إعدام 21 قبطياً

روزانا رمال

تبقى واشنطن القائد العام للعمليات العسكرية التي يقوم بها التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب في الشرق الأوسط مهما تعدّدت الدول المشاركة وتنوّعت فيها ضمناً، بمعنى آخر فإنّ كلّ من يشارك في هذه الأعمال العسكرية يعتبر تلقائياً من الحلفاء الجديين للأميركيين في الانضمام او الانضواء تحت أيّ قرار او متغيّر ترتأي الولايات المتحدة أنه الأفضل للمرحلة.

تعرف واشنطن جيداً أنّ ارتهان الدول لها عسكرياً هو من أهمّ أشكال التبعية لها من خلال تكتل الدول حولها، وقد أسّست في هذا الإطار مجموعة دول ترتهن وتأتمر عسكرياً بأوامر واشنطن منذ عقود وبينهم من دعمته بالسلاح والعتاد، ومنهم مَن ورّطته في حروبها جزافاً لضمان اللحاق بها بعد التورّط.

أتت العمليات العسكرية الجوية التي نفذها طيران الحلف الاميركي غير متكافئة إنْ لناحية الضربات او لناحية الدول المشاركة والمواقف الواضحة وخشية واشنطن ان يكون بعض من رفض او تردّد في الدخول في هذا الحلف يبادر الى إعلان غير مباشر على الخروج من العباءة الأميركية أو بداية تحوّل في سياساته.

تركيا والأردن ومصر أبرز الدول الإقليمية الوازنة التي تردّدت في دخول التحالف، فما كان إلا وتعرّضت لاعتداءات مباشرة طاولت عسكريين او مدنيين منها، والمقصود الأردن وإحراق الطيار الأردني معاذ الكساسبة، وهو ما دفع بالأردن إلى تكثيف عملياته في التحالف، بعدما تردّد بداية، ليتبعه اليوم إعدام 21 عاملاً قبطياً مصرياً كانوا قد اختطفوا سابقاً في شهر ايلول في ليبيا.

لم تستطع مصر كما الأردن النجاح في مفاوضات إطلاق سراحهم على الرغم من اتصالات عديدة ومساع قام بها الرئيس عبد الفتاح السيسي في هذا الإطار.

الواضح أنّ المطلوب مما جرى وليس مصادفة هو إدخال مصر في التحالف الدولي الذي كانت قد رفضته، وبالتالي إعلان تبعية أمنية عسكرية مصرية كاملة لواشنطن بعد ما جرى من التباس في علاقات السيسي الجديدة مع خصوم أميركا.

لا شك أنّ للعملية أهدافاً متعدّدة، وقد تحقق أهدافاً غير مقصودة ايضاً، منها تهجير المسيحيين من الشرق كما حصل في العراق من أجل التخلص منهم كعائق وعامل إرباك عند الغرب في حال وقوع فتن مذهبية سنية ـ شيعية في المنطقة، ومن جهة أخرى تصويب على فشل السيسي او سياساته في عين خصومه واستغلال ما يجري لحشد الناس ضدّه، والمقصود «الإخوان المسلمين»، الا أنّ التركيز على إدخال مصر التحالف الدولي لإبعادها عن روسيا يبقى الهدف المبتغى.

الردّ على زيارة بوتين الكبرى الى مصر جاء سريعاً، فقد شعرت الولايات المتحدة بخطورة تموضع مصر الجديد وذهابها نحو أكبر خصوم الولايات المتحدة في العالم، وهي روسيا التي عبّرت عن كامل استعدادها للوقوف إلى جانب مصر في كافة المجالات والقدرات، ما استفز الولايات المتحدة سريعاً على ما يبدو فبرمجت توقيت الإعدام بدقة بعد الزيارة، وبعدما تبيّن أنّ السيسي ذاهب نحو علاقة جيدة جداً مع روسيا.

توريط مصر التي بدأت تنفيذ ضربات جوية على مواقع لـ«داعش»، في التحالف الدولي أو حتى توريطها في أيّ عمل عسكري في ليبيا تحت هذا العنوان، هو في العين الأميركية ضمانة لارتهان مصر للتحالف الغربي المناهض لروسيا.

واشنطن ردّت سريعاً على زيارة بوتين إلى مصر، فهل تنجح في إبعاد مصر عن روسيا بتوريطها عسكرياً؟

«توب نيوز»

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى