ثلاث ثوابت مدعومة داخلياً وخارجياً لدعم استقرار مرحلة ما قبل انتخاب رئيس الجمهورية
يوسف المصري
غادر مبعوث الرئيس الفرنسي لحل أزمة الرئاسة اللبنانية فرنسوا جيرو لبنان، على أمل العودة بمعطيات جديدة في توقيت ما من الشهر المقبل. جيرو ليس ضامناً أن آذار سيشهد الترياق، ولكن خلاله يتوقع تضافر عاملين إيجابيين منتظرين أولهما اتضاح مسار تفاهم أميركي إيراني على الملف النووي، وثانيهما بلوغ حوار حزب الله تيار المستقبل آفاق جديدة على مستوى ثمراته العملية.
بانتظار «آذار الجميل»، تسود لبنان حال من الاستقرار المرشح للتمديد لفترة أطول في حال لم تنضج طبخة الرئاسة الأولى خلال الشهر المقبل، وهو أمر ينال نسبة أعلى في سلم الاحتمالات بخصوص تحدث الانتخابات الرئاسية أم لا تحدث في المدى القريب. وكشفت مصادر مطلعة لـ»البناء» أن مرحلة الاستقرار السياسي الحالية متفاهم عليها بعيداً عن الأضواء، وهي تقوم على ثلاث ثوابت أساسية وحاسمة:
الأولى، تتمثل ببقاء الحكومة السلامية مهما واجهت من مصاعب. بكلام آخر ممنوع فرط عقدها مهما بلغ حجم العواصف السياسية التي تحدث داخلها. وعليه فإن الوسيلة الوحيدة المسموح بها للرئيس تمام سلام للتعبير عن استيائه من حالات الشلل التي تسودها أحياناً، هو تقنية «رفع جلساتها» في كل مرة يحتدم السجال الخلافي بداخلها، والذهاب للمراجع الفاعلة من أجل معالجتها وإعادة عقارب ساعة حكومته للعمل من جديد.
في كواليس إقليمية معنية بالوضع اللبناني، يطلق على سلام لقب دولة الرئيس أيوب، ترميزاً إلى ميزة الصبر التي يتمتع بها، وهي ميزة مطلوبة برئيس الحكومة الحالي.
وتضيف هذه المصادر أن بقاء الحكومة هو قرار مطلوب دولياً وإقليمياً ومحلياً لغاية انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وقبل حصول هذا الانتخاب ممنوع على سلام الاستقالة وممنوع على أي طرف فرط الحكومة السلامية وذلك تحت طائلة مسؤولية ما يحدث في البلد في اليوم لمغادرة سلام القصر الحكومي الكبير.
ثاني هذه الثوابت يتعلق باستمرار الحوار بين حزب الله وتيار المستقبل الذي يجد حماسة محلياً وخارجياً كبيراً له، وينظر إليه على أنه أحد الثوابت الرئيسة الثلاث التي تضمن استمرار حالة الاستقرار في ظل ظروف البلد الحالية المتسمة بأجواء فتنة مذهبية في الإقليم واستعصاء انتخاب رئيس جديد للجمهورية.
وينظر إلى حوار الأصفر والأزرق بأنه سبيل مطلوب بإلحاح لبقاء لبنان بمنأى عن التحاقه بميدان الفتنة المذهبية الإقليمي. وإذا كان حزب الله يؤمن الشرط الشيعي فيه فإن تيار المستقبل مطلوب منه أن يؤمن الشرط السني بداخله. وهذا ما يفسر أن الرئيس سعد الحريري أصبح ضيق الصدر بأي محاولة لإطلاق النار على هذا الحوار من داخل معسكره. وفيما يحاول الرئيس نبيه بري أن يدفع بالحوار الثنائي الشيعي السني لمرحلة إسهامه بإنضاج طبخة رئيس الجمهورية، فان مصادر إقليمية تؤكد أن وظيفته من منظارها لا تشتمل هذا الأمر بالضرورة، بل تركز على هدف وحيد وأساسي وملح وهو النجاح في سحب فتيل الاحتقان المذهبي من الساحة اللبنانية وجعل الجماعات التكفيرية في لبنان يتيمة بالكامل داخلها.
وأبعد من ذلك فإن حوار المستقبل الحزب لديه من جانب المركب السني الرسمي العربي الإقليمي، وظيفة غير مرئيّة وهي إنهاء حالة التفاعل السني في لبنان داخل مناخ تركيا الإقليمي الذي كان برز لفترة في شكل نافر، وبخاصة عندما بدأت هجرة مشايخ سلفيين لبنانيين من طرابلس إلى أنقرة بوصفها عاصمتهم الإقليمية بدلاً من الدوحة أو حتى الرياض.
ولعل خطاب الرئيس سعد الحريري في البيال، تضمن فقرة هامة تضيء على الجانب الآنف، وهي قوله بضرورة السعي مع حزب الله لإنشاء حوار حول مكافحة الإرهاب. وتشي هذه الفقرة بحسب المصادر عينها حاجة المستقبل لدور مشترك مع الحزب لوقف تداعيات التكفيريين على الساحة السنية التي اخترقت في الفترة الماضية من قبل نفوذ تركي وقطري…
ثالث مثلث الثوابت المطلوبة في هذه المرحلة الممتدة حتى انتخاب رئيس جديد، والمرشحة لأن تطول تتمثل بإظهار أكبر التفاف سياسي داخلي وراء الجيش اللبناني في قتاله ضد الإرهاب ووقف كل تطاول عليه والغمز من قناته تحت هذا العنوان أو ذاك.