أفعال خالد الضاهر توجب «تكريمه» أو محاكمته؟
جهاد أيوب
من حق المواطن اللبناني، أياً كان انتماؤه، أن يسأل ما دور الدولة بمن حملت، والحكومة بمن يتربّع على إدارتها، وبمجلس النواب الذي قرّر أن يمدّد لنفسه ففعل من دون منّة من الشارع. من حق كلّ من يعيش على الأراضي اللبنانية أن يسأل عن دور الجهات الأمنية المعنية بحماية الوطن من مستخدمي الألعاب النارية، وملاحقة مطلقي الرصاص ابتهاجاً، أو الجهات القضائية التي تسعى الى صيانة القانون ومنع الفتن، وكلّ من يستخدم الخطاب العنصري والطائفي والتحريضي من الاستمرار. ومن حق كلّ من صدّق بأنه في وطن نظامه وقوانينه تطبّق على الجميع، وأنّ سياسته البرلمانية ديمقراطية… أن يسأل عن واقع حال وخطابات وتصريحات وتحرّكات وأموال وأفعال وسياسات المواطن المصان والعفيف الذي أطلق على نفسه صفة الأنبياء، والحامي للديار، ومانع نشوب الحروب في لبنان، ومدرّب رجالات المقاومة، وأول مقاوم في تاريخ العرب، والصنديد الذي تخافه وتهابه «إسرائيل»، والنائب الألمعي الباحث عن حقوق المظلومين والمحتاجين والفقراء، وصوت «تيار المستقبل» في أصعب الظروف المذهبية خالد الضاهر!
من حقنا جميعاً أن نسأل كلّ أركان الدولة عن عدم تكريم هذه المنهجية الجبارة عند النائب الثاقب لمفهوم الوطنية والعيش المشترك خالد الضاهر، والذي لا ينطق بغير شحن عصبية من يصدّقه من الناس وبالشرّ وبالخراب ضدّ الجيش اللبناني والمسيحيين وبعض المسلمين ممّن لا يوافقونه الخط والرأي في وطن لم يعد يعرف مستقبله من ماضيه، فواجب الدولة أن تكرمه لأفعاله ضدّ العيش المشترك، وتحديداً ما صرح به منذ أيام على خلفية إزالة الشعارات والصور الحزبية من طرابلس، فهذا النائب «الجليل» الذي أسعد أصحاب المشروع العلماني جراء خطاباته المتطرفة مذهبياً وطائفياً، والساعية إلى شق صفوف الملتزمين دينياً ووطنياً، وربما في الصف الحزبي الواحد لا بدّ أن يكون لمجلس النواب اللبناني ردّ فعل على كلّ ما يتصرّف به، ولا ندري كيف لا يسارع المجلس إلى لجم أيّ نائب يعمل عكس سياسة الدولة والمجلس والبلد، فدور المجلس أن يكون الحافظ الأول لوحدة الوطن وكيانه، والسكوت عن كلّ هذا الذي ينطق به الضاهر من مخالفات للدستور الذي ينتهكه تعمّداً وغير مبالٍ بالنظام ولا بعواقب فعلته يصيبنا بحالة من الدهشة والغرابة، لا بل تحركاته الفضفاضة والمباشرة تتراكم حتى تصبح الشعلة الأساسية لحرب أهلية حينما تجد من يؤيدها في الشارع… من هنا حقنا على المجلس النيابي أن يلجمه!!
تيار المستقبل يدّعي انه «الاعتدال السنّي»، والعابر للطوائف، وفي الوقت ذاته لم يكن يحرك ساكناً إزاء تصريحات خالد الضاهر المنتمي بـ«فخر» إلى صفوفه الحزبية، وما قام به هذا الأخير لا خلاف على انه يصبّ ضدّ قرارات وزير الداخلية نهاد المشنوق، فهل كان التيار يبارك الصراع بين الضاهر والمشنوق لإعاقة مسيرة الأخير السياسية وتحجيم نجاحاته في وزارته، أم أنّ الصمت عن الضاهر كان جائزة ترضية لعدم توزيره، واعتراف بأنه يستحق التكريم الأكبر؟!
وزير العدل أشرف ريفي يلاحق مطلقي الرصاص في الأعراس وأعياد الميلاد ويتجاهل كلام الضاهر بكلّ سمومه الوطنية، ويبرّره بحجة «الحصانة النيابية»، فهل هذا يعني «أوسمة عدل» على صدر خالد، أو سننتظر حفلة كبيرة تقام على مسرح الأونيسكو تكريماً لجهود النائب الجبار؟!
باختصار، ولحزننا على الوطن والمواطن من خطابات وتصريحات ومواقف وأقوال الضاهر، وبعيداً من ظلم الآخرين، من حقنا المطالبة بإعطاء أوسمة الجمهورية بمختلف أنواعها إلى المواطن خالد الضاهر، وإلا على الدولة أن تتكرّم بإعلانه رجل الدولة الأول، والمواطن الأهمّ، والحامي لدستورها أو ترفع عنه الحصانة البرلمانية والسياسية كي يحاسب ويعاقب على أفعاله… خصوصاً بعدما أدرك مسؤولو تيار المستقبل أنهم ليس بمقدورهم الاستمرار في تغطية أقوال الضاهر وأفعاله المنافية لكلّ ما يُقال عن الاعتدال والوحدة والعيش المشترك!