت الاتفاق على الكثير من النقاط.

وأعلن بوتين أنّ مجموعة الاتصال الخاصة بتسوية الأزمة الأوكرانية وقّعت وثيقة تضمّ مجموعة من الإجراءات الخاصة بتنفيذ اتفاقات مينسك.

كما قال بوتين إنّ زعماء «رباعية النورماندي» أصدروا بياناً لدعم الإجراءات المذكورة.

وأكد الرئيس الروسي أنّ أطراف المفاوضات اتفقت في مينسك على وقف إطلاق النار في شرق أوكرانيا ابتداء من 15 شباط، وسحب الأسلحة الثقيلة من خط الفصل الحالي بالنسبة إلى القوات الأوكرانية ومن خط الفصل الذي حدّد في أيلول الماضي بالنسبة إلى قوات دونباس.

وأشار بوتين إلى أنّ الوثيقة تنصّ كذلك على إجراء إصلاح دستوري في أوكرانيا يضمن حقوق سكان شرق البلاد، إضافة إلى منح منطقة دونباس وضعاً خاصاً وحلّ المسائل المتعلقة على الحدود بالتنسيق مع قوات دونباس.

ودعا الرئيس الروسي طرفي النزاع الأوكراني إلى ضبط النفس ووقف إطلاق النار والفصل بين القوات من دون إراقة المزيد من الدماء.

واعتبر الرئيس بوتين أنّ الصعوبة الأساسية في المفاوضات الحالية كانت مرتبطة برفض كييف إقامة حوار مباشر مع ممثلي شرق أوكرانيا.

من جهته شكر الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند نظيره الروسي فلاديمير بوتين على دوره الكبير في إنجاح المفاوضات وتأثيره على قيادة جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين المعلنتين من جانب واحد في شرق أوكرانيا.

وقال هولاند في اختتام قمة «رباعية النورماندي» في مينسك يوم الخميس: «أشكر الرئيس بوتين على تأثيره عليهم في شكل مناسب».

كما أشاد الرئيس الفرنسي بجهود نظيره الأوكراني بيوتر بوروشينكو وسعيه إلى تسوية الأزمة.

وأشار هولاند إلى أنه سيشارك مع المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل يوم الخميس في قمة الاتحاد الأوروبي في بروكسيل، مؤكداً أنّ زعيمي البلدين سيفعلان كلّ ما في وسعهما من أجل دعم الاتحاد الأوروبي لاتفاقات مينسك الجديدة.

واعتبر الرئيس الفرنسي نتائج محادثات مينسك «انفراجاً كبيراً لأوروبا»، مشيراً في الوقت ذاته إلى ضرورة تنفيذ الاتفاقات التي تمّ التوصل إليها.

من جهتها رحبت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل بنتائج المحادثات التي اختتمت في مينسك، قائلة إنه «يوجد هناك الآن بريق أمل».

وأشارت الحكومة الألمانية في بيان لها إلى أنّ «هناك الكثير من العمل، لكن هناك الآن فرصة حقيقية تتطوّر الأمور نحو الأفضل،،وأكدت ميركل أنه يجب اتخاذ خطوات محددة لتنفيذ الاتفاقات التي تمّ التوصل إليها، مضيفة في ذات الوقت أنّ ذلك لن يمثل إنهاء النزاع وأنّ الأطراف ستواجه مهمة تجاوز «مزيد من العقبات الكبيرة».

وقالت المستشارة الألمانية إنّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين «مارس جهداً كبيراً» من أجل التوصل إلى اتفاق في شأن وقف إطلاق النار.

بالتوازي مع قطاف بوتين لثمار صمود روسيا وحلفائها في حرب أوكرانيا وحرب أسعار النفط، كانت النتيجة الأهمّ ثبات روسيا مع حلفائها في شرق أوكرانيا ورفض أي تسوية تتمّ على حسابهم، مقدّمة بذلك نموذجاً لمصداقيتها مع الحلفاء ورسالة لمن يهمّه الأمر في ساحات أخرى حول كيف تتصرف موسكو عندما يتصل الأمر بالوفاء بالتعهدات للحلفاء، وبذلك ضمنت روسيا من جهة مقابلة عدم انتشار الجيش الأوكراني على الحدود مع روسيا إلا بعد إنجاز التسوية النهائية بما فيها تعديل الدستور وإعادة تشكيل السلطة حيث يُفترض أن تكون الحدود مع روسيا ضمن مسؤوليات الوضع الخاص لشرق أوكرانيا.

