«ذاكرة الإسكندريّة الفوتوغرافيّة» كتاباً توثيقيّاً بالصورة للؤلؤة المتوسط

يروي كتاب «ذاكرة الإسكندرية الفوتوغرافية» لحسام عبدالباسط قصة المدينة من خلال الصورة، لكنها ليست صورة كأي صورة. إنها تحكي ما لا يستطيع ألف عالم أن يحكيه، ومن هنا كانت فكرة جمع الصور القديمة التي تحكي تاريخ واحدة من أعرق مدن مصر بل وأجملها. إنها الإسكندرية، أيقونة ملك الإسكندر، لؤلؤة البحر المتوسط، عاصمة المجد الإمبراطوري اليوناني القديم، وريثة الحكمة اليونانية، سلة قمح الرومان، ثغر العرب الأكبر.

يقدم عبدالباسط من خلال هذا الكتاب الصادر حديثًا عن مكتبة الإسكندرية لمحة عن فترة مهمة من تاريخ هذه المدينة في بداية نهضتها واستعادتها مجدها القديم الذي خفت لفترة وجيزة من عمر الزمان استمر لثلاثة قرون تحولت فيها الإسكندرية من عاصمة الدنيا إلى مجرد قرية صغيرة، واقتصر وجودها على منطقة الساحل عند الأنفوشي.

ويرصد الكتاب بالصور تاريخ المدينة في نهاية القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين، إذ كانت الإسكندرية مقصد كل شعوب البحر المتوسط بحثاً عن الرفاهية والرخاء ورغد العيش وتكوين ثروات من وراء التجارة والتعاملات في مينائها الكبير، ما أدى إلى نمو المدينة وازدهارها بصورة كبيرة، وتطورت أحياؤها القديمة كافة، وعرفت المدينة أول أشكال لتنظيم العمراني عن طريق إنشاء مجلس الأرناتو 1834، وهو يشبه جهاز التنسيق الحضاري في الزمن الراهن، وكان له الفضل الأكبر في تطوير المدينة وتخطيطها. كما يعرض بالصور لمرحلة مهمة من تاريخ المدينة، هي حادثة 11 تموز 1882 التي تعرضت المدينة خلالها للدمار الشامل، لكنها كانت بداية انطلاقة جديدة أكثر تميزًا للمدينة التي توسعت على أنقاض المدينة القديمة ومدينة العصور الوسطى.

نعاين من خلال الكتاب مجموعة من الصور النادرة التي تتناول أعمال توسيع وتعبيد العديد من الطرق المهمة داخل المدينة مثل طريق أبوقير المعروف حاليًّا بطريق الحرية، أو طريق رشيد كما كان يطلق عليه طوال العصور الوسطى، ومراحل إنشاء الكورنيش بين كامب شيزار والإبراهيمية وسبورتنغ، وإزالة الأضرحة من شوارع نيروتسوس، وإقامة الميادين والحدائق الجديدة وسط المدينة مثل ميدان المسلات أو محطة الرمل، وميدان القناصل، وميدان المنشية، وحديقة الشلالات المعروفة قديمًّا بحديقة الخندق.

كذلك يحكي الكتاب بالصور قصص أهم القلاع والحصون القديمة الموجودة في المدينة، ويعرض لمجموعة من أقدم المناطق الأثرية المكتشفة مثل معبد أبوصير، وحفائر أبومينا، ومقبرة كوم الشقافة، ومقابر الشاطبي والأنفوشي، وصور لأهم القصور الملكية مثل قصر رأس التين وقصر المنتزة، ولقطات لإنشاء قصر السلاملك. ويعرض أيضًا لأبرز ملامح النهضة الثقافية والتعليمية التي أدخلها الأجانب للمدينة، فيعرض لأهم المدارس والأندية والشواطئ والكازينوات التي أقيمت في المدينة في تلك الفترة، ويقدم بالصور لأهم المساجد والمعابد والكنائس المشهورة والمعروفة مثل جامع تربانة أقدم جوامع المدينة، وجامع البوصيري، وجامع أبو العباس، وجامع الشوربجي، وكنيسة سانت كاترين أكبر كنائس المدينة، ومعبد إلياهو حنابي في شارع النبي دانيال.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى