تعاقب الحضارات شعراً ورقصاً وموسيقى
كتبت شذى حمود ـ دمشق سانا : في العرض المسرحي الراقص «بلاد الشمس» لمخرجه الفنان علي حمدان توليفة رفيعة المستوى من العناصر المسرحية التي قدمت على خشبة مسرح الأوبرا في دار الأسد للثقافة والفنون، وتضمنت هذه الاحتفالية الذي قدمتها فرقة «جلنار للمسرح الراقص» عرضاً بصرياً من عدة مستويات ذات علاقة بالصورة والأزياء والديكور والموسيقى والأناشيد والرقص والشعر، إضافة إلى المادة الدرامية التي أداها الممثلون على خشبة المسرح.
تمكن المخرج حمدان خلال خمسة وخمسين دقيقة من الانتقال بنا عبر عدة عصور مرت بها سورية، بدءاً باختراع الأبجدية على الساحل السوري في أوغاريت، وإلى الحضارات التي توالت عليها، سواء الفينيقية أو الآرامية، وغيرها من الحضارات. وبرزت قدرة وموهبة عالية لدى المخرج في قيادته الجموع الراقصة على صعيد الرقص والتمثيل، دامجاً بين الشعر والموسيقى والمادة الحركية التي اعتمد فيها على إبراز الجسد الراقص المتحرك في الفضاء والأزياء، إضافة إلى حرفية التعامل مع الديكور في مسرح مثل دار الأوبرا.
تميّز أداء الراقصين والراقصات بالخفة والرشاقة والتناغم مع الموسيقى، وتميزت كل لوحة راقصة بمشهدية بصرية خاصة عبرت عن جزء من تراث الحضارة السورية.
مخرج العرض ومدرب الرقص علي حمدان يختصر رسالة هذا العمل بالقول إنّ سورية ستبقى بلد المحبة والسلام رغم ما تعرضت له عبر التاريخ من الطامعين بحكم دورها وموقعها المهمّين، فبقوة شعبها وإرادته وتصميمه تجاوزت جميع المحن وكانت مثل طائر الفينيق، تنهض من قلب الرماد لتعطي العالم من جديد قمحاً وعلماً ومحبة ورسالات سماوية، فهذا قدر سورية أن تكون شمساً تضيء على العالم.
يوضح حمدان إن هذا النوع من العروض الذي شارك فيه أكثر من ستين راقصاً وراقصة وفناناً نادر، في سورية خاصة وفي البلاد العربية عامة، فأسلوب العرض مختلف عما قدمه سابقاً لناحية الفكرة والرؤية البصرية والإضاءة والديكور والأكسسوار والتمثيل.
من ناحيته، يقول سامر اسماعيل، مبتكر فكرة العمل وكاتب النصّ، إن «بلاد الشمس» استطاعت أن تبقى وتستمر رغم محاولات طيور العتمة إطفاء ضوء هذه البلاد، معتبراً أن هذه التجربة كانت جيدة للمخرج حمدان الذي نجح في جمع لغة الجسد مع عناصر الضوء والزي والدراما والمادة المرئية، جنباً إلى جنب مع موسيقى الفنان نزيه أسعد، مستكملاً بذلك مشروعه الفني الذي بدأه عام 1997 مع فرقته «جلنار». وفي العرض محاولة لإعادة هذا النوع من المسرح إلى الحياة الثقافية الفنية السورية، علماً أن ثمة فرقاً تركت البلد في هذه المحنة، إلا أن فرقة جلنار وأمية وبعض الفرق الأخرى الراقصة ظلت متمسكة بتقديم فن مسرحي راقص رفيع المستوى، بعيد عن الحس السياحي، وهذا النوع من المسرح يزاوج بين الجسد والمادة الدرامية.
أنشئت فرقة «جلنار» عام 1997 ويتجاوز عدد أفرادها أربعين راقصاً وراقصة من الأكاديميين، وهي تقدم الموروث الشعبي الذي يعبر عن العادات والتقاليد العربية عامة والسورية خاصة، وإيماناً منها بأن التراث ملك للجميع تسعى إلى الحفاظ على جوهره.
علي حمدان، مدير فرقة «جلنار للمسرح الراقص والكريوغراف» شارك في العديد من الأعمال والمهرجانات مثل جرش وبصرى الدولي ودبي والقرين الثقافي والدوحة الثقافي، وهو مدرّس مادة الفنون الشعبية في المعهد العالي للفنون المسرحية.