وبينما كانت روسيا تفوز بتصويت بالإجماع على مشروعها حول تجفيف أموال الإرهاب وضمّ اسمي «داعش» و«النصرة» فيه، كان مجلس الأمن يواصل الدوران في الفراغ لاستصدار قرار حول اليمن لا يملك معطيات ومقدمات تسمح بتحوّله إلى حلّ للأزمة، فكلّ قرار يستهدف الثوار سيبقى حبراً على ورق، ويطيح بالحلّ السياسي وفرص التقدّم فيه، وكلّ تشجيع للحلّ السياسي، سيعني تسليماً من دول الخليج بالهزيمة الكاملة، لأنّ الحلّ كما يتبناه المبعوث الأممي من موقع ما يعلمه عن موازين القوى، سيعني تكريس انتصار الثوار ومنحهم الشرعية الدولية والدستورية.

الحدث الأبرز كان يجري في جبهة جنوب سورية، حيث يتابع العالم المعارك المتدحرجة التي يخوضها الجيش السوري ومعه قوى المقاومة، والنجاحات السريعة التي حققها تقدم القوات المهاجمة في المنطقة الوسطى الفاصلة بين محافظتي درعا والقنيطرة، والتي تتقاطع عند نقطة بيادر العدس التي حسمها الجيش السوري صباح أمس مواصلاً تقدّمه نحو تل حارة الاستراتيجي الذي سيطر عليه تحالف الاستخبارات الأردنية و«الإسرائيلية» مع «جبهة النصرة»، في عملية استخبارية في الخامس من تشرين الأول الماضي، وشكل سقوطه يومها بداية تقدم جماعات المسلحين من «جيش الجهاد» و«جبهة النصرة» و«كتائب حوران» لربط محافظتي القنيطرة ودرعا وفتح التواصل عبر الأراضي السورية، بين الحدود السورية مع الأردن والحدود مع الجولان المحتلّ.

تحل ذكرى استشهاد الحاج عماد مغنية القائد العسكري الأبرز في المقاومة، الذي سقط ونجله جهاد على الأراضي السورية، بينما يستعدّ رفاق السلاح من الجيش السوري والمقاومة لإحياء ذكرى مغنية في تل حارة الاستراتيجي، الذي تشكل استعادته من قبل الجيش السوري والمقاومة بداية كرة ثلج معاكسة تتيح المضيّ لبلوغ نقاط سهلة تسقط عسكرياً بسقوط تل حارة، باتجاه الحدود الأردنية في قلب درعا، وتتيح في المقابل للوحدات المعنية بمعارك القنيطرة التحرك وظهرها محمي لجهة الشرق.

هذا بينما يستعدّ اللبنانيون لسماع المعادلات التي سيعلنها السيد حسن نصرالله، في كلمته المنتظرة مساء الاثنين، في ذكرى الشهداء القادة، السيد عباس الموسوي والشيخ راغب حرب والحاج عماد مغنية، بينما عملية شهداء القنيطرة كما أسماها الجيش السوري تستمرّ لإنهاء الحزام الأمني الذي سقط شهداء القنيطرة لفتح الطريق نحوه، ويقول الخبراء الاستراتيجيون، إنّ السيطرة على تل حارة ستعني نهاية الحزام من جهة، لكنها من جهة أخرى ستعني سقوط الرهان على «جبهة النصرة» كوريث يجري الترويج له من «إسرائيل» والسعودية وتركيا وقطر للحلول مكان «الجيش الحر» الذي تبخر وجوده، وحصر الحرب على الإرهاب بـ«داعش» دون «النصرة»، بينما يسجل تغاض أميركي فاضح تجاه «النصرة» ومواقعها في ريفي إدلب وحلب، وتجاهلها في بيانات الحرب على الإرهاب.

وفي لبنان أيضاً مثلما هناك من يروّج لـ»النصرة» ويسوّق لها، فإنّ إنهاء «النصرة» في جنوب سورية يعني نهاية المشروع كله وجعل معارك جرود عرسال، والقلمون أسهل بكثير.

في لبنان أيضاً فشلت مساعي رئيس الحكومة تمام سلام لآلية عمل الحكومة، بينما بدا أنّ الوزراء الذين يمتلك كلّ وزير منهم حق الفيتو يتلذّذون بالفراغ الرئاسي، ويتبادلون الأدوار للحفاظ على صلاحيات لن تتكرّر فرص التمتع بها.

بين «العقلية والآلية»، تعرضت الحكومة لهزة جديدة أطاحت جلستها أمس ومعها شؤوناً حياتية واقتصادية، بعد نشوب سجالات حادة بين عدد من الوزراء حول آلية اتخاذ القرارات، رفع على أثرها رئيس الحكومة الجلسة.

ولفت وزير الإعلام رمزي جريج إلى أنّ سلام «يجري بعض المشاورات مع الأطراف من أجل البحث في تعديل الآلية التي اعتمدت في الأصل بالتوافق، وبناء على طلب طرفين من الأطراف الممثلة في الحكومة، ولكن بعد وقت تبين أنها تعرقل الحكومة، لذلك من المتوقع أن يسهل الرجوع عن اعتماد هذه الآلية في عمل الحكومة».

وكان الخلاف بدأ عندما طرح وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس مسألة المنطقة الاقتصادية في الشمال وتعيين مجلس إدارة من أجل هذه المنطقة، فحصل سجال بينه وبين وزير البيئة محمد المشنوق، ما دفع بالأول إلى الانسحاب من مجلس الوزراء وأيده وزراء طرابلس.

أما الخلاف الثاني، فوقع عندما تحدث وزير الاتصالات بطرس حرب عن التعطيل، وأشار إلى وجود قرارات لها علاقة بوزارته يتم تعطيلها، معتبراً أن حجز عائدات الخليوي في حساب خاص بالوزارة مخالف للقانون، فردّ وزير التربية الياس بو صعب متهماً حرب بأنه هو الذي كان يعرقل ويمنع التوقيع على عدد من المراسيم التي لها علاقة بوزارات يتولاها وزراء تكتل التغيير والإصلاح».

وقال بوصعب بعد الجلسة: «اضطررت لتذكير حرب بأنه هو من عرقل في السابق عمل مجلس الوزراء مرات عدة، كما عرقل توقيع مراسيم تابعة لوزارة التربية ليوقعها بعد شهرين. نحن لا نعامل بالمثل ولا نريد عرقلة أي عمل. نحن نسير بناء على طلب رئيس الحكومة بتوقيع كلّ المراسيم على أمل أن يتصرف الوزير بمسؤولية لتسهيل أمور الناس.

وكان وزير التربية أشار قبل الجلسة إلى «أنّ حرب هو من أبرز العوامل الداعية إلى المطالبة بتعديل آلية التصويت في الحكومة إذ إنه من المعرقلين في شكل مستمر». فيما عزا وزير الصناعة حسين الحاج حسن سبب المشكلة إلى «العقلية وليس الآلية».

وشرح بو صعب لـ«البناء» أسباب السجال مع حرب موضحاً «أن وزير الاتصالات عرقل مراسيم وزارة التربية لمدة 3 أشهر، وعرقل المراسيم الصادرة عن وزراء التغيير والإصلاح في وزارات الطاقة والخارجية والثقافة، ثمّ أجبر على التوقيع عليها. ولفت إلى وجود 3 مراسيم تتعلق بوزارة التربية لا يزال حرب يعرقلها، تحت حجج مختلفة، مشيراً إلى «أنه طلب أن يأخذ أحد الملف ليطّلع عليه بناء على رأي مجلس الخدمة المدنية وأعطيته إياه بانتظار ما سيعود به».

