الجيش السوري يقطع طريق تركيا حلب ويفك حصار نبّل والزهراء دي ميستورا: دعم مجلس الأمن بعد دعم الأسد… والائتلاف يرفض
كتب المحرر السياسي:
التطورات السياسية والعسكرية المحيطة بسورية، حملت المؤشرات على تقدم نحو منح حلب فرصة الاستقرار الأمني قريباً، وقطع يد التدخل التركي في أحيائها، وتوريد السلاح والمسلحين إليها، فقد نجح الجيش السوري عبر عملية نوعية بقطع طريق حريتان حلب الحدود التركية السورية، والسيطرة على مجموعة القرى التي تفصل حندرات عن مدينتي نبّل والزهراء المحاصرتين، وشكل هذا التطور المفاجئ والسريع، تغييراً جيواستراتيجياً في وضعية الشمال السوري كله، حيث صارت المجموعات المسلحة في عدد من أحياء العاصمة الثانية في سورية، أمام خيارات، القبول بخطة المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا، التي تقوم على إنهاء الوجود المسلح في هذه الأحياء ونشر وحدات من الشرطة فيها تمهيداً لتسوية وضع الأفراد المنتمين إلى هذه المجموعات، كما عرض دي ميستورا على مجلس الأمن، أو الإفادة من فرصة مغادرة الأحياء لمن لا يرغب، وإلا فسيكون الجيش السوري مستعداً لإكمال خطته المتدحرجة لإنهاء الوضع عسكرياً، كما تشير التطورات الأخيرة.
خطة دي ميستورا التي حازت دعم أعضاء مجلس الأمن، ومعها مباركة لرؤيته السياسية حول الدور المحوري للرئيس السوري بشار الأسد في أيّ حلّ سياسي، كانت بحسب العرض الذي قدّمه قد حازت موافقة الرئيس الأسد ومباركته، فيما كانت قيادات الائتلاف، بالتزامن مع عرض دي ميستورا أمام مجلس الأمن، تشنّ عليه هجوماً عنيفاً وتعلن رفضها لخطته السياسية والأمنية.
في لبنان يعود حزب الله وتيار المستقبل إلى الحوار اليوم، من حيث كانت قد انتهت الجلسة الأخيرة ما قبل خطابي السيد حسن نصرالله والرئيس سعد الحريري، من دون التوقف أمام ما تضمّنه الخطابان من مواقف، بينما شكل قرار وزير الدفاع سمير مقبل بالتمديد للأمين العام لمجلس الدفاع اللواء محمد خير وإعلانه العزم على التمديد لمدير المخابرات، سبباً لإعلان العماد ميشال عون سحب الثقة منه، ليردّ الوزير مقبل بما يؤكد ما تداولته بعض الأوساط عن التمهيد للتمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي بانتظار الاستحقاق الرئاسي.
فيما تعقد الجلسة السابعة من الحوار بين تيار المستقبل وحزب الله في عين التينة مساء اليوم، جاء رد كتلة المستقبل التي اجتمعت أمس برئاسة الرئيس سعد الحريري على كلمة الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله هادئاً بخلاف خطاب الحريري أمام جمهور البيال يوم السبت الماضي.
وفي مطلق الأحوال، أكدت مصادر في كتلة المستقبل لـ«البناء» أن الحوار بين الطرفين لن يتأثر بخطابي الأمين العام لحزب الله ورئيس تيار المستقبل، فالتيار لن يرد على طلب السيد نصر الله الذهاب إلى سورية، وحزب الله لن يرد على الرئيس الحريري بسحب لبنان من الساحة الإقليمية»، مشيرة إلى «أن الحوار نقطة تقاطع ولقاء وإصرار من قبلهما، مع علمهما بتواضع السقف الذي من الممكن أن يصلا إليه».
وشددت المصادر على «أنه لا مانع من الإبقاء على الاسترخاء في الداخل بانتظار التطورات الإقليمية». وأشارت إلى «أن جلسة الحوار اليوم ستشهد كالجلسات السابقة بحثاً في كل المواضيع المطروحة، إلا أن التركيز سيكون على تطبيق الخطة الأمنية بقاعاً»، لافتة إلى «أن البحث في سرايا المقاومة من دون جدوى لأنه لن يوصل إلى حل في شأنها». وإذ تحدثت المصادر عن «الملف الرئاسي سيبحث في الجلسات المقبلة مع الانتهاء من البند الأمني»، اعتبرت أن هذا الملف يتوقف على ما سمته «صحوة ضمير» عند رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون للقبول بانتخاب رئيس توافقي».
ارتباك في «المستقبل»
وفي السياق نفسه، توقفت مصادر مطلعة عند الصمت الذي سجل في الدائرة اللصيقة جداً بالرئيس الحريري الذي لم يبد أي إشارة ايجابية أو سلبية تجاه خطاب السيد نصر الله»، لافتة إلى «أن المواقف التي صدرت عن 14 آذار وعبرت عن رفضها واستهجانها لدعوة السيد نصر الله: اذهبوا معنا إلى سورية»، لم تصدر عن أقطاب أساسية في هذا الفريق كما جرت العادة».
ولفتت المصادر إلى «أهمية إضاءة السيد نصر الله على الخطر القادم من السلسلة الشرقية في منتصف آذار»، ورأت أن الانهيارات المتلاحقة في صفوف الإرهابيين في سورية، جنوباً وشمالاً، ومحدودية حركتهم، سيجعل من لبنان المنفذ الوحيد، وهذا يؤشر إلى أن المعارك ستكون شديدة الحماوة على الجهة الشرقية مع بداية الربيع».
وأكدت المصادر «أن كلام السيد نصر الله عن هذا الخطر في الحدود الشرقية كان السبب الوحيد وراء صمت نواب المستقبل، ما يعني أن الرسائل التي وجهها وصلت إلى بيت الوسط و14 آذار فأربكته، وهذه من المرات القليلة التي تحصل».
وكانت كتلة «المستقبل» اعتبرت أن مواقف الحريري «كانت صريحة وواضحة وحازمة في ما خص القضايا المطروحة من قبل تيار «المستقبل» وتؤكد الحزم في مواجهة الإرهاب والاستمرار بالحوار مع حزب الله على أساس احترام الدولة والتشديد على ضرورة انسحاب الحزب من سورية».
وشددت الكتلة «على ضرورة انصراف القوى السياسية للعمل على انجاز الاستحقاق الرئاسي».
وكان الحريري التقى مساء أمس في بيت الوسط رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط الذي قال في «تغريدة»على تويتر، انه «طالما هناك سوري واحد يقاتل النظام الإرهابي لبشار الأسد فأنا مع هذا السوري».
عون يسحب الثقة من مقبل
على صعيد آخر، تفاعلت أمس قضية تمديد وزير الدفاع سمير مقبل ولاية الأمين العام للمجلس الأعلى للدفاع اللواء محمد خير، فقد أعلن العماد عون سحب الثقة من مقبل «لتجاوزه الصلاحية في ممارسة الحكم والتغاضي عن المخالفات الممارسة»، ودعا الحكومة إلى «تصحيح هذه الأخطاء». وأبدى خشيته من «أن تصيب قصة التمديد كل الحكومة، وهذا الموضوع خطر لأنه يؤدي إلى تفكيك الدولة»، مشدداً على أن «هذا الوضع غير مقبول قطعاً، ونحن نعبر عنه من خلال سحب الثقة من مقبل».
واعتبر عون بعد ترؤسه اجتماع تكتل التغيير والإصلاح «أن الفراغ موجود والتمديد الذي يحصل غير شرعي، والحكومة تمدد لتعبئة الفراغ لكن الفراغ سيستمر لأن التمديد غير شرعي». وأشار إلى «أن القرارات التي تأخذها الحكومة غير ميثاقية وغير شرعية».
ورد الوزير مقبل على عون معتبراً أن التمديد للواء خير «واضح وقانوني مئة في المئة، واستندت في هذا القرار إلى المرسوم الاشتراعي 102 وإلى صلاحياتي كوزير دفاع».
وأوضح مقبل أن «مسألة التمديد لمدير المخابرات في الجيش من صلاحياتي حصرياً، والمادة 55 تضمن هذه الصلاحية للمصلحة الوطنية حيث تتخذ بعض القرارات». وقال: «نحن نريد أن ننتخب رئيساً للجمهورية ويجب ذلك، فالبلد لن يستمر من دون رئيس»، مضيفاً: «نحن الآن بحاجة للعميد شربل روكز وللعديد من الضباط».
حكومة تصريف أعمال غير معلنة
في غضون ذلك، لا يزال موضوع تغيير آلية عمل الحكومة عالقاً بانتظار التوافق على هذه الخطوة والذي يبدو بعيداً.
وأكدت مصادر وزارية لـ«البناء» أن وضع الحكومة مجمّد، لا بل مأزوم، وهي في حالة تصريف أعمال من دون الإعلان عنها». ولفتت المصادر إلى «أن التحركات التي يقوم بها رئيس الحكومة تمام سلام لم تؤد حتى الساعة إلى نتيجة، وكأن هناك نوعاً من التواطؤ على تفشيل عمل سلام، لا تفشيل الحكومة».
من جهته، أكد وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية نبيل دو فريج أن لا تقدم في الاتصالات التي يُجريها سلام مع الأطراف السياسية في شأن آلية عمل الحكومة»، مشيراً إلى «أنّ الآلية موجودة في الدستور كما نصّت عليها المادة 65»، مشيراً إلى أنّ بعض الأطراف في الحكومة يرفضون تطبيق المادة المذكورة «لأنها، على حدّ تعبيرهم، تُكرّس مبدأ أنّ البلد «ماشي» من دون رئيس جمهورية».