تركيا تدخل الحرب مع مصر بـ«داعش»… وليبيا ساحة الحسم
كتب المحرر السياسي
بقيت تردّدات إعدام تنظيم «داعش» في ليبيا لواحد وعشرين مواطناً مصرياً، والردّ المصري بقصف مواقع حدودية لـ»داعش» قرب الأراضي المصرية، موضع تقييم واتصالات على المستويين الدولي والإقليمي، حيث أجمعت التقييمات على اعتبار «داعش» مخلب تركيا الدموي لإيصال الرسائل، والتدخل في رسم خرائط الأمن القومي لدول المنطقة، حيث تواصل تركيا على رغم القرارات المتتالية لمجلس الأمن توفير مصادر التمويل والتسليح والإمداد، لإمارة «داعش»، وتأمين الممرّ للسلاح والملاذ للمقاتلين، وبات واضحاً أنّ أمن المنطقة يتوقف على حسم موقع تركيا، من اللعب المكشوف بورقة «داعش»، وصارت كلّ من الحدود السورية والعراقية مع تركيا بمثابة حدود للأردن ومصر والسعودية لمنع تمدّد «داعش».
ارتضت مصر قواعد اللعبة التركية، وذهبت لخوض القتال في ليبيا حيث التمويل القطري والإمداد التركي يجريان علناً لحساب جماعات «القاعدة»، بدلاً من قيام مصر بفتح الحساب مع الدول الراعية، وتحميلها بأمنها، واقتصادها وعلاقاتها الخارجية مسؤولية العبث الإجرامي، وتدفيعها ثمن التهاون في أمن دول كانت مهابتها تكفي لردع من يمكن أن يفكر في سرّه باللعب معها.
ليبيا تبدو ساحة حرب قادمة، ومصر تبدو ذاهبة إلى حرب استنزاف، ليست بعيدة عن التوظيف للتطويع، في ظلّ حسابات أميركية تسعى إلى ضمّ مصر بشروطها عضواً في التحالف الدولي للحرب على «داعش»، وتريد تلزيمها الحرب في ليبيا، وإبعادها عن تعميق التفاهمات مع روسيا.
الحرب على «داعش» كانت محور كلمة السيد حسن نصرالله، في ذكرى الشهداء القادة، أيضاً، معتبراً أنّ «داعش» منتج مخابراتي لإعادة صياغة خرائط المنطقة، واصفاً بالجنون من يترك بلده يصاغ على أيدي الآخرين، متوجهاً إلى من يطالبون حزب الله بالانسحاب من سورية بالقول، تعالوا معنا إلى سورية والعراق، كاشفاً ما تتضمّنه وثائق «داعش» من نوايا الوصول إلى المدينة المنورة ومكة، في المملكة العربية السعودية، لو استتبّ له الأمر في سورية واليمن، واصفاً صمود سورية واليمن، بالحماية غير المباشرة لدول الخليج.
كلمة السيد نصرالله
على رغم تجاهل الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في خطابه أمس بذكرى الشهداء القادة، مواقف الرئيس سعد الحريري في احتفال «بيال» أول من أمس، فقد ردّ ضمناً عليه من خلال استعراضه التطورات الجارية في لبنان والمنطقة.
وفي الموضوع الداخلي، دعا السيد نصرالله إلى «معاودة الجهد الداخلي الوطني لحلّ مسألة رئاسة الجمهورية وعدم انتظار المتغيّرات في المنطقة، والخارج، لأنّ المنطقة متجهة إلى مزيد من المواجهات والأزمات».
وأكد دعم حزب الله الحكومة ومواصلة عملها لأنّ البديل عنها هو الفراغ، وشدّد على أننا سنتعاطى بإيجابية مع موضوع آلية اتخاذ القرار، داعياً جميع الفرقاء للتعامل معه بإيجابية أيضاً.
وشجّع أيّ حوار بين أيّ مكوّنات سياسية لبنانية «لأنّ ذلك أفضل السبل المتاحة أمامنا»، مؤكداً «مواصلة الحوار مع تيار المستقبل الذي أنتج بعض الأمور الإيجابية التي كانت ضمن توقعاتنا ونأمل بأن نتوصل إلى نهاية إيجابية».
ودعا السيد نصر الله إلى تعميق العلاقة بين حزب الله والتيار الوطني الحر وعقد تفاهمات مشابهة على مستوى الوطن، مشيراً إلى أنّ «أهمية هذا التفاهم مع التيار تتكشف تباعاً».