وكشف بوصعب «أن رئيس الحكومة أعلن أنه لن يدعو إلى جلسة مقبلة بانتظار إيجاد الحل المناسب لآلية عمل الحكومة». وقال: «لن نقبل أن نعطي البلديات 5 في المئة من العائدات ونأخذ الـ 95 في المئة الأخرى لندفعها للصندوق البلدي المستقل المديون للخزينة، كي تذهب لتسديد أموال سوكلين».

وتعليقاً على أجواء جلسة مجلس الوزراء المحمومة رأى وزير الصحة العامة وائل أبو فاعور أن «الحكومة ستبقى في حالة مد وجزر ولكنها محصورة»، مؤكداً أنه «ليس هناك قرار بهدم هيكل الحكومة».

خطة أمنية «باردة» للبقاع

على خط آخر، انطلقت فجر أمس الخطة الأمنية في البقاع الشمالي وتوجهت إليها، على رغم الطقس العاصف والبارد، عشرات القوافل العسكرية التي ضمت وحدات مشتركة من الجيش وقوى الأمن الداخلي والأمن العام. وطوقت فرق منها بلدتي حور تعلا وبريتال ونفذت عدداً كبيراً من عمليات الدهم بحثاً عن المطلوبين وأماكن تصنيع المخدرات ومخابئ السيارات المسروقة. وأسفرت هذه العمليات، بحسب بيان لقيادة الجيش، عن توقيف 10 مطلوبين وضبط 18 سيارة مسروقة.

وفيما أشارت مصادر مطلعة لـ«البناء» إلى «أن هدف الخطة ملاحقة الخارجين عن القانون والحد من الإخلال بالأمن، لا سيما أن اللبنانيين يعانون من سرقة السيارات»، شددت المصادر على «أن الظرف غير مناسب لخطة كهذه».

ولفتت إلى «أن منطق إجراء الأمن هو حيث تدعو الحاجة ويتيح الظرف، وليس لإرضاء بعض الأفرقاء، فهذا ليس أمناً إنما محاصصة، وهذا ما ظهر في اليوم الأول من الخطة، فهي فقدت عنصر المفاجأة، وغاب عنها الدعم».

في غضون ذلك، تستمر التحضيرات لعقد جلسة الحوار الجديدة بين تيار المستقبل وحزب الله والمرجحة الأسبوع المقبل في عين التينة. وفي السياق أكدت مصادر مطلعة لـ«البناء» أن الحوار الحاصل ليس شأناً محلياً فحسب وهو لن يتوقف، فهناك رغبة إقليمية وغربية باستمراره، لما له من انعكاسات على الاستقرار».

وفي موضوع متصل، أكدت مصادر تيار المستقبل لـ«البناء» أن الرئيس سعد الحريري سيركز في خطابه خلال إحياء الذكرى العاشرة لاغتيال والده الرئيس رفيق الحريري غداً، على أهمية الاعتدال والحوار والعيش المشترك.

ولفتت المصادر إلى أن قرار كتلة المستقبل قبول تعليق عضوية النائب خالد الضاهر صوب مسار الأمور، لا سيما أن تعرض الضاهر للرموز المسيحية كان سيئاً جداً «سنياً» لكتلة المستقبل «المعتدلة».

بري ممتعض من المراوحة في الاستحقاق الرئاسي

من ناحية أخرى، يعقد مجلس النواب جلسة عند الثانية عشرة ظهر يوم الأربعاء المقبل لانتخاب رئيس الجمهورية، ومن المؤكد أنها ستكون كسابقاتها من الجلسات لجهة عدم اكتمال النصاب.

وفي هذا المجال، عبر رئيس المجلس النيابي نبيه بري أمام زواره أمس، عن مرارته وامتعاضه من المراوحة في الاستحقاق الرئاسي على رغم كلّ ما بذله من محاولات لتأمين النصاب «لما لهذا الاستحقاق من بعد ميثاقي ووطني يمسّ انتظام حلقة الرئاسات التي تتوجها رئاسة الدولة».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى