تقرير حرب النفط على المكشوف
مرفان شيخموس
ما هو الدافع وراء قرار «أوبك» عدم خفض الإنتاج النفطي؟ وهل يعكس انخفاض أسعار النفط عالمياً واقعاً جديداً في الإمدادات النفطية؟
لا تزال العلاقات السعودية – الإيرانية محدّداً رئيساً للصراع الإقليمي، ومردّ ذلك أنّ الرياض شرعت بنقل الصراع الإقليمي مع طهران إلى أسواق النفط العالمية.
صرّح وزير النفط السعودي علي النعيمي أواخر كانون الأول من عام 2014، بأنّ بلاده لن تتنازل عن برميل واحد من إنتاجها، وأنها ستستمر في الحفاظ على حصتها في السوق وحصة باقي الدول الأعضاء في المنظمة، وستكون خصماً شرساً، ولن يهدأ بال المملكة حتى تعود السوق إلى التوازن مجدّداً ويخرج كلّ المنتجين غير الأكفاء منها.
هذه ليست المرة الأولى التي تخوض فيها السعودية و»أوبك» حرباً نفطية، لكنّها هذه المرة حرب على المكشوف.
وبغضّ النظر عن الموقف الحقيقي للمملكة، وتأثيرها في سوق أسعار النفط، يبدو أنّ الغرب وروسيا، وكذلك إيران، لديهم قناعة تامة بأنّ السعودية تمارس تجاههم سياسة عقابية اقتصادية.
بالنسبة إلى الغرب، وبحسب صحيفة «تليغراف»، يرى خبير النفط البريطاني أيان وود أنّ انخفاض سعر النفط إلى أقل من 50 جنيه استرليني قد يؤدي إلى وقف أعمال التنقيب في بحر الشمال، ما قد يضيع نحو 6 مليارات برميل على بريطانيا، أي نحو ثلث الاحتياطي ويعرض البلاد لخسارة نحو 200 مليار جنيه استرليني.
أما بالنسبة إلى إيران وروسيا فالأمر سياسي، نتيجة لموقفَيْهما من سورية وقضايا كثيرة في المنطقة.
وفي السياق نفسه، قال الرئيس الإيراني حسن روحاني إنّ الدول التي تقف وراء انهيار أسعار النفط ستندم على قرارها، وإنّ السعودية والكويت ستعانيان من تراجع الأسعار أكثر مما تعانيه بلاده.
وبما أنّ حصة السعودية هي 10 مليون برميل يومياً، يرى تقرير صندوق النقد الدولي أنّ من المرجح أن تصل خسائرها إلى 21 نقطة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي، أي بخسارة تقدر بـ 150 مليار دولار. وذكر الصندوق في تحديث لتوقعاته لمنطقتي الشرق الأوسط وآسيا الوسطى أنّ الاقتصادات التي تعتمد اعتماداً كبيراً على صادرات النفط ومنها قطر والسعودية ستكون الأكثر تضرّراً من هبوط أسعار الخام أكثر من 50 في المئة، إذ سجلت المؤشرات الخليجية تداولات يوم الأحد 14 كانون الأول، تراجعات جماعية، مع مواصلة أسعار النفط تراجعها إلى مستويات متدنية، في حين تصدر إيران ما حجمه مليون ونصف المليون برميل فقط يومياً، واستطاعت أن تخفض اعتمادها على الصادرات النفطية لتصبح 50 في المئة.
عملت الولايات المتحدة الأميركية والسعودية جاهدتين على زيادة المعروض النفطي في الأسواق العالمية، وبالتالي التأثير السلبي في الاقتصاد الروسي مقابل تقديم التنازلات في الملف الأوكراني، لكنّ تراجع أسعار النفط في السوق العالمية سيمثل من جانب آخر تهديداً لتطوير النفط الأميركي الصخري الذي ينتج أكثر من 50 في المئة منه بالخسارة، إضافة إلى إغلاق العديد من الحقول التي بلغت نحو 61 حقلاً إضافة إلى خسارة قدرها 400 مليار دولار.
فهل الحرب النفطية لعبة مدبرة لإنهاء الدور السعودي بإنهاء قدرة المملكة المالية ومدخراتها وتعديل الخريطة بين الشركات الأميركية بالأوزان المالية، عبر إفلاس شركات النفط لحساب تكتلات أخرى؟
تبقى الاحتمالات مفتوحة على الأوجه كافة…