نادر سراج محاضراً عن «العربيزية»
ضمن موسمها الثقافي، استضافت جمعية «نينار» الثقافية في فندق «غبريال»، بيروت، الباحث الجامعي د. نادر سراج ليلقي محاضرة عن «العربيزية : النسق اللغوي الشبابي المستجد»، وحضر حشد من المهتمين.بعد ترحيب من السيد ألكس سماحة، قدّم السفير السابق بسام طربيه المحاضر، ثم تناول سراج هذه الظاهرة اللغوية الاجتماعية فعرّفها باعتبارها تداخلاً في نطاق اللغة الهجين، وشرح ظروف تشكلها وهوية منتجيها والقواعد المعتمدة في كتابتها وسياقات استخداماتها، وحذر من مغبّة الاسترسال في استخدامها على النطاق الكتابي بعدما غزت يافطات المحال والمقاهي والمطاعم. وربط سراج بين شيوعها وتعاظم تأثيرات أجهزة الهاتف الذكية وتكنولوجيا المعلومات، خاصة في صفوف مستخدميها الشبان، ودعا إلى مقاربتها كظاهرة فردية، فالمسألة تتصل أولاً وأخيراً بالنظرة القيمية للمجتمع إلى اكتساب اللغات الأجنبية.
أشار المحاضر إلى أن بروزها ورواجها يعودان إلى المحيط الذي يشجع أسبابِ التدافع اللغوي – الأجنبي منه أو الهجين- بغير حسابٍ أحياناً، ما ينعكس سلبا على التفاضلية اللغوية لدى الأبناء، فيهملون لغتهم الأمّ طمعاً باكتساب لغات حيّة والتمكّنِ منها تحادثاً وقراءةً وكتابةً وحتى دردشة بها ،أو بـ«العربيزي» التي تستند إليها في أحرفها وأرقامها اللاتينية المنشأ.
بعد عرض التأثيرات المتعاظمة للمحيط الاجتماعي، بوجوهه المتعدّدة العائلة، الرفاق، زملاء العمل، الجامعة وللوسائطية، في نشر هذا النسق الكتابي الهجين، بيّن د. سراج أنّ النزوع المتنامي نحو استخدامه نتيجة وليس سبباً، فهو محصِّلة لمنظومة اجتماعية مهيمِنة ولنظام سلوكي وتربوي متكامل. لذا، فالأمر لا يدخل بالضرورة في بابِ اضطراب السويّة اللغوية، أو التبعية الثقافية للغرب، أو المؤامرة المدبّرة ضدّ لغة الضاد، بقدر ما هو نتيجة منطقية للتهاون الأهلي منه والمجتمعي والمؤسساتي حيال مكوّن اللغة، وهو مكوّن أساسي من مكوّنات الهوية الثقافية. ولفت ختاماً إلى أن وعي هذه المسألة على نحو حقيقي، وتوظيفها في تفعيل العملية التربوية التعليمية، تحديداً ترشيد الناشئة لاكتساب مهارات كتابية سليمة، من شأنه الوصول الى فهم أعمق لسبل ووتائر التواصل عندهم. فتمكينهم من استخدام موارد لغتهم الأمّ للتعبير عن تجاربهم بحرية وصدقية وسلاسة يتعدّى وظيفة اللغة كوسيلةِ اتصالٍ وأداةٍ لنقل التجربة، ليصيب الجوهر، وهو التأكيد على الذات، وتشكيل حيّز تواصلي خاص.
تلت المحاضرة مناقشة شارك فيها الحاضرون.