ودعا السيد نصرالله إلى تواصل الخطة الأمنية في البقاع لكنه أشار إلى انه إلى «جانب الخطة الأمنية في البقاع نحن نحتاج إلى أمرين: الخطة الإنمائية للبقاع وحلّ مشكلة عشرات الآلاف من المطلوبين باستنابات قضائية تافهة ولأسباب بسيطة جداً».
وركز السيد نصرالله في خطابه على تهديد التيار التكفيري ليس لبعض الأنظمة بل لكلّ البلاد وكلّ الشعوب. ودعا الدول الخليجية إلى مقاربة ملفات المنطقة بطريقة أخرى لأنّ التهديد يطاول الجميع، كما دعا شعوب المنطقة إلى «أن تبادر كما بادرنا في سورية والعراق وألا تنتظر استراتيجيات دولية». واعتبر «أن من يراهن على الأميركيين يراهن على سراب وعلى من يتآمر عليه».
وردّ السيد نصر الله على من يطالب حزب الله بالانسحاب من سورية بالقول: «أدعوكم لنذهب سوية إلى سورية وتعالوا لنذهب إلى العراق وإلى أيّ مكان نواجه فيه هذا التهديد الذي يتهدّد أمتنا». كما أعرب عن تأييده الدعوة إلى وضع استراتيجية وطنية لمكافحة الإرهاب، والتنسيق بين الجيشين اللبناني والسوري لمواجهته.
وعن مواقف حزب الله الأخيرة من الحكومة البحرينية، قال الأمين العام لحزب الله «إنّ من ينتقد موقفنا ويعتبر أنه يسيء إلى علاقات لبنان مع دولة شقيقة، عليه عدم التدخل في سياسة بلد آخر لا سيما سورية. موقفنا من البحرين يجب أن يشكره كل حريص على بلد عربي ولا يحق لمن يتدخل في سورية عسكرياً وسياسياً أن ينتقد موقفنا السلمي في شأن الحراك في البحرين».
وأكد السيد نصرالله للعدو «الإسرائيلي» أن دم الشهيد عماد مغنية سيبقى يلاحقه ويطارده.
ووسط أجواء خطاب السيد نصرالله الهادئ داخلياً وخطاب الحريري الناري تنعقد جلسة حوار جديدة بين حزب الله وتيار المستقبل في عين التينة غداً لمتابعة البحث في الموضوع الأمني وتقويم الخطة الأمنية في البقاع.
لقاء عون وجعجع قريب
وفي شأن داخلي آخر، أكد رئيس المجلس العام الماروني الوزير السابق وديع الخازن «أن اللقاء بين رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع بات قريباً»، لافتاً بعد لقائه عون في الرابية إلى أنه «لا يمكن أن يحصل اجتماع بين العماد عون والدكتور جعجع من دون نتائج تكون ايجابية جداً على البعدين المسيحي والوطني». ورأى «أن الانتخابات الرئاسية تكتسب أهمية خاصة، لأنها ستحدّد في مواصفات الرئيس العتيد الدور المسيحي في الدولة والمنطقة».
ونقل زوار الرابية عن عون «تأكيده ضرورة إيجاد مخرج للفراغ الرئاسي بأسرع وقت ممكن بعد الانهيار المفاجئ على الصعيد الحكومي». وأشاروا إلى «أن هذا الأمر سيسرع من لقاء الجنرال الدكتور جعجع للوصول إلى توافق رئاسي، فضلاً عن البحث في ملفات أخرى لا سيما الوضع المسيحي في لبنان والمنطقة».
من ناحية أخرى، مددت ولاية الأمين العام للمجلس الأعلى للدفاع اللواء محمد خير ستة أشهر بقرار من وزير الدفاع الوطني سمير مقبل.
إدانة واسعة لذبح المصريين في ليبيا
إلى ذلك، أجمعت القوى السياسية من مختلف الاتجاهات في لبنان على إدانة العمل الإرهابي الذي أقدم عليه «داعش» في ليبيا بذبحه 21 مواطناً مصرياً، وأكدت «أن الحرب ضد الإرهاب يجب أن تكون واحدة وموحدة»، داعية إلى «التعاون الجدي لاستئصال الإرهاب والتطرف القاتل الذي يزرع الإجرام والرعب ويهدد الاعتدال والاستقرار».